ما هو أداء موريتانيا في الأمم المتحدة و ما هو دورها في المنطقة ؟ بان كيمون يجيب

 لا ينظر الساسة الموريتانيون من زاوية واحدة إلى ما يقدمه بلدهم على الساحة الدولية. فهناك رؤى متباينة جدا بهذا الشأن فيما بين المعارضة الراديكالية والدولة.  حدة الخلاف بين الطرفين تدفع بغير المتحزبين إلى البحث والإستماع إلى شاهد غير طرف في الصراع و ذي مصداقية،  لعله يجيب على السؤال التالي : ما هو أداء بلادنا في الأمم المتحدة وما هو دورها في المنطقة؟

الإجابة جاءت الآن على لسان الأمين العام للأمم المتحدة في كلمة ألقاها يوم أمس ـ السبت 5 مارس 2016 ـ في نواكشوط بقصر المؤتمرات أمام جل الفاعلين السياسيين و المؤثرين في الرأي العام : رئيس الجمهو رية ـ أعضاء من الحكومة ـ برلمانيين ـ هيئات من المجتمع المدني ـ أحزاب سياسية ـ إعلاميين...

 نترك للقارئ الحكم بنفسه على الأداء الدبلوماسي لموريتانيا على ضوء ما قاله بان كيمون ، مكتفين بنشر خطاب هذا الأخير كاملا فيما يلي :     

   

"صاحب الفخامة :الرئيس محمد ولد عبد العزيز

صاحب المعالي رئيس البرلمان

أصحاب السعادة

أعضاء المقام، أعضاء البرلمان

أعضاء مجلس الوزراء

الضيوف الموقرون

السيدات والسادة

إنني أشكر صاحب الفخامة، الرئيس محمد ولد عبد العزيز وموريتانيا حكومة وشعبا على ترحيبهم الحار.

وهذه هي زيارتي الأولى إلى موريتانيا –ولكني أعرف هذا البلد جيدا من خلال مساهماته العديدة المقدمة إلى الأمم المتحدة.

وإننا نشعر بامتنان عميق لعدد من الموريتانيين ذوي المواهب العالية  الذين خدموا الأمم المتحدة بتميز رائع، وهناك اثنان منهم معنا اليوم.

ياتي في المقام الأول السيد أحمدو ولد عبدالله ، الذي ترك سجلا مشرفا في خدمة ثلاثة أمناء عامين .

ففي عهد بطرس بطرس غالي، كان ممثلا خاصا في بوروندي واضطلع بأحد أنجح أعمال الوقاية في تاريخ الأمم المتحدة.

وأعتقد أنه قد ساعد أكثر من أي شخص آخر، على ضمان عدم امتداد الإبادة الجماعية التي  وقعت في  رواندا  عام 1994 إلى بوروندي.

وفي عهد كوفي عنان كان السيد ولد عبدالله ممثلا خاصا معنيا بمنطقة غرب إفريقيا بأسرها.

وبعد أن أصبحت الأمين العام، كان هو ممثلي الخاص في الصومال.

وهناك مواطن موريتاني آخر، هو السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يؤدي عملا هاما لللغاية  بصفته مبعوثي الخاص لليمن، حيث يسعى لوضع حد للحرب الوحشية المستعرة.

وقد سعدت بتعيين السيد القاسم وين مؤخرا في  منصب الأمين العام المساعد لعمليات  حفظ السلام، وهو يضع بصمته بالفعل  في هذا المجال .

وأحيي أيضا العمل الذي تقوم به الوحدة الموريتانية في بعثتنا المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى .

والرئيس محمد ولد عبد العزيز نفسه يؤدي دورا نشطا في الدبلوماسية المتعددة الأطراف .

فقد تولى رئاسة مؤتمر قمة الاتحاد الإقريقي في عام 2014.

وإني أقدر تقديرا خاصا الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى بوروندي ضمن وفد الاتحاد الإفريقي  الرفيع المستوى ، وقد كنت أنا نفسي هناك في الشهر الماضي ، ويجسد ذلك اهتمامنا المشترك ببوروندي- وتصميمنا على العمل في هذا الصدد.

أصحاب السعادة

إنني هنا لتسليط الضوء  على منطقة الساحل .

وإن التحديات الماثلة أمامنا مترابطة ، ويجب أن يكون التصدي شاملا ، فإننا بحاجة إلى الأمن من أجل التنمية ، وإننا بحاجة إلى التنمية الشااملة للجميع والحوكمة الرشيدة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار السياسي .

وعندما جئت إلى المنطقة في نهاية عام 2013 ، قمنا بتعبئة المجتمع الدولي لإيجاد حلول مستدامة للتحديات المترابطة في منطقة الساحل .

وأعود الآن لأن هذه المنطقة تندرج على قمة أولويات الأمم المتحدة، ونحن عازمون على التصدي للأسباب الجذرية، تخلف النمو وانعدام المساواة وسوء الحوكمة والإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان.

ويمكن لبلدان المنطقة على هذه التحديات – من خلال العمل معا بالاستفادة من الدعم الدولي .

وإطار عملنا هو استراتيجية الأمم المتحدة  المتكاملة لمنطقة الساحل .

وممثلي الخاص لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل ، محمد بن شمباس يتولى باقتدار قيادة منظومة الأمم المتحدة بأسرها هنا.

وتجري تعبئة جميع أجزاء المنظومة ، من برامج إدارة الحدود إلى دوريات حفظ السلام  التابعين  للأمم المتحدة في مالي ، ومن مشاريع مساعدة الرعاة إلى المساعي الحميدة الرامية إلى منع الأزمات السياسية .

السيدات والسادة

إن منطقة الساحل تواجه الخطر الثلاثي المتمثل في تدهور البيئة والفقر وانعدام الأمن .

ويفتقر واحد  من كل 7 أشخاص في منطقة الساحل إلى الغذاء الكافي ، ويموت واحد من كل خمسة أطفال قبل بلوغ سن الخامسة.

وقد تضاعف ثلاث مرات عدد من اضطروا إلى الفرار من ديارهم خلال السنوات الأخيرة ليبلغ أربعة ونصف مليون شخص ويساورني بالغ القلق بشان محنتهم .

وتصارع المجتمعات المحلية هنا  ظروفا بيئية قاسية تزيد الصدمات المناخية تفاقما ، وهي تعاني من ضعف المحصول ، وعدم  كفاية المياه والكهرباء، وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية .

وتكتسب استجابتنا قوة دفع جديدة  باعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاق باريس بشأن المناخ  .

ومن المتوقع أن يصوغ مؤتمرالقمة العالمي للعمل الإنساني المقرر عقده في اسطنبول في أيار/مايو المزيد من التضامن العالمي .

وإني أعول على حضور قادة منطقة  الساحل فيه .

وسيتضمن مؤتمر القمة اجتماع مائدة مستديرة للقادة بغية الحصول على التزامات ملموسة وتمويل مضمون .

ورسالتي واضحة : يجب أن ننتقل من تقديم المعونة إلى إنهاء الحاجة إليها .

وليس ثمة مكان ينطبق عليه ذالك على  نحو أكثر إلحاحا من منطقة الساحل .

السيدات والسادة

لا تزال الحالة الأمنية في منطقة الساحل تتسم بالتقلب .

وإني أشعر بالقلق بوجه خاص إزاء الترابط بين أنشطة الجماعات الإجرامية والمنظمات الإرهابية ، فهي أنشطة تقوض التنمية والنمو الاقتصادي والمؤسسات الوطنية ، ويدفع السكان المحليون أعلى ثمن  لذالك  .

وإن الهجوم الذي وقع في تشرين الثاني /نوفمبر الماضي على فندق راديسون في باماكو ، وعمليات القتل التي وقعت بعد ذلك  بشهرين في واغادوغو ، والعنف الذي لا هوادة فيه ضد القوات المالية  وقوات  الأمم المتحدة – تدق جميعها ناقوس الخطر .

 وقد دفع انعدام الأمن في شمال مالي آلاف الناس إلى ترك ديارهم ، ويعيش نحو 48000 منهم كلاجئين في مخيم امبرة في موريتانيا وهم يستحقون استجابة كلية الطابع .

ولا تزال جماعة بوكو حرام تشن هجماتها في منطقة حوض بحيرة اتشاد مع ما ينجم  عنها من خسائر فظيعة في الأرواح ومعاناة  بشرية وتشرد وإني أثني على الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في لجنة حوض بحيرة تشاد وبنين ، ويجب أن يعزز المجتمع الدولي دعمه للقوة المشتركة المتعددة الجنسيات .

وتقف الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة في مجال مكافحة الإرهاب وغيره من التهديدات غير المتناظرة .

وفي هذا الصدد فنحن مصممون على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني – باعتبار ذالك مسؤولية أخلاقية وخيارا استراتيجيا فعالا .

وأرحب بالتركيز المتواصل لعملية نواكشوط التابعة للاتحاد الإفريقي  على الأمن والإرهاب.

وتعد مشاركة موريتانيا فيها أمرا بالغ الأهمية ، وإني أحيي قيادة الرئيس عبد العزيز على الصعيد الإقليمي  ودوره في إنشاء المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل .

ونحتاج الآن إلى تنفيذ الخطوات التي اتفق عليها في إطار المجموعة الخماسية وعملية نواكشوط تنفيذا فعالا وإلى تعزيز الدعم الإقليمي المقدم إلى مهمة الأمم المتحدة في مالي وبعثتها المتكاملة لتحقيق الاستقرار في مالي.

وأشيد بصفة خاصة بقرار المجموعة الخماسية  القاضي بإنشاء خلية إقليمية في نواكشوط من أجل منع نزعة التطرف ، ويمكن أن يستكمل ذالك خطة عملي العالمية بشأن منع التطرف المصحوب بالعنف .

وبوسع موريتانيا أن تفخر بجهودها الوطنية الرامية إلى مكافحة التطرف ، ويمكننا أن نرى النتائج ملموسة .

وأحيي أيضا الجهود الإقليمية المبذولة لمكافحة الإتجار بالأسلحة والمخدرات ، وينبغي لنا أن نضيق الخناق على تمويل من يزدهرون باستغلال انعدام الأمن لتقويض الحوكمة الرشيدة وإضعاف المؤسسات الوطنية .

أصحاب السعادة

السيدات والسادة

يفتقر  الملايين من الشباب في جميع أنحاء هذه المنطقة إلى سبيل الحصول  على التعليم وفرص العمل اللائق والأمل .

ويتعرض الشباب المحبط والعاطل عن العمل لاستغلال الشبكات الإجرامية  والإرهابية .

واسمحوا لي أن أكون واضحا : فلا ينبغي أن ننظر إلى هؤلاء الشباب باعتبارهم تهديدا ، فهم يمكن أن يكونوا أكبر قوة فعالة لمكافحة التطرف المصحوب بالعنف .

وقد أكد مجلس الأمن أهمية بناة  السلام الشباب ، وسلم في قراره التاريخي 2250 بأن الشباب يمكن أن يقوموا بدور نشط في صياغة السلام والإسهام في العدالة وتضميد المجتمعات .

وهذه منطقة حافلة بالشباب ، وعندما  نمكن الشباب فسيستفيد الجميع .

ولذالك ، فإني أدعو الزعماء في كل مكان إلى الاستماع لأصوات الشباب ، وتمويل مبادرتهم من أجل  السلام ومساندتهم بالإرادة السياسية .

ويجب علينا أن نحقق وعد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بألا يتخلف أحد عن  الركب ، وأحث حكومة موريتانيا على تولي زمام أهداف التنمية المستدامة بقوة ، وأتوقع أن يقدم البرلمان دعمه الكامل بأن يسن  عند الاقتضاء  ، قوانين محلية للمساعدة على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس بشأن تغير المناخ .

ويتطلب هذا تنمية شاملة للجميع يالفعل  تقلل من أوجه عدم المساواة .

ويقتضي ذالك تمكين المرأة بما يشمل إنهاء ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث .

وإني أثني على سياسة موريتانيا الوطنية بشأن التخلي عن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث – وعلى الجهود المماثلة في جميع أنحاء العالم .

كما تتخذ موريتانيا خطوات هامة من أجل تحسين الحوكمة ، وإني أرحب بالقوانين الجديدة التي تعاقب على الرق وتتصدى للتعذيب ، ويجب أن توضع هذه القوانين موضع التطبيق .

وأدعو جميع بلدان منطقة الساحل إلى التصدي على نحو أنجع للفساد وسائر الممارسات التي تقوض الشرعية وتنال من ثقة الناس .

ومن شأن المؤسسات الديمقرطية القوية أن تمهد الطريق لتحقيق تقدم دائم .

أصحاب السعادة

إن لموريتانيا صلات باللاجئين الصحراويين الذين يعانون معاناة شديدة في ظل ظروف قاسية ، ولا يمكن للعالم أن ينسى محنتهم ، ويجب أن يتمتع الشعب الصحراوي بحقوقه الإنسانية – خصوصا الحق في تقرير المصير

وإني أهدف إلى الإسهام في عملية التفاوض  بشأن هذا النزاع الذي طال أمده وتيسير المحادثات حتى يتسنى للاجئين الصحراويين  أن يعودوا إلى ديارهم في الصحراء الغربية .

كما إنني اشعر ببالغ القلق إزاء الحالة  في ليبيا فلدينا تقارير مزعجة عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان بما في ذالك تجاوزات جسيمة قد ترقى إلى مرتبة  جرائم الحرب .

ويجب على جميع الجهات التي لها نفوذ أن تسخره لتهدئة الوضع ووقف القتال ، وإنه لأمر يتسم بعدم المسؤولية على نحو خطير أن تؤجج قوى خارجية النيران .

ويقوم ممثلي الخاص السيد مارتن كوبلر بتسيير المحادثات بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية .

إن مستقبل ليبيا على المحك – وستتردد أصداؤه على مدى بعيد ونواجه في هذه اللحظة آفة داعش المروعة التي تتوسع في ليبيا إلى مناطق أخرى .

وإن النجاح في تحقيق استقرار ليبيا ستستفيد منه أيضا منطقة الساحل – وما وراءها.

السيدات والسادة

السيد ولد عبدالله أرجو أن تسمح لي أن أختم كلمتي بتأمل تجربتك..

لقد تلقيت إخطارا لتولي العمل في بوروندي في غضون 48 ساعة ولم تحمل معك سوى أمتعة قليلة ، وكان فريقك صغيرا للغاية .

ولكنك حملت قناعة كبيرة وهي بحسب تعبيرك أن "المثابرة والعمل الجاد سيؤتيان ثمارهما؛ وقد تحقق ذالك".

وإني أذكر هذا لأنه ينطبق على جميع مناطق الاضطرابات العالمية – ومنطقة الساحل ليست استثناءا.

والأمم المتحدة لن تتراجع فسنعمل بجد وإننا نقف معكم لإعمال حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة وبسط  السلام  الدائم في كل أنحاء هذه المنطقة لصالح جميع سكانها .

شكرا لكم.."

تصنيف: 

دخول المستخدم