لحسن: إذن فبالإمكان أن تكون مؤامرة حيكت لإشعال الحرب بين الطرفين؟
ذ. إشدو: ربما؛ لكن كان من الأفضل أن نحمد الله على النعمة التي أولانا، من تصالح واسترجاع لثرواتنا ولحريتنا وانسجامنا وأن نلتزم حدودنا إن تُركنا، لكن المشكلة أن جيراننا – هداهم الله- لن يقبلوا لنا ذلك! لن يقبلوا أن نعيش بطمأنينة وهدوء.
حين شبت الحرب صارت هناك مواقف مختلفة؛ قيادة حزب الكادحين والحركة الوطنية الديمقراطية ارتأت معارضة الحرب دون أن يعني ذلك معارضة ومجابهة النظام الوطني، وانتهجت سياسة "لا– نعم". لا للحرب، ونعم لكل ما عداها.
وحتى بعد نشوب الحرب انعقد مؤتمر الشباب الذي انتخب على أثره المجلس الأعلى للشباب الذي أصبح رئيسه عضوا في المكتب السياسي برتبة وزير.. وفي هذا المؤتمر وقعت تحالفات غريبة؛ الشباب اليميني ويسار الحركة الوطنية الديمقراطية الذي بدأ يتجه للانشقاق تحالفا ورأيا الحرب كل شيء وأن من اللازم الوقوف مع الصحراويين ومعارضة النظام، وتحالفت أغلبية الحركة الوطنية الديمقراطية ويسار حزب الشعب. وفعلا كانت الغلبة في النهاية لهذا التحالف الوطني، وكانت أغلبية قيادة الشباب من هذا التحالف. فمثلا التجاني ولد كريم الذي أصبح رئيس المجلس الوطني للشباب من الحركة الوطنية الديمقراطية المنضمة لحزب الشعب، المساندة لاتجاه الوحدة الوطنية، وكذلك محمد الحسن ولد لبات والكثير من الأعضاء ذكورا وإناثا، كانوا من الحركة أيضا.
وأعتقد أن الوزير السابق سيدي ولد أحمد ديه كان عضوا فيه، وهو من اليسار الرافض، لكنه عين في المكتب لأن القيادة كانت وحدوية مثلت الجميع حسب وزنه، والسيد محمد الأمين ولد الدوخلي كان من شباب حزب الشعب المتحالف مع الكادحين.. إلى آخره.
لحسن: كيف كانت علاقتكم في الحركة الوطنية الديمقراطية مع الصحراويين؟ لقد وجهت إليكم اتهامات بأنكم تواطأتم مع الصحراويين أثناء الحرب؛ لدرجة أنهم أسسوا طابورا خامسا عن طريق الكادحين.
ذ. إشدو: لا لا لا ٍسأشرح لك ذلك. كان موقفنا أثناء الحرب هو ما ذكرت لك "لا – نعم" لكن هذه الـ"نعم" غير مقبولة من طرف الصحراويين وهذه الـ"لا" غير مقبولة من طرف النظام، وقد لا تكونان مقبولتين من طرف كثير من الناس اليوم؛ فإذا قلت اليوم: نعم – لا قيل لك: هذا متناقض! مشكلتنا الآن أن أكثر الذين يعملون في المجال السياسي هواة مع الأسف، وليست لهم تجارب سياسية. أضف إلى ذلك أن ما يسمى الفكر الجدلي ليس لديهم أيضا. فما يسمى تعدد الألوان ليس لديهم؛ بل إما أبيض أو أسود، أنت معي أو ضدي، فإن لم تكن معي فأنت ضدي!
نحن حرصنا على البقاء في حزب الشعب، ومساندة جميع السياسات الوطنية ومعارضة الحرب وحدها.
لم يفهم يمين الحزب هذا الموقف بالطبع، ولم يتقبله؛ فصار يتهمنا دائما بأننا مع البوليزاريو. وهذه وحلفاؤها لم يفهمونا أيضا وحاولوا في البداية أن نكون لهم طابورا خامسا يتمثل دوره في الأمور التالية:
1. أن نكتتب لهم المقاتلين كما تفعل بعض الهيئات الآن مع داعش. وقد اختلفنا مع البوليزاريو حول هذه النقطة خلافا بينا. بوليزاريو رحّلت المنتمين إلى بعض القبائل في شمال موريتانيا واعتبرتهم صحراويين. جرى ترحيلهم من الزويرات ومن انواذيبو ومن بير أم اگرين ومن انواكشوط.. وغيرها، فالتحقوا بالبوليزاريو على أساس قبلي.
نحن قلنا لهم: لا! فإنا وإياكم ينبغي أن نكون حركتين وطنيتين ثوريتين فنبتعد عن القبلية. هنالك دولة تسمى موريتانيا عليكم أن تحترموا حدودها، وهنالك سكان موريتانيون عليكم أن تدعوهم وشأنهم. ونحن بالمقابل لا نريد أرضكم ولا ندعو سكانها للتوطن في بلادنا.
اختلفنا أيضا على أمر آخر أهم من هذا؛ هو سياسة الحلقة الضعيفة. ربما كان بعض حلفائهم – سواء في الجزائر أو في ليبيا- قد أوعزوا إليهم بعد لقاء بشار بأن الحلقة الضعيفة في التحالف الموريتاني المغربي هي موريتانيا؛ فينبغي أن يكون التركيز على موريتانيا لقهرها.
وقد اختلفنا معهم على ذلك أيضا، في الوقت الذي أيدهم فيه غيرنا؛ فقلنا لهم: يا إخوان.. نظرا لكل ما تقولونه فإن إضعاف موريتانيا وقهرها ليسا في صالحكم. ركزوا على المغرب ودعوا موريتانيا، فإن انتصر المغرب عليكم كان ما في أيدي الموريتانيين بمثابة وديعة لكم تلجؤون إليها، وإن انتصرتم على المغرب فمن السهل الحصول على ما في يد موريتانيا. ناقشنا هذا بشكل مطول سأصل إليه.
اختلفنا كذلك على أمر ثالث هو سياسة الأرض المحروقة؛ فقد جعلت بوليزاريو جميع أرض موريتانيا مجالا للحرب من تشيت وولاته إلى انواكشوط، الجميع مستهدف! والأفراد الموريتانيون العاديون يؤسرون فيتعرضون لجميع أنواع التعذيب. توجد الآن هنا هيئة تسمى "ذاكرة وعدالة" تسعى لإنصاف أولئك الذين عانوا مما ذكرت. نكلوا بالكثير ممن ذهبوا إلى هناك من الموريتانيين وعذبوهم بقسوة. أما الموريتانيون الأسرى بالمعنى الصحيح فلا تسأل عن معاناتهم؛ سواء في ذلك الإداري الكبير فال بابا ونحوه من المسؤولين، أو الضباط والجنود، بله إبادة قطعان المواشي وإحراق السيارات.. كل شيء مستهدف! اختلفنا مع البوليزاريو في هذا أيضا.
تصنيف: