علاقتنا من المستحيل علي وصفها بصدق ودقة ولا تصنيفها. كمثل الناس جميعا، لست أدري كيف نشأت ولا كيف تطورت ولا ما هو مآلها.
فأنا أعلم فقط أنها تتسم بكثير من المسرات وغيرها. إلا أن شعوري بالمرارة كان هو الطاغي في حالات كثيرة. وكنت أحاول بصعوبة أن أنأى بنفسي عن هذا الجانب العصي إلى أن وبختني يوما، قائلة:
-"كفاك جلدًا للذات وغباءً !."
بقيتُ برهة حائرا.. أنظر في هذا الوجه الحزين.. أفكر في ترويض قلبي وجوارحي على أن مساءلة الذات ومراجعتها عملية شاقة وصعبة...
ثم خطر ببالي أنها أمارة بالسوء.. فحولت نظري عن المرآة.. ووضعتها جانبا، قبل أن تضيق بي الدنيا فجأة وتغمرني عاصفة غضب شديدة: كسَّرتُ المرآة وحطمتها إْرْبًا إِرْبًا؛ ثم رميتُ بشظاياها الممزقة في سلة المهملات...!
خاطبتني بنًيَّتي رجاء- وأنا لم أكن انتبه لوجودها إلى جواري، رغم حضورها معي دائما هي وأمها واخويها، حيث لا يفارقونني أبدا في رحلاتي عبر خوالجي. نعم، تنبهتُ لتصرفي الأحمق لما سألنتي، متعجبة:
-"لما ذا يا والدي تفعل هذا: ما ذا فعلت لك المرآة؟"
لم أرد عليها.. وبقي سؤالها دوْما يرن في أذني: ما ذنب المرآة؟
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: