نجحت مسيرة المنتدى يوم الجمعة الماضي في حشد جمهور كبير نسبيا؛ نجاحا يعود لأسباب متعددة من أهمها اختيار منطقة سوق العاصمة كنقطة انطلاق و كمسار للتظاهرة؛ لأن: "محيط السوق يوفر أفضل فرصة لضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من البشر، حيث اختلط المتظاهرون بمن يكتظ بهم السوق و محيطه، حتى وإن كان هؤلاء لا ناقة لهمم ولا جمل فيما يجري. فمشاركتهم في الحدث السياسي تمت بغير قصد منهم بسبب تواجدهم بموجب عملهم أو بموجب الصدفة في نفس المكان و في نفس الزمان. بل إن الكثيرين منهم تضرروا من العملية"
. غير أن المحلل غالي ولد الصغير لا يرى أي نجاح في هذا الإقبال الجماهيري مهما كانت دوافعه أو حجمه ؛ بل على العكس تماما: يرى في المسيرة تعميقا خطيرا للهوة الفاصلة بين أعضاء المنتدى المحاوين مثل ولد بوحبيني و أنصاره من جهة، مع أجزاء المنتدى الأخرى الرافضة للحوار مثل احمد ولد داداه وأصدقائه من جهة اخرى : " و نجد أنّ غبار المعمعة انقشع عن نذر منافسة بروح المصارعة بين المنتدى من جهة والتكتل وإيناد من جهة أخرى؛ ويلهف خصومهم الآن إلى حشد مواز؛ يعبئ له التكتل ؛ ليزداد الشرخ ؛ وينقطع الوصل بينهم". و يخلص الكاتب إلى القول بأن المسيرة " سوف تدخل المنتدى في غرفة الإنعاش"، بعدما وصفها في بداية نصه ب:"موكب عزاء".
النص الكامل لورقة غالي بن الصغير :
"هل المنتدى دخل غرفة العمليات ؟ /غالي بن الصغير
قد عهدنا من الشارع الموريتاني أن لا يعجّ إلا بأقدام مغبرة في السياسة؛ وأن لا تمتلئ مناكبه إلا بحناجر تصدح لأمر جلل يطبخ في مرجل كواليس السلطة ؛ وعهدناه أيضا أن لا تصفق أياديه إلا لموسم انتخابي يوشك أن يحلّ.
ولهذا يتساءل بعضهم عن الأهداف الحقيقية وراء هذا الحشد الكبير لبقية المنتدى ؛ فشعار الأمن والمعاناة وفشل النظام؛ الذي يروجه دعاة المسيرة؛ قد لا يكون مفحما لدى المناصرين قبل المناوئين؛ فالشعار يحظى بمصداقية كبيرة في مضمونه ؛ لكنك كثيرا ما تجد بونا شاسعا بين الأقوال والمقاصد ؛ و أنت تعرف أنّ المعتبر غالبا الأخير منهما.
فتشرذم المنتدى اليوم أمام الملإ؛ وفشله الذريع في تماسكه؛ ولو تجلدا أمام الرأي العام؛ كانت نكسة لجميع أطياف المعارضة؛ ونصرا مؤزّرا للنظام؛ ومسيرته كانت أقرب إلى موكب عزاء يحمل فيه نعشه إلى مثواه الأخير؛ من مسيرة حقوق ونضال؛ لعلّها آخر مسمار يدقّ في نعش المنتدى.
وبهذا الإحساس الدفين؛وهاجس الإحباط الرهيب؛ كان لا بدّ لبقية المنتدى من إثبات وجوده وإظهار قوته على الحشد؛ وترميم ثقته؛ لعلّها تصدعت لدى المراقب البعيد والصديق القريب؛ وكأنّه يستبق طعن الخصوم ؛وحيرة الصديق وشمت النظام؛ فاستدعى هذا الحشد الكبير؛ ليثبت فيه شهادة حياته .
وكأنّه يسعى من وراء هذا الحشد إلى تعرية التكتل وإيناد؛ فشعارهما كان دائما لا حوار ولا احتجاج على حد قول أحد كتابه ؛هذا ما يوحي به الحشد؛ أو على الأقلّ ما فهمه بعضهم. وهنا كان لزاما على التكتل وإيناد أن يدافعا بشراسة؛ فقاطعوا وعبئوا لذالك وقارعوا في وسائل الإعلام؛ من خلال إعلان مقاطعة مسيرة المعارضة ؛ لأنّها ليست محلّ إجماع عندهما ؛ ولا يختلف عن القرار السابق بلقاء الوزير الأمين العام للرئاسة.
و أخيرا وبعد هدوء المعمعة نجد أنّ:
المنتدى نجح في استعراض قواه من جديد؛ وأثبت بجدارة قوته على الحشد؛ ومبارزة النظام ببسالة؛ولو بغياب التكتل وإيناد ؛فالمنتدى الذي أنهكه تراخي الحوار وتردده ؛وخرف الشيخوخة وخورها في بعض قياداته؛ واستبداد النظام ودهاءه؛ووهن بعض أعضاءه أمام المغريات؛ واعوجاجها عند أول صيحة؛جاء الحشد كاشفا للجميع عن عضلاته المفتولة؛ وأنّها ما زالت بخير.
و نجد أنّ غبار المعمعة انقشع عن نذر منافسة بروح المصارعة بين المنتدى من جهة والتكتل وإيناد من جهة أخرى؛ ويلهف خصومهم الآن إلى حشد مواز؛ يعبئ له التكتل ؛ ليزداد الشرخ ؛ وينقطع الوصل بينهم.
ومن المفارقة أنّ غبار المعمعة أنقشع عن حفاوة النظام وبهجته لهذه المسيرة؛ وحرصه على سلاستها؛ لأنّها سوف تدخل المنتدى في غرفة الإنعاش؛وبالتالي ينطبق شبهه بنبات الحسك؛ وهذا هو ما تريده السلطة من أحزاب المعارضة".
المصدر : (موريتانيا الآن)
تصنيف: