لحسن: فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية ودور النظام الحالي في إرساء دعائمها، يعاب كثيرا على النظام – من قبل خصومه- أنه رغم تحرير الفضاء السمعي البصري وإطلاق بعض الحريات فإنه لم يتحل بالديمقراطية الكافية في مجالات أخرى. في العملية الانتخابية مثلا يعتقدون أن الانتخابات التي شارك فيها النظام الحالي أو قام على تنظيمها كانت في مجملها انتخابات مقاطعة من أطياف سياسية وازنة. كيف تقيمون تسيير النظام للعملية الديمقراطية؟
ذ. إشدو: يا أخي ستسمع الكثير أولا.
لحسن: وما رأيكم في سياسة المقاطعة التي انتهجها بعض الأطراف؟
ذ. إشدو: هي سياسة خاطئة، وليست وحدها في ذلك؛ فللمعارضة أخطاء وللنظام أخطاء. ومن أخطاء المعارضة خرافة الرئيس المنتخب كما أسلفت القول. وفي صدر تلك الفترة لقيت صديقا لي من حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يمثل - في رأيي- قيادة قوى التغيير كلها، فقلت له: سأنصحك.. طالب بما تريد، وأعتقد أن السلطة الممسكة بمقاليد البلاد تعول عليكم، وقلتم إن ما قامت به كان إصلاحا، فينبغي أن تشاركوا في العملية السياسية الجارية؛ فبذلك تدربون حزبكم على السلطة، وتنالون مواطئ أقدام تستفيدون منها في المستقبل. ناور كما تشاء لكن إياك أن تدخل جبهة الدفاع عن الديمقراطية.
قال: لماذا؟
قلت: لأمرين سأوضحهما لك:
1. الخط السياسي هو الأساسي؛ فإذا كان خطك السياسي سليما ولم يكن معك إلا 5 أفراد فسيتحولون إلى مليون. بينما لو كان خطك السياسي غير سليم ومعك مليون لتحول إلى 5 أفراد!
مطلب هؤلاء (جبهة الدفاع عن الديمقراطية) هو رجوع الرئيس سيدي، وهو ما لا يطالب به الشعب ولا الجيش ولا شركاؤنا الغربيون، وربما كان هو نفسه لا يطالب به!
إذن فهذا خط سياسي غير مستقيم.
2. هم غادروك أمس إلى حكومة ولد الوقف وتركوك جالسا.فمن يضمن أن لا يتخلوا عنك غدا.
أتعلم أنه كان بإمكان اتحاد القوى الديمقراطية نيل 30 مقعدا برلمانيا في انتخابات 1992 لو لم يختر مقاطعة الانتخابات؟!
قاطعوا الانتخابات بذريعة عدم توفر المال الكافي، وفي تلك الفترة لم يكن الناس يطلبون مالا يذكر. وأعتقد أن السبب كان ما توعز به السفارات الأوربية من تأكيدات بأن الانتخابات ستؤجل، وتنصحهم – بناء على ذلك- بالاستمرار في موقفهم حتى جرت الانتخابات دون مشاركتهم!
"العملية الديمقراطية تجري في موريتانيا على أحسن حال"
على كل حال تسمع الكثير من الخرافات كالرئيس المنتخب وسيطرة الجيش على السلطة، والنظام العسكري، والاستبداد، والعبودية، وخوض الحرب بالنيابة عن فرنسا.. إلخ. لكن العملية الديمقراطية تجري في موريتانيا على أحسن حال؛ فما لدينا من الحريات لا يوجد في أي بلد، حتى في الغرب! من يمنعك عن أن تكتب ما تشاء؟ من يمنعك عن الإساءة إلى من شئت؟ الإساءة إلى الرئيس تترى ليلا ونهارا، دون أن تضايق أية صحيفة! أقصى ما يحدث أن الـ"هابا" تستيقظ أحيانا فتستدعي شخصا وتنبهه على أن ما صدر عنه لا ينبغي قوله ثم تدعه وشأنه.
لحسن: ولا يوجد سجناء رأي؟
ذ. إشدو: أبدا.
لحسن: ألا تعتبرون سجناء حركة "إيرا" سجناء رأي؟
ذ. إشدو: انتظر. حرية التعبير مطلقة، والانتخابات نزيهة بالعموم، ولجنة الانتخابات مستقلة لا يتدخل لها أحد في أي شيء.
لحسن: تم إيقافها.
ذ. إشدو: الآن ليس موسم انتخابات، لكن في فترات الانتخابات لم يجر أي تدخل في عملها، وفاز من تقدم من المعارضة.إذن أعتقد أن العملية الديمقراطية في موريتانيا على ما يرام.
" إني ضد النظام البرلماني في موريتانيا!"
وحسب رأيي فالرئيسي في موريتانيا لا ينبغي أن يكون الديمقراطية، وقد اختلفت في هذا مع ثلة من المعارضة. تجد أحدهم يسمي حزبه الحزب الديمقراطي وآخر يسمي حزبه التجمع الديمقراطي أو اللقاء الديمقراطي.. إلخ. أنا أرى أن المتوفر من الديمقراطية أكثر!نحن لم نعرف الدولة إلا مع قدوم المستعمر، وما يختشى علينا هو الفوضى، وينبغي أن تكون المركزية وسلطة الدولة هي الأساسية. وأقول لك إني ضد النظام البرلماني في موريتانيا! لأننا متعددو الثقافات والأعراق ويُتربص بنا من كل الجهات، فلكي نستثمر كل ذلك ينبغي أن تكون لدينا ديمقراطية، ولكن لاستمرار وجودنا ينبغي أن يظل النظام رئاسيا قويا.
لحسن: بخصوص سجناء حركة "إيرا" في أي خانة تضعهم؟
ذ. إشدو: أنا شخصيا عندي صداقات مع جماعة "إيرا" لكنا مختفون، فأولا أود أن يكون واضحا للمهتمين بالشأن السياسي الذين يرون الخلافات كلها عدائية أن الأمر ليس كذلك. فالخلاف العدائي هو ما ينبغي أن يكون بيننا وبين الإرهاب، أو بيننا وبين دولة تسعى لاحتلالنا، أو بيننا وبين الصهيونية التي تعمل على تخريبنا.. أما الخلافات بين الإخوة فلا تحل بالعداوات.
أنا أختلف مع "إيرا" في أمور:
عند ما طرح موضوع العبودية وقفت وقلت لهم: لم تعد توجد عبودية في موريتانيا للأسباب التي سبق أن شرحتها لك. هناك آثار، هناك بناء فوقي؛ فبعض الموريتانيين يحتقر العمل، وبعضهم يحتقر البعض، وموريتانيا تنقسم إلى الكثير من الفئات، لكن هذا لا يسمى عبودية، والحراطين ليسوا عبيدا، وأغلبيتهم لم يسبق عليها رق أصلا، ومنهم من هو أرفه وأقوى وأشرف نفوسا وأكثر استقامة من الكثير من غيرهم.
حين قلت هذا استاءت جماعة "إيرا" وهذا موقفي وأتحمل ما يترتب عليه. وحذرت النظام من ذلك لكنه لم يصغ إلي فلم يبدأ القول بعدم وجود العبودية إلا مؤخرا.
كما حذرت بعض مكونات المعارضة من الاستقواء بالخارج على الوطن؛ وخاصة الاستقواء بأمريكا وإسرائيل.
لحسن: ما المقصود بذلك؟
ذ. إشدو: أقصد به ما نشره ويكيليكس عن الفترة الانتقالية! شخصيات كانت لا تبرح السفارة الأمريكية سعيا إلى قلب النظام،ومنهم من صرح بذلك، ومنهم من كتب "أعيدوا الديمقراطية لتكفروا عما فعلتم في العراق" وتعرف أن مقالا طويلا وعريضا نشر تحت عنوان "أعيدوا عروس الديمقراطية على دبابة إلى موريتانيا" وتعرف من نشره.
نائبا وعضوا في أحد الأحزاب طلب من إسرائيل سيارات وأسلحة ليغتال الرئيس
"نائب وعضو في أحد الأحزاب طلب من إسرائيل سيارات وأسلحة ليغتال الرئيس! "
إذن فالاستقواء بالأجنبي – وخصوصا أمريكا وإسرائيل- رهان خاسر.
لحسن: وهل في قضية العبودية استقواء من هذا القبيل؟
ذ. إشدو: أكيد. ثم إن العبودية الآن خرافة من أصلها. والهدف من ادعائها إنما هو الاستقواء بالأجنبي وخلق مكانة لمن يرفع شعارها. بعض الأحزاب فوجئ بتصريح الرئيس بعدم وجود العبودية لأن ادعاءها–وإن كان جمودا على النص-يجتذب الأنصار والأصوات من وسط الحراطين المضلَّلين.
أضف إلى ما سبق أن جميع الموجودين في المعارضة لا يوجهون كلمة سوء إلى "إيرا" ولا لسياساتها الخاطئة في هذا المجال، لماذا؟ حرصا على كسب الأصوات!
لحسن: من المعروف أن المعارضة تشترط للمشاركة في الحوار الوطني مع النظام الحالي حل كتيبة الأمن الرئاسي، وأنتم كتبتم مقالا تناولتم فيه هذه النقطة تحديدا ما رأيكم في هذا الموضوع؟
ذ. إشدو: ما عبرت عنه في المقال هو رأيي؛ ففيه قلت إننا مدينون بإعادة تأسيس موريتانيا وتحطيم الأغلال التي كنا فيها للرئيس محمد ولد عبد العزيز وللجيش، وخاصة كتيبة الأمن الرئاسي. وما يضعف الجيش أو يضعف الرئاسة فأنا ضده؛ سواء أكان تضمين الدستور نظاما برلمانيا أم حل إحدى قوى الجيش.وأعتقد أن من يريد الحوار بإمكانه تناول كل شيء فيه، وإذا كان هذا هو رأي المعارضة فبإمكانها طرحه في الحوار، لكن لن يقع إلا ما يتيحه ميزان القوة، فيا ترى ماذا لديها لفرض حل كتيبة الأمن الرئاسي؟!
منذ أكثر من 6 سنوات لقيت الرئيس محمد ولد عبد العزيز أيام كان "المترشح محمد ولد عبد العزيز" لقيته في فندق آتلانتيك، وأمضيت معه وقتا أعجبني فيه اطلاعه وأعجبتني فيه أفكاره. وأثناء اللقاء قلت له: إن الناس تأتيك طلبا للكثير من الأمور، وأنا لن أطلب منك إلا أمرين أحدهما أشتركه معك:
- أؤيدك على محاربة الفساد لأنه العدو الأول لموريتانيا، لكن مطلبي أن تستمر في محاربته. وقد تعهد لي بهذا جزاه الله خيرا، وأنجز ما تعهد به.
- أطلب منك الموافقة على الحوار.
لم يكن حوار دكار وقتها قد انطلق. وقد طرح علي فيه سؤالين؛ أحدهما يتعلق بتأجيل الانتخابات والثاني يتعلق بسجناء تشترط المعارضة الإفراج عنهم، فهونت له من شأن تحقيق المطلبين، وتعهد لي أيضا بذلك جزاه الله خيرا.
.
تصنيف: