الترشح للرئاسيات: حزب احمد ولد داداه يفصح عن لامبالاة غير مطمئنة.

اعترف حزب تكتل القوى الديمقراطية ضمنيا بأن أمله ضعيف في اتفاق المعارضة على اختيار مرشح موحد للرئاسيات المقبلة؛ وفي حالة تأكده من هذا الفشل المرتقب، اقتصر حزب احمد ولد داداه على القول :

"وفي حالة عدم حصول ذلك لا قدر الله لسبب أو لآخر، فسيضطلع التكتل بمسؤولياته عبر ما تراه هيئاته القيادية من قرارات تتلاءم والظرف الذي تمر به البلاد، انطلاقا من مواقفه النضالية ومن صفته كحزب وطني جامع همه الأول إرساء دولة القانون والعدل والمساواة" 

وهذا وعْد عام وفضفاض لا يتضمن اي اجراء أو توجه ملموس يوحي بأن الحزب مندفع حقا في العملية الانتخابية كما كان يفعل في السابق كلما ترشح احمد ولد داداه أو كلما قاطع. فعلى العكس موقفه هذه المرة خجول.. وقد يرى فيه البعض نوعا  من عدم المبالات بموضوع الانتخابات الرئاسية.

ومن الوجيه والمنطقي أن يرتبط هذا التوجه المتسم بعدم التحمس للانتخابات الرئاسية المقبلة بنوع من الملل مرده هو ضعف الحزب المتزايد على الساحة الانتخابية ومغادرة الكثير من أطره وزعاماته البارزة له. ونشاهد ازديادا ملحوظا في تخليهم عنه وعن أحزاب معارضة أخرى متعددة في الأسابيع الاخيرة بعد اعلان ترشح محمد ولد الغزواني الذي جذب إليه عناصر كثيرة ومميزة قادمة من اطياف المعارضة المختلفة. نذكر من بينهم-على سبيل المثال لا الحصر: السيد محمد محمود ولد ودادي النائب الأول لاحمد ولد داداد، والسيد المختار ولد محمد موسى أحد المؤسسين الرئيسيين لحزب تواصل المحسوب على حركة الإخوان المسلمين، وجماعة كبيرة من حزب المستقبل زادت على عشرين فردا قدموا استقالتهم من الحزب بطريقة جماعية...

كما أنه من غير المستبعد أن يربط بعض الناس والمراقبين "موقف اللاموقف" الذي تبناه حزب احمد ولد داداه من الاستحقاقات الرئاسية بكون هذا الأخير لا يمكنه الترشح بسبب حاجز العمر القانوني الذي يمنعه من المنافسة على الكرسي الرئاسي. وقد يعيد هذا التأويل إلى الأذهان انتقادا كثيرا ما تكرر على السنة الناس والعارفين  بالشأن السياسي الوطني. مفاده أن التكتل وجل الأحزاب والمنظمات غير الحكومية في موريتانيا لا وجود لها حقيقة إلا عبر رئيسها المؤسس. فطموحات الرئيس ومصالحه الشخصية هي ما يعطي للمنظمة السياسية أو الجمعوية وجها مرئيا (visibilité)، أي : حياة، ونشاطا، ومعالم يستدل بها عليها...

 ولا شك ان هذا التأويل لا يخلو من نسبة من المصداقية تقل أو تكثر حسب الأفراد والتشكيلات الحزبية.. وتدل على أن الوعي السياسي وروح المواطنة مازالا ضعيفين لدينا  بدرجة لا يستهان بها مع الأسف. الأمر الذي يشكل عثرة قوية أمام النمو السليم لديمقراطيتنا الناشئة.. ويوفر تربة خصبة  لصراعات عقيمة على السلطة مضرة.

فعسى المسار الانتخابي الراهن أن يخطو بالبلد ونخبه السياسية في اتجاه مغاير.

ونلاحظ بارتياح أن خطاب السيد محمد ولد الغزواني- أول المترشحين للرئاسيات الذي تم الإعلان عنه رسميا-  وتجاوبَ الناس إيجابيا وبحرارة معه على نطاق واسع يدفعان على الأمل. لكن التعثر القاتل لدى الطرف المنافس.. وعجزه عن تبني رؤية واضحة وبناءة.. وصراعاته الداخلية العقيمة... كلها عقبات خطيرة غير مطمئنة إطلاقا. سدد الله خطاهم.

البخاري محمد مؤمل ( اليعقوبي)

----------------------------------------------------

النص الكامل لبيان حزب التكتل

"ما فتئ تكتل القوى الديمقراطية، يذكر بالأزمة المتعددة الأوجه التي تمر بها بلادنا، وانعكاساتها الخطيرة المتجلية في التصدع الشديد الحاصل في الوحدة والانسجام الوطنيين، والانفلات الأمني المتصاعد، إضافة إلى انهيار الاقتصاد وارتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية والغلاء الضريبي  وتفشي البطالة.

لقد فقدت الدولة مصداقيتها بسبب النهب الممنهج للثروات وسوء التسيير وتصنيفها ضمن أوكار تبييض الأموال وتجارة المخدرات، وفقدان الثقة في القائمين عليها، هذا في ظل تكاثر الأطماع على ثرواتها والتكالب على مقدراتها الاقتصادية ومحاولة السيطرة على وضعها الإستراتيجي.
ولا شك أن الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في الأشهر القادمة ستشكل - إن هي تمت في ظروف توافقية - فرصة للخروج من هذه الأزمة التي قد تعصف بالبلاد وتقودها إلى ما لا تحمد عقباه.
وانطلاقا من ذلك، طالب التكتل بتوفير الظروف اللازمة، ووضع الآليات القانونية والإدارية المناسبة ليتسنى لشعبنا أن يختار بحرية من سيسوس أمره.
كما حرص طيلة المشاورات التي جرت بينه مع أحزاب المعارضة بالتشبث بوحدة الصف وضرورة تحقق إجماع حول مرشح موحد جاد أو رئيسي، يتبنى برنامج إصلاح وطني، يضمن فوزه خروج البلاد من الأزمة الحادة التي تتخبط فيها، ولذا لم يتقدم الحزب باسم مرشح معين، ولم يعترض على آخر.
وأملنا كبير في أن تصل كافة أحزاب المعارضة إلى اتفاق حسب النحو والهدف المطلوبين، وفي حالة عدم حصول ذالك لا قدر الله لسبب أو لآخر، فسيضطلع التكتل بمسؤولياته عبر ما تراه هيئاته القيادية من قرارات تتلاءم والظرف الذي تمر به البلاد، انطلاقا من مواقفه النضالية ومن صفته كحزب وطني جامع همه الأول إرساء دولة القانون والعدل والمساواة.
نواكشوط، 2 رجب 1440 الموافق 9 مارس 2019 
الدائرة الإعلامية للتكتل"

تصنيف: 

دخول المستخدم