أثبت الكاتب بيروك وجوده فى الساحة الثقافية الدولية بشكل متأخر نسبيا، وذلك في سنة 2006 وكان حينها يناهز سن الخمسين. وتعتبر أعماله الأدبية التي نشرت مفخرة لبلادنا وهي تضم أربعة نصوص من بينها ثلاث روايات هي: ونسيت السماء أن تمطر، ومطرب الأمير، وطبل الدموع.
كانت باكورة أعماله و"نسيت السماء أن تمطر" لمسة مبدع، ولم تخطئ عيون النقد ذلك فرحبت بإجماع بميلاد كتابة واعدة، خاصة أنها مفعمة بالقيم المستوحاة من الواقع المحلي مع أنها لا تخلو من أصداء كونية؛ قيم الفروسية، الفروسية المفرغة من العوارض المبرزة للشخصيات والتي وإن كانت تتخذ من قبيلة صغيرة تعيش فى الصحراء مرجعية لها، فإنها مع ذلك تمثل أصداء وتعددات وجدانية مدوية ذات قابلية لأن تتلقفها المسامع؛ مفتوحة على كل أجزاء الكون. كانت رواية ونسيت السماء أن تمطر محاولة أولى ناجحة كما أسلفت وقد لقيت من الترحيب ما تستحقه كلحظة إبداع أنجبتها قريحة ملهم بارع، تكمن ميزته الأولى قبل كل شيء في الأسلوب، فالمواضيع تشد القارئ كلها ــ مع مراعاة الفارق ــ ليست سوى مبرر لإبراز أسلوب يستحق بمفره أن يشكل رواية، رواية ما كان لها أن تقوم وتستقيم لولا قوة الأسلوب كما قال فلوبير ذات يوم متحدثا عن روايته المشهورة: التربية العاطفية.
يوجد في الرواية البيروكية اتصال وتكامل نوعي (من النوع الأدبي). فكل رواية من رواياته مستلهمة من نمط أدبي وضاربة الجذور في تقليد يجمع في الوقت ذاته بين القدم السحيق والعالمية الحديثة، ويطفح بالشاعرية الفياضة. قصة ونسيت السماء أن تمطر هي كذلك رواية ضاربة بجذورها في السرد الميتولوجي (الأسطوري). إن الفارق بين لولة، بطلة الرواية وآنتغونAntigone لسفوكل طفيف إلى أبعد الحدود. أما مطرب الأمير فهو يذكرنا بكل القصص والأساطير الشرقية والإفريقية التي تحكي عن المفازات والغابات والصحاري كما تذكر ببعض قصص آمادو كومبا وبألف ليلة وليلة إن لم تحمل خيال القارئ إلى ملحمة الماندينغ.
وأخيرا فإننا نجد فى "طبل الدموع" كل ما يذكر بالملحمة والتراجيديا. نجد فيه الحتمية والقضاء والقدر وسمو الروح والمشاعر النبيلة.
----------------------------------------------------
⃰الدكتور جاكانا أمبو ستا، ناقد وأستاذ الأدب الموريتاني المكتوب باللغة الفرنسية بجامعة انواكشوط وأمين عام رابطة الأدباء الموريتانيين باللغة الفرنسية.
تصنيف: