رابطة الكتاب الموريتانيين باللغة الفرنسية تكرم الكاتب أمبارك ولد بيروك.

تم ليلة الأحد 25 من الشهر السادس 2016 بمطعم دليس "Le Délice" حفل أقامته رابطة الكتاب الموريتانيين باللغة الفرنسية لتكريم الكاتب الروائي أمبارك ولد بيروك الذي فاز بجائزة أحمد كروما للأدب.

وقد حضر الحفل أدباء وصحفيون ورجال ثقافة ودبلوماسيون من بينهم السفير الفرنسي.

وقد تتالى على المنبر متدخلون عدة ننشر لكم بعض مداخلاتهم مترجمة وسوف نبدؤها بخطاب الجامعي  الدكتور محمد بن بوعليبة رئيس الرابطة وأستاذ الأدب المقارن بجامعة أنواكشوط، وتليه مداخلات السادة الأساتذة الكتاب حول أعمال الرجل.

" سيداتي، سادتي

اسمحوا لي أولا بأن أتوجه إليكم جميعا بأصدق التشكرات على حضوركم لهذه الاحتفالية رغم تأخر الوقت المحدد لها والإكراهات المرتبطة بشهر رمضان المبارك؛ و هو ما يمثل بالنسبة لي شرفا أعتز به.

إن الحدث الذي يجمعنا هذا المساء وهو تخليد الكتاب الموريتانيين باللغة الفرنسية لحصول واحد من أبناء وطننا، الروائي أمبارك ولد بيروك، على جائزة أحمد كروما للأدب لسنة 2016 ؛ هذا الحدث الهام يستحق فى نظرنا أن نحملكم عناء الحضور بعد يوم من الصيام في ظروف مناخية صعبة، تقبل الله صيامنا وصيامكم وضاعف لنا ولكم الأجر. لقد كنا نرغب في تنظيم هذه الاحتفالية مباشرة بعد إعلان الخبر السعيد، لكن ظروفا قاهرة حالت دون ذلك.

سيداتي، سادتي

إن رابطة الكتاب الموريتانيين باللغة الفرنسية لتعتز وتتشرف بأن يكون الكاتب أمبارك ولد بيروك أحد أعضائها المؤسسين وبأن يتحقق، بفضل السمعة التي تجلبها هذه الجائزة لكاتب طبل الدموع، أحد الأهداف التي رسمت الرابطة لنفسها ألا وهو الرفع من مستوى الآداب الموريتانية ونشرها عبر العالم. ولا تزال رابطتنا تسعى إلى تحقيق أهداف أخري من بينها:

مؤازرة وتوجيه ودعم الكتاب الموريتانيين، وتشجيع التلاقي وتبادل الأفكار بين الكتاب والنقاد من جهة وجمهور القراء من جهة أخرى. ففكرة التلاقي وتبادل الأفكار من صميم الأهداف التي تتوخاها الجمعية من أجل تشجيع التواصل وتبديد الأفكار المسبقة وترسيخ ثقافة حب الأدب الرفيع.

كما أن تلقف العمل الروائي لصديقنا بيروك وما نال من نجاحات تشهد عليها الجوائز المتلاحقة التي حصدها والتي توجت هذه السنة بجائزة أحمد كروما، كل ذلك يمثل تجسيدا رائعا لعناق الأدب الموريتاني باللغة الفرنسية بالأدب العالمي، ويترجم النجاح الذي يكتسبه الحدث الأدبي الموريتاني يوما بعد يوم.

ونحن فى رابطة الكتاب الموريتانيين باللغة الفرنسية مقتنعون بأنه من أجل أدب وثقافة وطنيين يتسمان بالحيوية يتعين على بلادنا أن تخطو خطوة نحو الآخر لأن كل دينامية ثقافية هي بحاجة إلى التواصل وتبادل الخبرات والتجارب.

لقد كانت الحداثة الثقافية الأروبية في زمننا اليوم نتاج تلاق وتلاقح مع الثقافات الأخرى: فلقد بلغ كوكين Gauguin قمة إبداعه في أرض بلينيزيا فى أرض جميلة كان يعتبرها جنة حيث كان يسعى وراء المتعة الروحية والفنية.

غير أنه لم يكن الوحيد الذي ألهمته الثقافات الأخرى: فالمذهب التكعيبيle cubisme  قد نشأ من رحم لوحة آنسات آفنيون Demoiselles d’Avignon وهي اللوحة التي رسمها بيكاسو Picasso متأثرا بالفن الزنجي؛ ذلك الفن الذي ترك أيضا بصمات في المجال الأدبي لدى السرياليين. ولقد ظهر المسرح الجديد في فرنسا بعد إدخال مؤلفي المسرح من شمال أروبا استرنك برك Strindberg وإبسن Ibsen وكذلك بعيد اكتشاف المسرح الباليني (المسرح الفظ) والفن المكزيكي  mexicain من قبل آنتونين أرتو Antonin Artaud، كما لعب كتاب الرواية الحديثة الأمريكان من أمثال دوس باسوس Dos Passos وفولكنير Faulkner دورا لا يستهان به فى تطوير الرواية الجديدة فى فرنسا.

إن بلدنا بحاجة إلى كتاب موهوبين من أمثال بيروك يحصدون الجوائز ذات الشهرة المشهودة كالجائزة التي تحصل عليها، ويكتبون أعمالا ذات بعد عالمي ؛ كتاب يتكلفون من خلال الصدى الذي تحدثه كتاباتهم بهذا الاتصال بالآخر فيجعلون العالم يكتشف خصوصية وثراء الثقافة الموريتانية، وفى المقابل يجعلون الشعب الموريتاني الذي ظل ردحا من الزمن معزولا عن التناغم مع بعض العوالم يكتشف خصوصية وثراء الثقافة الكونية.

إن الكتابة سوف تساعدنا بدون شك في التخلص أخيرا من هذه العزلة فنتواصل مع شعوب أخرى ونبعث الحياة والحيوية في ثقافة شعبنا. إذ بدون التواصل، خاصة عن طريق الكتابة، تغدو الثقافة خرساء راكدة ومن ثم تموت. وإن الكتاب لهم الرسل الأكثر نجاعة وهم الأولى بحمل هذه الرسالة.

لا يخامرني الشك لحظة في أن أسلوب بيروك الذي يتدفق كالطوفان مثقلا بالرموز سوف يصبح نهجا يسير على منواله كتاب آخرون يتأثرون به في موريتانيا وفى العالم.

سيداتي، سادتي

إن جائزة أحمد كروما هي جائزة يمنحها الصالون الدولي للكتاب والصحافة بجنيف تقديرا لعمل روائي أو نقدي مخصص لإفرقيا ويرأس اللجنة المشرفة على هذه الجائزة الأستاذ جاك شفريي Jacques Chevrier وهو أحد أبرز المختصين في الأدب الإفريقي، وتضم هذه اللجنة كتابا وصحفيين ونقادا كبارا للأدب الناطق بالفرنسية.

سُلّمت الجائزة قبل هذا ثلاثة عشر مرة، وكان من بين الفائزين بها كتاب أفارقة معروفون من بينهم سامي أتشاك Sami Tchak سنة 2007 بكتابه فردوس الأجراو منشورات مركير دي فرانس. éditions Mercure de France، وإمانويل دونكالا Emmanuel Dongala سنة 2011 بكتابه صورة جماعية على ضفة النهر(منشورات آكت سود  (éditions Actes Sud)  ، وتيرنو موننوبو  Tierno Monénembo سنة 2013 بكتابه الإرهابي الأسود منشورات (éditions du Seuil).

حصل أمبارك ولد بيروك إذن على هذه الجائزة التقديرية الكبرى بروايته طبل الدموع التي سيحدثكم عنها المحاضرون بعد قليل. وليست هذه الجائزة هي الأولى التي نالها الكاتب، فلقد نشر سنة 2006 روايته التي حملت عنوان ونسيت السماء أن تمطر منشورات دابير Dapper، وفى السنة الموالية 2007 حصل هذا العمل على جائزة الرواية المغاربية الناطقة بالفرنسية، ثم إن مجموعة القصص القصيرة التي نشرها لدى دار Présence Africaine سنة 2009 قد تم اختيارها ضمن النصوص المرشحة لجائزة القصة القصيرة آكوابا «Akwaba » للأدب الإفريقي. أما روايته الثانية مطرب الأمير المنشورة لدى دار Elyzad بتونس 2013 فقد نالت جائزة "ملح الكلمات" سنة 2014 ونالت التقدير الخاص من قبل رابطة الكتاب باللغة الفرنسية في نفس السنة. وقد رشح الكاتب لجائزة Métis لسنة 2013 كما تم اختياره ضمن الكتاب المرشحين لجائزة الرواية المغاربية الناطقة باللغة الفرنسية سنة 2015 .

ليست جائزة أحمد أنكروما إذن إلا مرحلة، ولكنها مرحلة حاسمة بكل تأكيد من مسار أدبي لامع لن يخلو في قابل الأيام من جوائز أعظم شأنا. وعلينا أن لا ننسى أن أمبارك ولد بيروك قد تم اختياره مؤخرا ضمن المرشحين للنسخة الرابعة من جائزة الأدب العربي  التي يشترك في تقديمها معهد العالم العربي ومؤسسة لاكردير Lagardère الخيرية.

إن لجنة تحكيم جائزة أحمد كروما القيمة للآداب قد كرمت أخيرا من خلال اختيارها لهذا الكاتب كاتبا ملهما لا نظير لأعماله الأدبية، وأعود لأكررها ثانية، بأن هذه الجائزة فضلا عن كونها تكريما لكاتب فهي أيضا تشريف لكل الكتاب الموريتانيين وخاصة منهم أولئك الذين يكتبون باللغة الفرنسية.

 إنني آمل من جهتي أن تكون جائزة أحمد كروما مبشرة بالتوفيق والنجاح لرابطتنا الفتية والتي تعاني بلا شك في المرحلة الحالية من مسيرتها من بعض النواقص المرتبطة بتنظيم نشاطاتها (كافتقارها إلى مقر من بين أمور أخرى ) ولكنها مع ذلك تفلح في أداء أنشطتها وفى تأمين إطار مناسب لنجاح أعضائها. ذلك ما ينبغي أن يمثل بالنسبة لنا ليس فحسب مبررا للأمل بل مبررا لاعتقادنا بأننا انطلقنا بالفعل، وبأن الرابطة حددت خيارها وهو خيار الاسهام بواسطة كتابة أعضائها للكتب في التنمية الثقافية لوطننا العزيز وبناء جسور التواصل الجميل والتلاقي مع بقية بلدان العالم. وأشكركم.

تصنيف: 

دخول المستخدم