أساءوا إلى أنفسهم قبل إساءتهم إلى بلادنا

ما إن انتهت فعاليات القمة العربية ( 27 ) قمة *الأمل* التي احتضنتها العاصمة انواكشوط بنجاح حتى أبان الحساد عما كان يغلي في صدورهم من أكوام الحقد والكراهية المتجذرة والرابية في طبيعة هذا النوع من الأصناف البشرية ؛ سواء تلك التي اكتسبوها في طريق تربيتهم المشؤوم والمشحون بالسفور والفجور والانحلال أو تلك المورثة لهم جينيا أو بالإرضاع وهي التي كانت غالبة على طبعهم وكان غالبا عليها هي طبعها الذي يحدده عاملها الذي فقد الشرعية الأبوية المحددة لطبيعة الهوية وسلامة الصلات النسبية ؛ مما يتولد عنه حتما صفات منها الهمز واللمز ومنع الخير والمشي بالنميمة وإبدال ثوابت الدين برخيص الغنيمة تلك الخصال الثابتة في كل عتل وزنيم منابعه غير كريمة .

لقد نجحت القمة العربية *قمة الأمل* على الأقل بمقاييس عدة منها التنظيم الجيد والأمن الوفير - حمدا لله- ونجحت بمستوى النضج العالي الذي اتسمت به النقاشات التي تخللت القمة و اختفاء ما كانت تنطبع به القمم السابقة -عند إثارة المواضيع- من تنابز وانقسامات حول المواقف ومن انسحابات تارة أخرى، بالإضافة إلى المواقف الناضجة من الجانب الموريتاني بخصوص القضايا الكبرى والحساسة والتي كان الموقف الوطني فيها جامعا ومنصفا ومحايدا كلٌ حسب مقتضاه .

إن هذا النجاح هو سر الانزعاج المدفوع ببراكين الحسد والغل التي تشبعت بها نفوس هذا النوع من البشر -عافانا الله وإياكم- لقد كان حجم الإساءات الواردة من الجارة المغرب أكبر بحسب عدد الأشخاص المسيئين ؛ حيث تفنن (الكتاب) هناك في الكذب والتلفيق والتضليل محاولة لتشويه صورة موريتانيا بما رشحت به أدمغتهم من عفن وأوضار يحسبونها لجهلهم دررا ومعاني و هي لا تصل قيمةً إلى قذى الأواني ، ومعروفة هي دوافع هؤلاء وخلفياتهم النتنة التي تحركهم ، وطبعا تتنامى فيهم هذه الأحقاد والمساوئ كلما ازدهرت موريتانيا واكتسبت مكانتها اللائقة بين الأمم ، وسيظل هؤلاء السفهاء مدفوعين بأسيادهم الذين يحركونهم بطريقة أو بأخرى ؛ يستنقصون على بلادنا كل هذه النجاحات في محاولة بائسة لإنعاش ظنٍ بال-يتبعنا لهم- استشرى خبثا ذات غفلة في مخيلة هالك سالف ؛ دفنت معه ظنونه كما دفن عفنه ووهنه ..

تجدر الإشارة هنا إلى أن الرد على كل هذا النوع من السقوط والتردي الإعلامي يعطيه أهمية ويكسبه شعبية ؛ فالأولى تجاهله ، وإن كان لابد من الرد ؛ حينها ينبغي تجنب الأخطاء الفادحة التي وقع فيها هؤلاء من تعميم السب والشتم على الشعوب قبل الحكومات والقيادات ، فالإساءة وقفية ينبغي أن يواخذ بها المسيء نفسه فقط وعلى الرد أن يكون منحصرا على شخصه .. ومما يشار إليه في هذا المجال بالذات أن إساءة الوزير اللبناني إلى بلادنا لم تُخرج مثقفينا عن لباقتهم ؛ فتم الرد عليه شخصيا وتنبيهه بمساوئ لازمته و عُيرت بها حكومته العاملة حاليا على تسيير شؤون مواطنيها حين ما أخفقت في ذلك و*طلعت ريحتها* -مثلا- وتم التذكير بإنصاف الشناقطة وحبهم وتقديرهم للانتماء الجامع مذكرين اللبنانيين خصوصا بحضورهم الخاص في الوجدان الشنقيطي بفعل تنامي الانتماء وتجذر أسباب التلاقي الثقافي وخير ما ذكر في ذلك ما ورد في قصيدة *الخليل النحوي* التي تم تذكير الإخوة بها بأسلوب راق وفي أعلى وسيلة إعلامية وأكثرها رسمية .

بعد كل الإساءات المتقدمة أتت إساءة العجوز اللبناني المخرف ؛ الذي يبدو أنه مصاب بتلف الذاكرة وخيبة الأمل في الدنيا والغفلة عن الآخرة ؛ حين قال كاذبا : أن موريتانيا محرومة سمعة القمم وهي التي استضافتها بنجاح وتوفيق كبيرين ، صحيح أن بلادنا ليست من أغنى البلدان العربية بالثروات الطبيعية ذات العائدات المغرية وإن كانت تتمتع بثروات متنوعة ومعتبرة ؛ لكنها لا ترقى إلى الكم الذي يجعل هذا العجوز ومن يسايره يسبحون بحمد ضلالها وفجارها قبل صلحائها وأفاضلها ؛

نحن بلد غني بالأخلاق قبل الخلق و الاختلاق غني بالكرم قبل التكريم والإكراميات غني بالشهامة التي لا تضر بها الشماتة ؛

أما افتراء العجوز بخصوص الشهادة العروبية والجغرافية الإفريقية ؛ فلعل ذلك عرّى مستواه التاريخي الذي كان الأجدى به أن يعينه في تذكر علماء شنقيط وبلغائها وشعرائها قبل أن تكون موريتانيا التي يعنيها في ذكر الوجود وقبل أن يقسم العرب بمقتضى لعبة -سايكس - بيكو - ، قبل ذلك كانت دوحة شنقيط الغناء تنثر شذاها على المشرق والمغرب بألسنة علماء جوامع وشعراء أفذاذ ؛ لمّا زاروا الديار صححوا لكم وشرحوا ووضحوا وقوموا وأقاموا .. وظلت شنقيط من بعدهم إلى اليوم منبعا فكريا ومرتكزا ثقافيا إسلاميا ينضح بالشعر الشجي والشعور الصادق وظلت تحتضن أفضل المتحدثين بالضاد وأكرم الكرماء في أصعب التضاريس ؛

عليك وعلى كل من وقف على كلامك الذي أردت من خلاله النيل من بلاد الشعر وفنون الكلام وقصدا منك أن يذاع ذكرك ؛ عليك أن تفهم وعليهم أن يدركوا أن بلاد شنقيط كانت وما تزال * خدرا للضاد لم يهتك ستره ولم يتحول عن مغناه العلم والأدب.

عثمان جدو

تصنيف: 

دخول المستخدم