قصتي مع المرحوم محمد سالم ولد عدود : "النجاح" و"الشفاء"...

لقد اخبرني أحد العارفين جيدا بالمرحوم "لمرابط"1] محمد سالم ولد عدود تغمده الله برحمته الواسعة أن هذا الأخير حدثه، قائلا:

- "لقد أعجبني كثيرا بعض تلامذتي لم يطلبوا مني أبدا أن أدعو لهم الله عز وجل."

وقال محدثي أن ولد عدود ذكر اسمين من بين تلامذته، يعرفهما هو شخصيا: محمد الأمين وأخاه اتقانَ، قبل أن يضيف:

"تعجبتُ من قوله وبقيت صامتا. لاحظ "لمرابط" عدم تفاعلي معه وحيرتي، فواصل: "هومَ ماهم من أهل كثرة لخبار". فضحكتُ، فابتسم ولد عدود أيضا  قبل أن يضيف: "كانوا يطلبون الله لأنفسهم بأنفسهم، عملا بقوله عز وجل:{..." ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"}.

وفي موضوع متصل، كانت لي القصة التالية مع "لمرابط".

لقد كنت تحت الرقابة الطبية واتابع العلاج نهاية عام 1987 على أثر حادث سير مرعب تعرضت له اثناء العمل، وأنا شاب برتبة ملازم أول اقود سيارة من نوع R12 في جنوب نواكشوط على الطريق المؤديي إلى المقر الحالي لقيادة أركان البحرية الوطنية . 

وبقيت في المستشفى عدة أسابيع . وفي نهاية كل ظهيرة، كنت أتلقى زوارا كثيرين خلال مقامي في المستشفى.. وقلَّ منهم من لم يحك علي قصة حادث سير مؤلم تعرض له أو تعرض له أحد له به علاقة متينة.. وفي كل مرة، تنتهي قصته الطويلة  بنصائح طبية مفصلة وأدعية ممزوجة بالخطابات  الواعظة.

وذات مساء، وبينما الغرفة التي أقيم فيها، تعج بالقصاصين، والناصحين، والداعين والواعظين، فوجئنا بقدوم "لمرابط" رفقة شقيقه "لبحر" تغمدهما الله برحمته الواسعة. استقبلهما الحاضرون بحفاوة كبيرة. وبدأ الجميع- أفراد أسرتي الحاضرون والزوار - يتسابقون لتحيتهما ويزدحمون حولهما.. فرد عليهم "لمرابط" بأدبه المعهود وبأسلوب مقتضب :

-"وعليكم السلام ورحمة الله، جميعا".

ثم اقترب الزائران من سريري، وقال محمد سالم:

-" لنا أم تسمى "النجاح" وأخت تسمى "الشفاء"... وودعناكم جميعا للذي لا تضيع ودائعه".

وانتهى لقاؤهما مع المريض ومن معه. 

 

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

 

 

[1] سمعتُ محمد سالم ولد عدود  رحمه الله مرات عديدة يقول على الهواء لمحاوريه على القنوات التلفزيونية وعلى الإذاعات  انه لا يحب الألقاب التمجيدية مثل "العلامة" أو "ألفقيه" أو"العالم" .. بل إنه يفضل أن يوصف بكلمة "لمرابط " فقط.

تصنيف: 

دخول المستخدم