مكافحة التصحر: جوهر خطاب الرئيس الموريتاني الذي فضل التحدث باللغة العربية في مؤتمر باريس حول التحول المناخي

كما توقعنا في النسخة الفرنسية من الموقع، ركز الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الكلمة التي ألقاها في اجتماع الكوب 21 بباريس على ظواهر التغير المناخي في المناطق الصحراوية و ضرورة مكافحة التصحر فيها و الحاجة الماسة إلى دعم فعال للجهود التي تقوم بها دول الساحل في هذا المجال مثل "السور الأخضر"، وكان خطابه مستوحى من الوثيقة التي أعدت موريتانيا بهذا الشأن في شهر سبتمبر الماضي[i].

ومن الملفت للانتباه أنه خلافا لجل القادة الافارقة المشاركين ـ بما فيهم العرب مثل : الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي و  الملك المغربي محمد 6 الذي كلف أخاه الأمير مولاي الرشيد بقراءة خطابه نيابة عنه، فإن محمد ولد عبد العزيز لم يتكلم بالفرنسية، بل آثر إلقاء خطابه باللغة العربية رغم كونه يتحدث من فرنسا و رغم كونه يجيد لغة مولييرـ لغة البلد المضيف للمؤتمر. هل لخياره اللغوي هذا  مغزى سياسي له علاقة  على سبيل المثال بالنقاش الدائر في البلد حول تخليد مقاومة الإستعمار و الإحتفاء بذكرى المعارك التي اجراها محاربون و قادة موريتانيون ضد القوات الفرنسية في العشريات الثلاث الأوائل من القرن الماضي و حتى بعدها؟ الإحتمال وارد جدا.

النص الكامل لخطاب الرئيس الموريتاني :

يها السادة والسيدات،

يتطلب تحدي التغيرات المناخية الحد من الاحتباس الحراري في أفق 2020، لذلك ينبغي أن نتوصل إلى اتفاق ملائم على المستوى العالمي ملزم ضمن أهداف طموحة ومستدامة يمكن التحقق منها.

يتطلب الوصول إلى هذا الهدف المزيد من التضامن وروح التضحية .

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

أيها السادة والسيدات

أود في البداية التأكيد على تضامننا التام مع الحكومة والشعب الفرنسيين بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها مدينة باريس ، كما أود في هذا الإطار ان احيي الجهود الجبارة التي بذلتها السلطات الفرنسية وأثمن عاليا التزام الأمين العام للأمم المتحدة الذي عمل بالتعاون مع هذا البلد المضيف على حسن التحضير لهذا اللقاء الدولي الهام.

أيها السادة والسيدات ،

ينعقد مؤتمرنا هذا في لحظة حاسمة تطرح فيها قضايا البيئة على صعيد غير مسبوق بصفتها تحد للبقاء الحقيقي الذي يواجه كوكبنا وساكنته.

إن حجم التحديات البيئية ماثل أمامنا باستمرار من خلال اتساع وتكرار الكوارث الطبيعية، إن تفاقم ظواهر ارتفاع منسوب المحيطات والتصحر يعرض التنوع البيولوجي لأخطار لا يمكن تلافيها ويهدد بأزمة إنسانية كبرى ونزوح عشرات الملايين.

إن حجم الرهانات الحالية وطابعها ألاستعجالي، يفرض علينا الإسراع في اتخاذ قرارات نوعية وعلى مستوى التحديات يستجيب للتطلعات المشروعة الملحة للملايين المواطنين في العالم.

أيها السادة والسيدات،

تواجه موريتانيا بفضل التصحر وارتفاع منسوب مياه البحر تحديات ايكولوجية وبيئية كبيرة تؤثر سلبا على حياة السكان، ووعيا بهذه الرهانات فإن بلدنا يلتزم بالمضي في طريق التكفل الملائم بهذه التحديات.

فعلى المستوى الإقليمي تضم مبادرة السور الأخضر الكبير التي تتولى بلادنا رئاستها الدورية 11 بلدا إفريقيا حريصين على توحيد جهودهم لتجنب الأخطار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الناجمة عن التصحر وتغير المناخ. في هذه السياق تمثل ضرورة تكيف السكان مع تغير المناخ، ضمانات لترشيد استخدام الموارد والاستغلال المستدام للأراضي والمحافظة على البيئة.

وفي نفس السياق فان مجموعة دول الساحل الخمس التي تضم بلادنا الى جانب اخوتنا وجيراننا في بوركينا افاسو ومالي والنيجر وتشاد، وضعت مشروعا طموحا لاستثمارات ذات أولوية، تستهدف ضمن محاور تدخلها المتميز، تجديد النشاط الرعوي والتكيف مع التغيرات المناخية وتسيير الموارد المائية.

أيها السادة والسيدات،

تحظى التحديات البيئية بالأولوية على مستوى سياستنا الوطنية، فالبيئة تمثل بالنسبة لنا أولوية قصوى، نأخذها في الحسبان في استراتتيجيتنا وبرنامجنا التنموي.

في هذا الإطار تم القيام بعمل ملموس ومتعدد الأوجه لحفظ وتجديد الغطاء النباتي وحماية التنوع البيولوجي وتطوير المناطق الساحلية والمحميات الطبيعية وترشيد الموارد المائية، كما بذلنا جهدا غير مسبوق في مجال الطاقة من اجل تنويع مصادر إنتاجها بالتوسع في استخدام الطاقات الصديقة للبيئة.

إن مشاركة بلدنا في الجهد الدولي الراهن تؤكد عزمنا على الانخراط بشكل كامل في محاربة تغير المناخ، فقد التزمنا بتخفيض نسبة انبعاث الغازات الملوثة للبيئة ب 22،3% في أفق 2030.

أيها السادة والسيدات،

يتطلب تحدي التغيرات المناخية الحد من الاحتباس الحراري الى اقل من درجتين في افق 2100، لذلك ينبغي ان نتوصل الى اتفاق ملائم على المستوى العالمي ملزم ذي أهداف طموحة ومستدامة يمكن التحقق منها.

و يتطلب الوصول إلى هذا الهدف المزيد من التضامن وروح التضحية .

إننا في موريتانيا ملتزمون بالتصدي للتحديات البيئية.

أشكركم".

 

[i] http://mauriactu.info/fr/articles/cop-21-quel-sera-le-message-du-preside...

تصنيف: 

دخول المستخدم