الرئيس الموريتاني : "أولا يحق للرؤساء أن ينالوا شرف الشهادة في سبيل ما آمنوا به من خير؟"

الرئيس محمد ولد عبد العزيز

حصلت "موريتانيا المعلومة" على رسالة تعزية مؤثرة وجهها المفكر و الاديب و المحامي محمدٌ ولد إشدو من الرباط إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. الرسالة وصفها موقعها ب"القلبية"، وهي فعلا كذلك لانها تنم عن مشاعر مؤثرة تمتزج فيها قوة الإيمان بالقدر و الخنوع له مع عزم قوي في المضي قدما على سبيل ما رآه المرء خيرا. تلك هي الخصال التي يتحلى بها محمد ولد عبد العزيز منذ بداية مشواره الرئاسي حسب ما يرويه عنه الاستاذ إشدو .

نص الرسالة :

 

"تعزية قلبية إلى فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز

وأسرته الكريمة في رزئهم ورزء موريتانيا الجلل

 

سيدي الرئيس،

عندما التقينا لأول مرة في فندق اتلانتيك وأنتم تخوضون حملتكم الانتخابية، حاولت أن أثنيكم عما اعتبرته إهمالا منكم لأمنكم الشخصي، وذكرتكم بما للقائد من أهمية محورية بوصفكم حامل ومنفذ المشروع الوطني الإصلاحي الذي تصبو إليه بلادنا، فقلتم لي بالحرف الواحد: "أولا يحق للرؤساء أن ينالوا شرف الشهادة في سبيل ما آمنوا به من خير؟" وقد كان قولكم - رغم إصراري على رأيي-   عربون صداقتنا لما احتوى من خصال حميدة تميزكم عن غيركم. ولذا أذكركم به اليوم، وأقول لكم من نفس المنطلق والمنطق إن الفقيد الذي رضع لبانكم وتربى في كنفكم وقذف الله في قلبه الرحمة والهدى من حقه وحظه نيل  شرف الشهادة في سبيل الخير.

ومنذ أيام، وردا على نفس النصيحة التي لا أمل من تكرارها، قلتم لي بعقل المؤمن الصادق "إنني اؤمن بالقدر كله وأعلم أن لا محيد أو مهرب من قضاء الله ومشيئته". وقد جعلني قولكم عندما حلت هذه الفاجعة المفاجئة - رغم هولها- أطمئن وأراهن على أنكم ستواجهونها بالصبر الجميل والاحتساب والرضى بالقضاء. ولم تخيبوا ظني حين كان أول تصريح لكم هو "أحمد كان عارية من الله تعالى وقد أخذ ربنا عاريته فلا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون".

وإني لأشهد أنكم أعطيتم التعليمات الصارمة لأولي الأمر باتخاذ جميع الاحتياطات بما فيها وضع حواجز أمنية متقاربة على طول الطريق وذلك لمنع وقوع حوادث أثناء  مهرجان وادان رحمة بمواطنيكم وحرصا على أرواحهم، وقلتم: "لا نريد أن تكون هناك حوادث خلال أيام المهرجان". {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين}.

        سيدي الرئيس،

        ليكن عزاؤكم ما تركه لكم من خير الفقيد الذي شهدتم له ببر والديه وبالصلاح، والذي كان عندما اختاره الله إليه مجاهدا في سبيله ينشر الرحمة ويواسي المرضى ويغيث الضعفاء والفقراء ويعيد البسمة إلى الوجوه المغبرة التي أرهقتها عقود متتالية من الإهمال والفساد؛ بينما كنتم أنتم في نفس اللحظة تخوضون مع معاونيكم الفضلاء معركة إصلاح وتقويم العدالة التي ما تزال عصية وإن كان لا بد من إرسائها، فوفقتم في بعض الأمور، والتبس عليكم بعض.. وتستعدون للتوجه إلى مهرجان المدن القديمة لإعلاء شأن الثقافة والتاريخ والوطن.

        ولله جبران خليل جبران حين يقول:

يا صديقي ما قلته فيك حق ** وعلى الحق ما حييت اعتمادي

قلته عن صداقة وإذا آيا ** تك ازددن فهو رهن ازديـــــــاد

وأنا لا أحب في المرء إلا ** ما له عند قومه من أيـــــــاد

وأجِلُّ الفتى على قدر ما جـ**ـلت مساعيه في سبيل البــلاد

ليس لي مطمع ولا لي دين ** غير هذا لمبدأ أو معـــــــاد.

        رحم الله الفقيد وبارك في خلفه وألهمكم الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الرباط في 23 /12/ 015

محمدٌ ولد إشدو".

 

تصنيف: 

دخول المستخدم