كورونافيروس في السنغال: موريتانيا مهددة كثيرا.. وترقب لقرارات قوية جديدة يتخذها الرئيس غزواني..

تفيد آخر الأنباء بأن مرض كورونافيروس ينتشر في السنغال بسرعة مذهلة: ما بين الجمعة والسبت الأخيرين ارتفع عدد الإصابات من 36 إلى 87 حالة، أي: زيادة بنسبة  86 %؛ ولا تكمن الخطورة في هذا الارتفاع المتسارع جدا لمرض  كوفيد-19 فحسب، بل في التوزيع الجغرافي للوباء الذي يمس اليوم إحدى عشر مدينة عدَّدها الرئيس ماكي صال في خطاب ألقاه مساء اليوم واتسم بنبرة خطيرة، حيث أعلن فيه حالة الطوارئ وعن حِزم غير مسبوقة من الإجراءات السياسية والاقتصادية خصص لها 97,6 مليون يورو.. إجراءات تنذر، مجتمعة، بأن السنغال دخل فعلا في أزمة خطيرة وصفها الرئيس السنغالي بأنها نصيب بلاده من"حرب عالمية حقيقية  تخاض ضد عدو مشترك (...) خفي لا تراه العين المجردة".

موريتانيا مهددة من الجنوب ومن الشمال...

وتؤكد مصادر اعلامية عديدة أن المدن التي عثر فيها على الفيروس تتوزع على ست ولايات سنغالية، هي: العاصمة داكار، اتييس، ديوربيل، زيغنشور و سان لويس الواقعة على الحدود مع موريتانيا.

كما لوحظ أن الفيروس الذي كان في البداية، مستوردا بواسطة مسافرين قدموا من دول أجنبية أصبح اليوم يتنقل داخل البلد.. وأن حاملي العدوى هم السكان المحليون.

وهذا الوضع المتدهور في الجارة السنغالية يضاعف بشكل كبير احتمال دخول الكورونافيروس إلى موريتانيا عبر حدود البلد الجنوبية، هذا في الوقت الذي يتصاعد تهديده على الحدود الشمالية  بسبب انتشار الوباء في كل من المغرب والجزائر، إذ بلغت الإصابات المسجلة في البلدين على التوالي: (109)  و (201). مما يجعل الدول الثلاثة المجاورة لنا ضمن البلدان الافريقية الخمسة الأولى من حيث عدد الإصابات بمرض كوفيد-19.. مسبوقة فقط بدولتي جنوب افريقيا ومصر  التين أعلن فيهما على التوالي عن (274) و(327) إصابة بالفيروس.

ومن البديهي أن الخطر لا يقتصر على الجوانب الصحية.. وإنما ينال أيضا وبشكل أشمل واخطر نواحي الحياة الأساسية الأخرى: المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وهنا تكمن المعضلة الكبيرة التي ركز ماكي صال على علاجها في خطابه المشار إليه آنفا. وقبله، وبدرجات متفاوتة حسب الاوضاع في كل بلد، تصدى قادة الدول في جميع أنحاء المعمورة تقريبا لهذا التحدي المعقد.

موريتانيا لم ولن تتأخر عن الركب...

ولم يغب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني عن ركب قادة الدول الموجودين في الخطوط الأمامية لمواجهة هذا التحدي الخطير المحدق ببلادهم.. كما يتبين من خطابه الأخير ومن التوجه العام الذي يسير عليه البلد في تصديه لمحنة كورونا فيروس؛ (انظر: "كورونا: هل نطمئن أم نطلق صفارات الإنذار؟").

ونحن نتوقع أن يعلن الرئيس بشكل أو بآخر عن إجراءات استثنائية، جديدة وجذرية، عملا بنص المادة المعدلة 39([i]) والمادة 71 من الدستور.

وعلى هذا الأساس، فإننا لا نستبعد اجرءات إضافية متسارعة تهدف إلى تعزيز ما تم القيام به في الأسابيع والأيام الماضية من اجل الحد القوي والتقليل إلى أقصى حد ممكن من تجمهر الناس ومن اختلاطهم بما في ذلك حجر السكان في بيوتهم إن دعت الضرورة لذلك رغم ما يتطلبه قرار من هذا النوع من شروط ومتطلبات مكلفة. وكذلك، وعلى ضوء ما أشار إليه الرئيس غزواني في خطابه الأخير حول التطور التدريجي المحتمل لردود فعل الدولة والحكومة وللتضحيات المطلوبة من المواطنين تبعا للتطورات المتسارعة للوباء وتداعياته المختلفة، فإننا نتوقع أيضا إعلانه في ظرف وجيز عن إستراتيجية طموحة ومتعددة الأوجه: مالية، اقتصادية، ، صحية، اجتماعية .. ونرى أنه من الوارد كذلك أن تسنح هذه الفرصة بسد بعض الثغرات المتمثلة في غياب هيئات دستورية ينبغي أن يكون على رأسها إنشاء لجنة أو مجلس أعلى للدفاع.. وهذا على ضوء المادة 34 من الدستور([ii]).

أداة سبق العمل بها.. ومعينة على اتخاذ القر ار...

ونُذكِّر هنا بأنه سبق أن أنشئ مجلس أعلى للدفاع في موريتانيا. وكان ذلك في عهد المرحوم الرئيس المختار ولد داداه واستجابة منه آنذاك لمقتضيات حرب الصحراء واكراهاتها بغية التخفيف من كلفتها الغالية، البشرية والاقتصادية.

واليوم، فإننا دخلنا في  حرب جد مكلفة حتى وإن كانت من نوع آخر.. مما يقتضي تفعيل تلك الهيئة، علما أن بلدان العالم جميعا صارت في حروب شبه دائمة. قد لا تكون حروبا تقليدية نظامية بين دولتين أو أكثر رغم طابعها العسكري والعنيف، بل حروبا تدخل في سجل ما يوصف ب"الحروب غير النمطية"، مثل الحرب ضد الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. وقد تتخذ الحرب أشكالا غير عسكرية مثل حرب العالم الجارية  ضد كوفيد-19 وغيره من الكوارث المفاجئة أيا كان نوعها: صحية، بيئية، صناعية... الخ.

وفي جميع الحالات، تشكل المجالس أو اللجان العليا للدفاع أدوات فعالة تساعد القائد الأعلى للقوى المحاربة على اتخاذ القرار الملائم. والرئيس غزواني يقوم الآن بهذا الدور العظيم.. وهو معروف بقوة اصغاء نادرة مَنَّ الله بها عليه،  أي : بتشبثه القوي والمثمر بالوسائل، البشرية والتنظيمية، المعينة على اتخاذ القرار.       

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

 

[i]  المادة 39 (جديدة): يتخذ رئيس الجمهورية بعد الاستشارة الرسمية للوزير الأول ولرئيس الجمعية الوطنية وللمجلس الدستوري، التدابير التي تقتضيها الظروف حينما يهدد خطر وشيك الوقوع، مؤسسات الجمهورية والأمن والاستقلال الوطنيين وحوزة البلاد، وكذلك حينما يتعرقل السير المنتظم للسلطات العمومية الدستورية، ويطلع الأمة على الحالة عن طريق خطاب.

 تنبع هذه الإجراءات من الرغبة في ضمان استعادة السير المطرد والمنتظم للسلطات العمومية في أقرب الآجال، وينتهي العمل بها حسب نفس الصيغ حالما تزول الظروف المسببة لها.

 يجتمع البرلمان وجوبا.

  لا تحل الجمعية الوطنية خلال ممارسة السلطات الاستثنائية.

[ii]  المادة 34: رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويترأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني.

 

تصنيف: 

دخول المستخدم