كورونا : ما زال أمامنا في موريتانيا الكثير.. والكثير..! (فيديو + تحليل)

لا شك أنه من دواعي السرور كون بوادر تنذر بخطر موجة ثانية من كورونا صدرت منذ يومين أو ثلاثة عن السلطات الصحية العليا في البلد. لكننا نرجو ألا يقتصر الأمر على ما تم الإعلان عنه من نصائح وارشادات؛

)

بل أن نكون قد استخلصنا فعلا الدروس من غفلتنا التي تسود منذ شهور عديدة؛ وكنا قد أطلقنا صفارات انذار قبيل عيد الأضحى الماضي[i] لتفاديها، ثم كررناها[ii] بعد ذلك مرارا[iii] وتكرارا[iv].

موجة ثانية.. أو أكثر...

الآن وبعدما انتشر الوباء من جديد في جميع انحاء الوطن أو كاد، فينبغي أن نتحلى بالحزم والشجاعة اللازمين بشكل يوقف الموجة الوبائية الحالية التي تجتاح العالم والتي ينال بلدنا نصيبه منها حسب الأرقام الصادرة عن الجهات المختصة. صحيح أن المعطيات الإحصائية المتوفرة تظهر أن وتيرة انتشار الوباء عندنا أخف مما يلاحظ في بلدان كثيرة.. وخاصة في بعض الدول المجاورة، مثل الجزائر والمغرب. غير أنه قد لا تدفع كثيرا هذه الملاحظة إلى الطمأنينة، إن نحن أخذنا في الحسبان بعض الفروق.   

أولا: تلك الدول تشهد تراجعا للموجة الثانية، أما نحن فإننا في بداية التعامل معها؛ مما دفع بموظف في قطاع الصحة في حديث معنا إلى القول، مستاءً من الوضع المتمثل في قلة الفحوص وفي إهمال الإجرءات الوقائية بأن "بلادنا ربما تعيش موجات وبائية متتالية دون أن نشعر بالخطر".  

ثانيا: على ضوء ملاحظة الموظف السابق الذكر وتأكيدا لقوله، فإن مقارنة الإحصائيات الصحية بين بلادنا وتلك الدول تبقى ناقصة وتفتقر إلى الدقة فيما يعنى وضعيتنا :  الفحوص قليلة في بلادنا، مما يجعل الإحصائيات تفتقد إلى المصداقية حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية لمعطيات فحوص كورونا في افريقيا[v]. ومع ذلك، فإن ما توفر منها عندنا يشير إلى ارتفاع متزايد في الإصابات اليومية.

ثالثا: تعتبر الإصابات في جلها -التي تم الكشف عنها في الأيام الأخيرة- "إصابات مجتمعية". أي أن مصادر العدوى غير معروفة؛ مما يشير إلى أن الوباء تفشى على نطاق واسع داخل الناس دون أن يُكشف أو تظهر اعراضه.

الحزم والصرامة في الإجراءات الوقائية...

كما فعلت السلطات، ينبغي فعلا التذكير بالإجراءات الوقائية المتبعة عبر العالم: التباعد الاجتماعي، ارتداء الكمامات، النظافة والتطهير... فالحث علي هذه الارشادات وحملات التعبئة حولها يجب أن تستأنف من جديد وبوتيرة عالية. لكن عمليات التحسيس ستظل ناقصة ما لم ترافقها إجراءات إدارية الزامية تفرض تنفيذها. من بينها: منع التجمعات وكل التظاهرات الشعبية ذات الطابع السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي... وفي هذا الصدد فإن الوضع الصحي المقلق الحالي يقتضي تعليق زيارات المسؤولين السامين في الدولة  التي قد ينجم عنها تجمهرات أو تجمعات للمواطنين... وهنا ينبغي التفكير في تنظيم النشاطات المخلدة للذكرى القادمة لعيد الاستقلال الوطني بشكل يحول دون خلق ظروف مؤاتية لانتشار العدوى: ربما يكون الغاؤها هو الحل الأنسب.

دخول معركة سباق التلقيح...

لقد صار من شبه المؤكد أن السباق نحو لقاح ضد كورونا أثمر تنائج إيجابية أدت إلى انجاز لقاحات ضد كوفيد 19 سيبدأ تسويقها في أشهر قليلة: مع بداية السنة المقبلة حسب جل التوقعات. وقد بدأت الدول في سباق محموم للحصول عليها، فرادى وجماعات. فدول الاتحاد الأوروبي مثلا تنسق جهودها في هذا السبيل. وقد خصصت اللجنة الأوروبية مبالغ كبيرة لهذا الغرض مع أن كل واحدة من اعضائها تعمل جاهدة من جانبها لكي تكون من أول الحاصلين على اللقاح.

ولستُ على اطلاع بما قام به الاتحاد الافريقي في هذا المنحى. ورغم أنني أتوق إلى أن لا تتأخر قارتنا عن السباق، فإنني اخشى عليها كثيرا. لذلك فإنني ارجو أن تحمل دولتنا المشعل وتدعو الحكومات الافريقية إلى الإسراع في الحصول على اللقاح. وعلينا أن نعطي المثل الأحسن. فيجب أن نسارع إلى البحث عن الطرق والآليات التي تمكننا من أن نكون بين الأوائل فيما يعني الحصول على تلك المادة الغالية. ومن الأجدر بنا في هذا السبيل أن ننسق جهودنا مع الدول الافريقية والعربية الشقيقة التي قطعت اشواطا في هذا الاتجاه. ونذكر منها -على سبيل المثال ولا الحصر: تونس، المغرب، الإمارات العربية المتحدة، السعودية... إلخ.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)  

     

 

تصنيف: 

دخول المستخدم