يعتقد الكثير من المراقبين للساحة السياسية أن الأحداث الأخيرة التي عصفت بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية وبسمعة رئيسه الأستاذ سيدي محمد ولد محم ليست وليدة الصدفة، فالمحامي البارع الذي برز في السنوات الأخيرة كأحد نواب الموالاة البارزين ثم كرئيس للحزب الحاكم وكطامح لخلافة رئيس الجمهورية لا يمكن أن تتوالى عليه الأزمات دون أن يستطيع حلها إلا إذا كان الأمر مدبرا من جهات نافذة تسعى للوقوف في وجه طموح الرجل الذي لا يعرف الحدود.
فقد تعهد رئيس الحزب أمام رئيس الجمهورية أنه حين يعطى له ملف الحوار فباستطاعته إقناع المنتدى من خلال علاقاته مع رئيس حزب تواصل، لكنه فشل في ذلك بالرغم من أنه استعان بالوزير الأول وحكومته من أجل إقناع المعارضة بامتلاكه لبعض أوراق اللعبة.
تعهد كذلك للرئيس أنه سيقوم بشراء مقرات دائمة للحزب وهو ما فشل فيه فشلا ذريعا حيث رفض رجال أعمال الحزب وأطره التعاطي معه ولم يستطع لحد الآن أن يشتري سوى مقرين فقط، كما أعلن أكثر من مرة أنه سيقوم بحملة انتساب لتجديد هيئات الحزب لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب التراخي الذي لاحظت الجهات العليا من منتسبي الحزب وفاعليه الذين يعتبرون أنه أصبحوا خارج الحزب بعد تولي ولد محم رئاسته.
ثم جاءت أزمة مجلس الشيوخ التي أظهرت بجلاء الأزمة العميقة التي يعيشها الحزب، فطلب ولد محم لقاء رئيس الجمهورية قائلا أنه يستطيع حل الأزمة وأن محسن ولد الحاج لا يتبع له إلا خمس شيوخ، لكنه حين استدعى الشيوخ لمرتين لم يستطع مع معونة الوزير الأول أن يجمع سوى تسعة فقط.
وبعد الشيوخ ظهرت أصوات من النواب تتهم رئيس الحزب بالمحاباة والفساد وطالبوا بتجديد هيئات الجمعية وهو ما رضخ له رئيس الحزب على مضض.
وأخيرا جاءت فضيحة الشباب الذين وقفوا أمام رئيس حزبهم يطالبونه بإنصافهم وإشراكهم بدل اختطاف الحزب من طرف مقربين منه، لكنه أمام مطالباتهم المتكررة فقد حنكته السياسية وبدأ في طردهم قائلا لهم أنه لا يتشرف برئاسة حزب هم شبابه.
فهل كل هذه الأحداث جاءت صدفة أم هي فشل من رئيس الحزب في إدارة تناقضاته؟ أم أنها مدبرة من خصوم الرجل الكثر؟
لكن السؤال المهم هو لماذا ترك رئيس الجمهورية رئيس الحزب يواجه هذه المشاكل لوحده؟ فهل هي رسالة منه لولد محم ليعرف أن رئاسة الجمهورية التي يطمح لها ليست أمرا سهلا وأن من فشل في إدارة حزب لن يستطيع إدارة دولة؟ وأنه هو من يحتاج وصية الرئيس عليه بدل أن يوصي هو الشعب على رئيس انتخبوه وأحبوه.
أحمد ولد البخاري
تصنيف: