تبدأ بخطوة عساها تكون تلك التي خطتها ملتقيات تنشيط العمل الحكومي التي افتتحها معالي الوزير الأول السيد محمد ولد بلال اليوم. فالإدارة، بجميع مستوياتها، عامل أساس في التنمية؛ فهي المسؤولة عن وضع البرامج وتنفيذها، وابتكار الحلول في حالات الطوارئ، والقدرة على المبادرة، والحرص على المتابعة...
للنهوض بهذه الأدوار وغيرها، تحتاج الإدارة إلى تبني معايير واضحة يطمئن الجميع إلى الصرامة في تنفيذها؛ معايير لا تكتفي بمكافأة الانجاز وإنما تنظر إلى الخطأ من زاوية إيجابية بصفته محاولة صدرت عن حسن نية لكن الحظ لم يحالفها... ذلك أن ما يشل العمل الإداري هو الخوف من الخطأ الذي يشل روح المبادرة فتنحصر مهمة الإداري في تأبيد الوضع القائم ومعالجة المشاكل بالمسكنات(المهم ما يْگُمْ الحسْ)! في هذه الحال ينحصر عمل الإداري في المحافظة على الرتابة، بدل أن يكون شعلة نشاط وصاحب تفكير إبداعي...
لعل الإداري الناجح هو ذلك الذي يدرك أنه "مقدم خدمة" قبل أن يكون صاحب سلطة ونفوذ، ويتمثل نجاحه في قدرته على تقديم الخدمة، والعمل على تحسينها في وعاء زمني يحرص على تقليصه مع المحافظة على معايير الجودة. لتحقيق ذلك لا بد من انتهاج مبدأ تفويض السلطات لتشمل كافة السلم الإداري. ف"المدير البواب" هو أسوأ الإداريين إذ يختزل العمل الإداري في شخصه؛ يحرر رسائله، يضع ختمه في درج مكتبه، يراكم الملفات، ويعد البريد، وأي معاملة سرا من أسرار الأمن القومي لا يطلع عليه سواه وأهل خاصته من العاملين تحت إمرته...
يحق لنا أن نتفاءل بهذه الملتقيات التي سيعززها برنامج التكوين المستمر الذي سينطلق قريبا تحت الإشراف المشترك لوزارة الوظيفة العمومية وعصرنة الإدارة، والوزارة الأمانة العامة للحكومة.
ويظل بناء الثقة بين المواطنين والإدارة أهم شرط لنجاح الإدارة في مهمتها النبيلة.. لعل حكومة معالي الوزير الأول محمد ولد بلال تقيم ورشات تتجاوز مفهوم تقريب الإدارة من المواطن إلى تصور أكثر شمولية ينقل الإدارة من دور "حل مشاكل المواطنين" إلى رافعة تنموية تسهم في التصور والتخطيط والتنفيذ لما ورد في "تعهداتي"...