الملجأ الأخير : تطبيق الشريعة / مع ذ. ولد إشدو في "ضيف وقضية (34)

"نظام المختار ولد داداه أعلن تطبيق الشريعة"

نصل إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. فكلما ضاق الخناق على نظام في موريتانيا كان يلجأ إلى "تطبيق الشريعة الإسلامية" ربما لا تعرف أن نظام المختار ولد داداه أعلن تطبيق الشريعة في أواخر أيامه، عشية انقلاب العاشر من يوليو (يوم 8 منه فيما أظن) اجتمعنا مع فضيلة العلامة عبد الله ولد بيه؛ وأعتقد أنه وزير التوجيه حينها وقد أعلنت الدولة تطبيق الشريعة الإسلامية، ونحن ندرك الأهداف ولكن لكي نجد مخرجا لهذا التطبيق لكي لا يكون كارثيا كما وقع في عهد الرئيس هيداله.

الرئيس محمد خونا ولد هيداله – أطال الله بقاءه- قرر تطبيق الشريعة الإسلامية لسببين:

1. فك عزلة النظام الذي ضرب في جميع الاتجاهات تقريبا ولم يبق له من الأصدقاء تقريبا إلا الحركة الإسلامية التي نشأت تحته أو مكونة الزنوج الموريتانيين التي يرى القوميون أنه منحها أكثر مما تستحق.

2. توسيع الحركة الإسلامية الناشئة، والمحافظة على استمرار ولائها للنظام.

لكن كيف طبقت؟ من وجهة نظري فالتطبيق كان كارثيا لأن أساس ما تحقق فيه أمر واحد، هو قطع يد السارق، بغض النظر عن وضع السارق الاجتماعي وقلة حصافة الجهاز القضائي يومئذ وأعوام الجفاف والرمادة.

وكان هذا القطع مخالفا للشريعة لاقتصاره على الضعفاء دون علية القوم. وقد كتبت في ذلك التطبيق في تلك الفترة بيتين من الشعر:

خطب يثير عميق الحزن والقرف ** أن تستطيل بغاث الذل والترف
هذي يد تستحق القطع قد قَطَعَتْ **أيدي العباد.. فيا للعز والشرف!

قطعت أيدي الكثير من الناس، ووقعت كارثة أخرى تمثلت في توجيه سيارة مشحونة بالممرضين إلى ألاگ لقطع أيدي مدانين فانقلبت قرب توجنين ولقي بعض من كانوا فيها مصرعهم.

أعتقد أن تطبيق الشريعة كان قرارا سياسيا أساسا، ولا علاقة له بالشريعة المحمدية السمحاء. هذا ما أراه.

 

رجال النجدة

لحسن: بخصوص السادس عشر من مارس، ما حقيقة التحرك لقلب نظام الرئيس محمد خونا ولد هيداله، فكما ذكرتم سابقا كان النظام حينها يمثل وجها لجبهة بوليزاريو، فهل كان هذا حراكا من المملكة المغربية للاستيلاء على زمام السلطة؟

ذ. إشدو: رأيت ما ذكره الرئيس في كتابه، لكن حسب ما يبدو لي فهناك مجموعة من المدنيين والعسكريين - كما سبق أن قلت لكم- هبت لنجدة موريتانيا التي أخذت رهينة. هل الأسلوب الذي اتبعته كان صائبا أم خاطئا؟ هل كان يوجد حل آخر؟ هل كانوا يريدون قتل الرئيس ورئيس الوزراء وسيتدخل الجيش المغربي عندما يعلنون استلامهم للسلطة كما قال الرئيس هيداله في مذكراته؟ أم كانوا يريدون شيئا آخر وهو الاستيلاء على السلطة وإنقاذ موريتانيا من الارتهان ومحاولة رسم طريق بين الأخوين المتصارعين؟ وهل كان بإمكانهم فعل هذا لو أخذوا السلطة؟ أم سيطغى عليهم النفوذ المغربي فنحتاج إلى منقذين جدد؟ هذه أسئلة يجوز طرحها، لكن ثمة أمرا مؤكدا، هو أن من أعرفهم منهم وطنيون ومخلصون وتؤلمهم وضعية البلاد آن ذاك كما تؤلمنا جميعا، وأن الجميع تعاطف معهم كما يبرهن عليه سجن الجميع.

هل كانوا سينجحون؟ الرئيس لا يرى إمكانية نجاحهم، ولكن الحسين بن علي لم يكن بإمكانه النجاح ومع ذلك رفض الاستسلام ورفع راية المقاومة.

شرف الوثبة أن ترضي العلى ** غلب الواثب أم لم يغلب!

 "التشيع تهمة لا أتبرؤ منها وشرف لا أدعيه"

يمكن أن أتهم هنا بالتشيع، لكن الحسين لنا جميعا نحن المسلمين، وعلى كل حال فالتشيع كما قال محمد كامل: تهمة لا أتبرؤ منها وشرف لا أدعيه.

 

كلمة أخيرة

لحسن: الوقت انتهى، ونحن في الحلقة القادمة إن شاء الله من "ضيف وقضية" سنفتح هذا الملف، ملف محاولة الانقلاب على الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيداله من قبل هذه المجموعة العسكرية، وعلاقتها بالمملكة المغربية، والإعدامات التي نفذت فيها، ودرجة الإنسانية لدى النظام حين تنفيذه لتلك الإعدامات، وحقيقة جثامين الذين طالهم إعدام الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيداله. هل لكم كلمة ختامية في دقيقين؟

ذ. إشدو: بقيت كلمة مهمة للمستقبل لم أقلها لك، هي أن الساسة الموريتانيين يفتقرون إلى الصبر؛ وخصوصا حين تتنسم رياح الانقلابات. قل منهم من يحاول القيام بعمل سياسي جماهيري يمكن أن يغير الاتجاه، والانقلاب هو الطريق السهل، لكنه ليس الطريق الصائب ولا المضمون!

من جهة أخرى كان من ردود الفعل على هذه الحلقات رسالة تلقيتها من شخص يبدو أنه من أنصار الرئيس محمد خونا ولد هيداله يحاول التحريض ما استطاع، ويرى أني اتهمت الرئيس هيداله بقتل المرحوم أحمد ولد بسيف، ويهددني نوعا ما.

"لم أتهم الرئيس محمد خونا ولد هيداله بقتل أحمد ولد بسيف"

أحب هنا أن أوضح أني لم أتهم الرئيس محمد خونا ولد هيداله بقتل أحمد ولد بسيف رحمه الله، ولكني طرحت مجموعة من التساؤلات، ومنها لمصلحة من ما جرى، وتحدثت أساسا عن الحلف الدولي القادر على الفعل الذي أصبحنا أساراه تقريبا، وكان أحمد ولد بسيف – رحمه الله- الوسيلة الوحيدة للخروج من ذلك الأسر.

ثانيا أنا تطرقت لجميع العسكريين الذين ذهبوا في ظروف غامضة، كجدو ولد السالك ومحمد فال ولد لمرابط وجابي وابوه ولد المعلوم وابراهيم ولد جدو والعقيد محمد الأمين ولد انجيان قائد أركان الجيش الموريتاني، وكان يختلف عن الكثير من العسكريين في زمنه. ومنهم أحمد ولد منيه؛ وكان الشخصية الثانية في الدولة، وقد غادر العاصمة في الساعة السادسة صباحا إلى أبي تلميت، وفي الثامنة صباحا كان تحت الأرض! رحم الله الجميع. ولم يجر بحث – حسب علمي- في كل هذا.

كل ما نطلبه من الدولة هو باختصار فتح تحقيق حول تلك الأحداث وإنارتنا بكشف الحقيقة. أما محاولة تغيير رأيي أنا فلا ينبغي توقع نجاحها، فقد أعيا ذلك من قبل، وما بقي من حياتي إنما هو ربح. وقد دافعت أكثر من مرة عن الرئيس محمد خونا ولد هيداله، وعلاقاتنا طيبة، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

لحسن: طبعا، وانتقاد السياسة ليس انتقادا للأشخاص، ولكل رئيس سيئاته وحسناته المترتبة على السياسات التي انتهجها في كل حقبة من حقب التاريخ السياسي الموريتاني، ونحن نمر عليها كشهادات تاريخية يجب تدوينها لأجيال المستقبل، وليست فيها ضغائن ولا أحقاد على أشخاص معينين.

شكرا جزيلا لكم على هذا السرد وعلى الحضور وعلى ما أدليتم به من شهادات متعلقة بهذه الحقبة،  وسنواصل معكم –إن شاء الله- في الحلقة القادمة من برنامج "ضيف وقضية".

ونشكر أيضا باسمكم جميع مشاهدي قناة الوطنية على حسن المتابعة والإصغاء. وإلى أن نلتقيكم في حلقة قادمة من برنامج "ضيف وقضية" دمتم في أمان الله.

ذ. إشدو: شكرا.

تصنيف: 

دخول المستخدم