تقع قرية برودة في بلدية احسي الطين التابعة لمقاطعة بومديد؛ حيث تحدها هضبة تكانتشمالا، وبلدية نواملين وحسي الطين جنوبا ومن الشرق الدحارة ومن الغرب سهل فوق،يقطن في القرية ساكنة تقدر ب 850 فردا يزاولون الأنشطة الزراعية وتنمية المواشي.
تملك القرية سهلا بطول 20 كم، أنشأت عليه سدا ترابيا في بداية القرن الماضي بجهودها الذاتية، حيث كان غالبا ما يتكسر تحت تأثير سيول هضبة تكانت الجارفة ومع ذلك كان القرويون يصلحونه بما تيسر.
أخيرا قرر مشروع الواحات في نسخته الثانية إدراج بناء سد برودة ضمن قائمة سدود ستنجز بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي FADES، مما أثلج صدور ساكنة القرية فحلمهم سيتحقق أخيرا حيث سيتمكنون من زراعة مساحة تقدر ب 200 هكتارا.
لم يستمر الحلم طويلا فاختيار شركة ضعيفة الخبرة، كان فأل سوء، وتم الانتهاء من بناء السد 2013، لكنه لم يصمد أمام أول سيل، حيث حمل الماء جزءا كبيرا منه وليتحول الحلم إلى كابوس، فالقرية فقدت موردها الرئيسي فالزراعة والتنمية الحيوانية ومياه الشرب تعتمد بشكل كبير على مياه الحوض الساكب التي يحجزها السدّ.
بعثت زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز للسد يوم 23\04\2015 الأمل في نفوس القرويين البسطاء خصوصا بعد اعطائه الأوامر لوزارة الزراعة بضرورة اصلاح السد في أقرب الآجال.
المسيرة الراجلة
شكلّ إطلاع ساكنة القرية على منشور يستعرض انجازات وزارة الزراعة ل عام2015 وآفاق 2016 والذي ذكر بان أشغال إصلاح سد برودة جارية، نقطة تحول، حيث اعتبروا بان الوزارة بتلك المعلومة المضللة، تريد وأد مشروع إعادة إصلاح السد، والتنصل من التزام رئيس الجمهورية، كما أن اطلاعهم على منشور آخر لمشروع الواحات يبرز صورة للسد تخفي حجم الأضرار زاد الطين بلة، مما دفعهم إلي القيام بمسيرة راجلة يوم 8\2\ 2016باتجاه نواكشوط مرورا بكيفة عاصمة الولاية لتسليط الضوء علي معاناتهم، توقفت المسيرة في كيفة بعد تلقي المشاركين وعودا بقرب اصلاح السد قبل خريف 2016 وعادوا الي قريتهم في انتظار بدأ الاشغال.
ماذا بعد المسيرة!
يتساءل سكان برودة اليوم عن سبب عجز الوزارة عن اصلاح سدهم خصوصا انه بٌني من طرف القرويين وحجز الماء لسنوات وكلما تكسر كانوا ينجحون في إصلاحه، إن وضعية السد قبل تدخل مشروع الواحات كانت تسمح على الأقل بحجز كمية من الماء تحسن ميزان المياه الجوفية، وتسمح بزراعة رقعة معقولة، أما اليوم فحجم الأضرار هائل والسد لم يحجز قطرة ماء واحدة، مما يعكس استهتار الشركة المنفذة وضعف آلية المراقبة والمتابعة.
إن معاينة السدّ اليوم تبرز بوضوح حجم الاستهتار بالمال العام، وتوضح بجلاء مستوي الخروقات في عملية التنفيذ، خصوصا إذا علمنا ان الشركة المنفذة اُخرجت من ملف السدّ كما تُخرج الشعرة من العجين!
يشعر سكان برودة اليوم بالندم والحسرة، فكيف سمحوا بتحطيم سدهم التقليدي والذي يشكل عصب الحياة في تلك القرية التي تغيب عنها جهود التنمية، ويكتفون اليوم بأطلال تشهد على استهتار وعبثية البعض، ويتساءلون ماذا يمكننا ان نفعل بعد زيارة الرئيس والسير في مسيرة راجلة، خصوصا ان الوعود لم تعد تعني لهم الكثير؟!
المهندس:الهيبة ولد سيد الخير
المهندس:الهيبة ولد سيد الخير
تصنيف: