يبدو أن السيد الحسن ولد محمد يعاني معضلة كبيرة في مزاولة وظائفه وأعماله السياسية؛ وأن هذه المشكلة العويصة ليست جديدة عليه غير أنه لم يكن يتحدث عنها سابقا إلا قليلا.
المشكلة حسب قوله تتعلق باستحالة التوفيق بين وظيفته كعمدة لبلدية عرفات ووظيفته ك"زعيم للمعارضة الديمقراطية". ويأتي إعلانه هذا ضمن دفاعه المستميت عن نفسه في إطار الجدل الشديد الذي يجري الآن في صفوف المعارضة المتشددة بشأن استقباله لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز خلال زيارة هذا الأخير لمقاطعة عرفات.
فأطراف من المعارضة المقاطعة للنظام لا تقبل بهذا الموقف؛ فعلى سبيل المثال ذهبت السيدة منى بنت الدي مسؤولة الإعلام في التكتل - حزب احمد ولد داداه – إلى اتهامه بارتكاب "خطيئة سياسية كبيرة". ونذكِّر هنا بأن زعيمها احمد ولد داداه لم يتعرض لهذه الثنائية خلال رئاسته لمؤسسة المعارضة الديمقراطية، حيث زاول هذه الوظيفة في ظل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزييز التي كان يترأسها قبل ولد الحسن إلى أن نالها هذا الأخير على أثر الانتخابات البلدية الأخيرة التي قاطعها آنذاك حزب احمد ولد داداه وحلفاؤه من المعارضة الراديكالية بينما شارك فيها حزب تواصل مستفيدا من مقاطعتهم.
وردا على خصومه، عبر ولد الحسن أكثر من مرة وبأساليب تتمايز من حيث لهجتها تجاه النظام. كانت آخرها في شكل بيان رسمي استخدم فيه لغة نارية ولهجة شديدة يُستشفُّ منها حرصه على أن يثبت لمنتقديه في صف المعارضة الراديكالية أن موقفه المتشدد من الرئيس ولد عبد العزيز لم يتغير رغم استقباله له بشكل رسمي.
غير أن حجة استحالة المواءمة بين وظيفة العمدة ووظيفة زعيم المعارضة الديمقراطية التي عبر عنها كخاتمة لبيانه تطرح إشكالية عويصة. ولتجاوزها ذكر أنه يرجح إحدى الوظيفتين على حساب الأخرى حسب الظروف، قائلا:
" أﺗﻤﺘﻊ ﺑﺼﻔﺘﻴﻦ، ﺃﻭﻻﻫﻤﺎ ﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ، ﻭﺗﻠﻚ ﺻﻔﺘﻲ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ، ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﺯﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻠﻴﻔﻲ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺰﺏ، ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺘﻴﻦ ﺗﺘﻌﺎﺭﺿﺎﻥ، ﻭﻗﺪ ﺭﺟﺤﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﺖ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻭﻻﺯﻟﺖ ﺃﻋﻤﻞ ﺩﻭﻥ ﻛﻠﻞ ﻭﻻ ﻣﻮﺍﺭﺑﺔ ﻭﻻ ﻣﺤﺎﺑﺎﺓ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ".
وهذا الحل القائم على التأرجح بين الوظيفتين قد يبدو محيرا ومثيرا للتساؤل خاصة من لدن منتخبي بلدية عر فات:
إن كانت الوظيفتان على هذه الدرجة العالية من التناقض والتنافر لحد لا يسمح بالتوفيق بينهما - كما وصفه و لد الحسن - فلماذا يقبل المعني بهما معا؟
ففي هذه الحالة فمن حق منتخبيه فعلا في البلدية أن يسائلوه:
"بأي حق يجوز لك من الناحية الأخلاقية والمهنية أن تخصص جل وقتك طيلة ثلاث سنوات لوظيفة زعيم المعارضة الديمقراطية على حساب وظيفة العمدة التي عاهدتنا بالقيام بها على أحسن وجه- ونحن فضلناك لذلك السبب على غيرك من المترشحين الآخرين ؟"
ويعتبر محمد ولد الحسن من القيادات النافذة في حزب تواصل التابع لحركة الإخوان المسلمين - فرع موريتانيا. ويُعوَّل عليه كأحد المرشحين الأقوياء المحتملين الذين يحسب لهم حسابهم لخلافة جميل منصور في منصب رئيس الحزب خلال مؤتمر تواصل المقبل.
وقد بادر هذا الأخير إلى دعمه ومؤازرته في هذا الجدل المنبثق عن استقباله لرئيس الجمهورية. وكانت لهجته ناقدة للنظام أيضا.. حتى وإن كانت أقل حدة من لهجة زميله الذي وجهت إليه التهم.
ومن جهة أخرى يشترك الرجلان أيضا في صفة إضافية كثيرا ما تكون ذات أهمية بالغة في إقامة التحالفات السياسية في البلد بشكل يتكيف جيدا مع الولاءات الإيديولوجية وبصورة غير رسمية وكثيرا ما تكون غير معلنة : ينتميان إلي نفس الولاية – ولاية ترارزه.
البخاري محمد مؤمل
تصنيف: