مالي: بوادر خلافات بين الإنقلابيين وداخل "M5-PRF" تزيد من تهديدات استقرار وأمن المنطقة ...

يوصف بأنه ضابط كتوم؛ ورغم ذلك، تكلم وقال: أنا العقيد  آسيما گويتا..  رئيس اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب." وعلى صعيد آخر، وتزامنا مع تصريحه، اعلن الإمام مامادو ديكو اعتزاله السياسة.

وحسب مصادر إعلامية عديدة، المتكلم الأول، بوصفه قائد القوات الخاصة، كان الرجل النافذ، من حيث التدبير والتنفيذ على الميدان العملياتي، في الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المالي إبراهيم ببكر كيتا. لكنه لم يكن منتظرا بهذه الصيغة التي تحدث بها: منذ  بداية التمرد العسكري، كان الكولونيل مايجور إسماعيل ويگا، القائد المساعد للقوات الجوية، هو الذي يظهر دائما بوصفه الناطق باسم الانقلابيين  بينما يجلس آسيما گويتا إلي يمينه. واعتقدَ جل المراقبين أنه زعيم التمرد.. ففضلا عن الحضور الإعلامي القوي للكولونيل ماجور، فهو الأعلى رتبة : يُعدُّ ضمن الجنرالات.

أما فيما يعني المدنيين الناشطين على الساحة السياسية، فإن الإمام ديكو يوصف بكونه "الزعيم الروحي" – ويقولها عن نفسه- لحركة التذمر والاحتجاجات الواسعة المعروفة تحت أسم " M5-PRF"[i"] التي تسيطر تقريبا على الشارع المالي منذ شهرين.. مطالبة باستقالة الرئيس إبراهيم ببكر كيتا.

ولما قام رؤساء مجموعة غرب افريقيا بوساطة لحل الأزمة الناجمة عن تلك الحركة، وقف الإمام عصيا ضد خارطة الطريق التي اقترحها وفد الرؤساء بقيادة گودلوگ جوناتان رئيس نيجيريا السابق، حيث لعب ديكو دورا قويا في افشالها. و فعلا، كان الإمام ابرز واجهة للزعامات السياسية للحركة. واليوم، ها هو ينسحب بينما الحركة أيدت الانقلاب  وقررت التعاون مع الزمرة العسكرية.

لماذا "يستقيل" الإمام سياسيا في هذه الظرفية الحاسمة والخطيرة؟ فما هي الدوافع الحقيقية لإعلانه الاختفاء من المشهد السياسي؟  هل قال كلمته الأخيرة؟ وهل للأمر علاقة بخلافات داخلية شديدة يشهدها حراك "M5-PRF" بشأن موقفه مع الإنقلابيين؟

 أما على صعيد المتمرين العسكريين، فإن إعلان العقيد آسيما گو يتا بنفسه أنه هو زعيم الانقلابيين يثير بدوره شكوكا: لما ذا لا يتولى الكولونيل مايجور إسماعيل ويگا نشر هذه الرسالة كما فعل للرسائل السابقة الصادرة عن الانقلابيين بوصفه الناطق باسمهم؟ هل هذا يعني أن رئاسة العقيد آسيما گويتا ل"اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب"- التي قال عن نفسه- ليست موضع اجماع بين الزمرة العسكرية؟

وأيا كانت الأجوبة، فإن هذه الأسئلة وغيرها تحمل مؤشرات على عدم استقرار الوضع السياسي في مالي.. وتنذر بقابليته للتدهور بشكل يُخشى من أن تكون له آثار وخيمة على أمن البلد وأمن منطقة الساحل. وعلى موريتانيا والدول المجاورة أن تجعل لهذا الوضع وتطوراته المتلاحقة والمحتملة حسابات كفيلة برفع التحديات الأمنية والجيو-سياسية المتزايدة في المنطقة.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

  

 

 

[i]   حركة 5 يونيو- تجمع القوى الوطنية (Mouvement du 5 juin-Rassemblement des forces patriotiques ) 

 

تصنيف: 

دخول المستخدم