اصدر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بيانا شديد اللهجة ضد النظام الحاكم، وصفه فيه بشعارات نارية مثل: "اختطاف البلاد نحو المجهول" ـ "قمع الشباب والتضييق على الحريات" ـ "استمرار حكم التجويع والبطالة" ـ "استمرار حكم النهب والفساد" ـ "الاحتقار" ـ"الظلم والتهميش"...الخ.
ويدعو هذا البيان المواطنين إلى مسيرة حاشدة سينظمها المنتدى في ظرف أسبوعين. وذلك بعدما يخلص إلى :
: "إن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة(...) لن يترك الأيادي التي عبثت بحاضر هذا البلد تعبث بمستقبله. وسيقاوم بقوة الانقلاب على الدستور وسيعمل (...) من أجل إفشاله وإحباط المحاولة الرامية إلى استمرار الحكم الحالي بأي شكل من الأشكال".
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا لا يخشى المنتدى أن تؤدي هذه القسوة المفرطة في اللغة السياسية المتعمدة إلى نتائج عكسية تتمثل على الأقل في نتيجتين سلبيتين لا تحمدعقباهما:
أولا. ألا تشكل هذه النبرة التصادمية في الخطاب خطورة أمنية بالغة تتمثل في كون المشاغبين والمهرجين قد يرون فيها إشارة خضراء تأذن لهم بالقيام ـ خلال المسيرة أو على هامشها ـ بأعمال وتصرفات متطرفة من الصعب التنبؤ بطبيعتها.. ولن يكون من اليسير على منظمي المسيرة ولا على قوى الأمن السيطرة عليها ؟
ثانيا. هلَّا يتسبب هذا العنف في الخطاب السياسي في تخويف الناس ورعبهم مما يدفعهم إلى العزوف عن المشاركة في مظاهرات من المفروض أن تكون جماهيرية؟
ونحن نخشى هذا الاحتمال وذاك انطلاقا مما شاهدناه خلال المحاولات غير الموفقة التي قامت بها بعض الأطراف من المعارضة المتشددة سنة 2012 لدفع المواطنين إلى الشارع تحت شعار " عزيز ارحل" الذي أطلقوه آنذاك وحاولوا تعبئة الجماهير حوله في "انتفاضة شعبية" لإزاحة النظام الحاكم والوصول إلى السلطة على غرار ما وقع في تونس ومصر واليمن... وكلنا نعرف كيف باء ذلك الشعار بالفشل الذريع لدرجة أن رئيس حزب تواصل الإسلامي ـ الذي كان من ابرزالقادة المعارضين الذين تزعموا حركة محاكاة الربيع العربي في موريتانيا ـ يعلن اليوم عبر وسائل الإعلام ندمه على حمل ذلك الشعار. أما الساسة "الأرحليون" الآخرون من المنتدى، فإنهم ـ حسب ما يبدو ـ آثروا السكوت على تلك الحقبة المريرة من صراعهم الفاشل ضد حكم ولد عبد العزيز.
ولكن هل هم من وراء سكوتهم هذا قاموا باستخلاص العبر كما ينبغي ؟ أم أنهم ما زالوا يعولون على إشعال نار "الربيع العربي" من جديد في البلد لبلوغ السلطة أولتحقيق طموحاتهم السياسية ؟
ويبقى فعلا الجوابان ب "لا" وب"نعم" واردين على التوالي على السؤالين إن نحن رجعنا إلى تصريح أدلى به أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية في شهر مايو من السنة الماضية للقدس العربي.. حين قال :
«أن خمود وهج الربيع العربي في بعض الجهات لأسباب عديدة لم يحل دون أن يبقى هذا الوهج حيا في وجدان القوى الحية في قلب الوطن العربي الكبير وأطرافه، وحتى لدى جيرانه المباشرين في إفريقيا وأوروبا» ؟
البخاري محمد مؤمل
تصنيف: