طالعت في أحد المواقع الوطنية المحترمة منشورا تحليليا يتعلق بأسباب انسحاب نائب الطينطان من حزبه السابق ^ تواصل ^ ، لقد كان الموضوع مجرد رأي لا غير وإن حاول مقدمه أن يلبسه ثوب الخبر اليقين !؟
وتعرفون جيدا الفرق الكبير والتمايز البين ما بين ثنائية ( الخبر والرأي ) ؛ التي تعد جوهر القضية الإعلامية وركيزتها الأساسية؛ وتعرفون كذلك أن *الخبر* مقدس : فهو الذي يقدم حادثة ما على حقيقتها دون تحليل أو إبداء آراء شخصية ، ويتفق الجميع في الوصف وإن تعددت زوايا النظر ؛ أما *الرأي* فهو تحليل يختلف من شحص لآخر وإن اتحدت زاوية الرؤية، وكان الحدث واحدا مشاهدا من الكل في لحظة واحدة؛ أو متعاملا معه من نفس المسافة .
لقد عزا هذا الموقع انسحاب *النائب* إلى أنه جاء بعد علاقة دامت لعدة أشهر مع *الوزير الأول* .. وما العيب في ذلك ؟ ، إن نجاح السياسي في استقطاب معارضيه والتأثير في مواقفهم هو النجاج المنشود والهدف المطلوب، ونجاح *الوزير الأول* الذي يعتبر ركنا متينا في النظام القائم؛ نجاحه في تحويل خصوم النظام إلى مساندين له ونقلهم إلى دائرة الأصدقاء؛ يعد مكسبا ثمينا ينبغي أن يقف عنده الجميع بشيء من التأمل، خاصة أن هذا الوافد ثمين ومؤثر، فالنائب المذكور له حجمه الخاص والكبير؛ الذي يجعل منه رقما معتبرا في سوق المال والأعمال والسياسة والتأثير الاجتماعي؛ الذي بنى الرجل فيه مجدا لنفسه قبل حزبه من خلال أُعْطِيّاته السخية ، وبذل الخير للفقراء والمحتاجين وعزوفه عن راتبه لصالح فقراء منطقته..
أما كون العلاقة بين الرجلين بُنِيّتْ على استغلال *النائب* من أجل إفشال الحوار فهذا تحليل نابع من الأمعاء وليس الأدمغة..!؟ ، وذلك لعدة أسباب من أظهرها أن النائب رمز سياسي وليس إمعة ؛ وهو على مستوى كبير من العقل والاتزان ولا يوجد في ضائقة مالية ولا هو بممسوك في جريمة أخلاقية .. إذا ما الذي يدفعه إلى أن يتخلص من حزبه ؟ إن لم يكن هناك اختلاف في وجهات النظر تنامى وتنامى ثم استفحل وظهر ، و أوصل الأمر إلى الحد الذي إليه وصل.
أما كون النائب خضع بفعل ضغوط مترتبة على كشف خروقات في أدوية مستوردة من طرف شركة أدوية تابعة للرجل ؛ فهذا يمُجٌّه العقل ؛ لكون الرجل شخصية ذات خلفية إسلامية صادقة ؛مبنية على مبادئ الإحسان الذي عماده المعاملة مع الرحمان قبل بني الإنسان ، ثم إن هذا الادعاء لو كان له حظ من الصحة لأُوْدِعَ الرجل السجن دون تردد ؛ فوزن الرجل سياسيا -عند النظام- وإن كان جد معتبر إلا أنه لا يشفع له في ممارسة المخالفات والنجاة بها ، ولنا في ملف *الخزينة* و *سونمكس* أقرب مثال ..
قد نتفق على أننا قادمون من بعيد حيث اللاّ دولة وحيث المجتمع الذي تتحكم فيه الروابط القبلية والتحالفات الجهوية وكل ما يدور في ذلك الفلك ؛ لكننا منذ زمن غير بعيد بدأنا نَدْلِفُ إلى إرساء دعامات الدولة المتماسكة ؛ لن أقول أننا وصلنا ذروة النجاح وتمام الألق؛ كلاّ ، لكننا نسير بخطى ثابتة ؛ تجعل من إقامة المشاريع أولوية ومن البنى التحتية قضية ومن المفسد منبوذ ومن المختلس شيطانا مطرودا .. وهلمّ جرّا.
إن تعطيل الحوار لا يمكن أن يكون هدفا عند *الوزير الأول* ولا عند أي موال ولا حتى معارض ؛ فالحوار هو الحل الحضاري الناضج لكل المشكلات وهو الجسر الضامن للتلاقي ، وما ذهبتم إليه في هذا التحليل من خشية الرجل على مكانه ورفضه للحوار ؛ مجرد تحليل منبعه غير الأدمغة وروافد التفكير ؛ وببساطة شديدة إذا حدث وأن حصل حوار فإنه يدعم موقف الحكومة ويقوي وجودها، وتعرفون جيدا أن تغيير الحكومة غير مطروح وتوظيفه في الدعاية للحوار أمر مرفوض ولقد أبان الوزير الأمين العام للرئاسة في خرجته الإعلامية الأخيرة عن ذلك وذكر أن حكومة توافق غير مطروحة لأن الانتخابات تُعْنَى بها لجنة مستقلة ولا علاقة للحكومة بها من بعيد أو من قريب .
إن كل ما ورد في هذا المنشور الصادر عنكم مجرد تحليل ؛ أرجو أن لا يكون الهدف منه التضليل للرأي العام أو التطبيل لشيء موغل في الإبهام.
عثمان جدو
تصنيف: