لقائي مع ابن المدائن المعارض !

            لقيت ابن المدائن المكابر.. فجلست منه جلسة التلميذ من المعلم.. حيث كان مشوش البال.. يتفوه بأشياء عير دقيقة.. لا تطابق الواقع في أغلب حالاتها؛ ولأنني لا أعلم سؤالا يحيط به المبهم، أردت أن أسأل الرجل عن أمور تخص واقعنا.. فكان تجاوبه معي كما يلي   :

 س.    كيف كان حال البلد منذ الاستقلال وحتى قدوم هذا النظام الحالي؟ هل الإنجازات في الزمن الماضي كانت تتبخر كالماء أم أنها كانت تنجلي كالليل؟ أم هي من الذي قد يحسبه الظمآن ماء! ....

تمعر الوجه وبدت رحضاء العي تداعب الجبين ثم أجاب: ما  فات، فات ...

س.    أين تدرسون أبناءكم؟

ج.     بعضهم في مدارس الامتياز والبعض الآخر في الكليات والمعاهد التي أنشئت في السنوات الأخيرة.

س.    كيف تسافرون إلى الخارج؟

ج.     نسافر في الطائرات المملوكة للدولة بعد إنشاء شركة للطيران في السنوات الأخيرة

س.    هل تستطيع انتقاد الدولة علنا؟

ج.     نعم ... نعم ... ولا أخشى في ذلك لومة لائم.

س.   على أي المذاهب الأربعة أنتم؟

ج.    قبل المحظرة المتجولة لم أكن أفقه الكثير عن المذاهب أما الآن ... فأنا على المذهب المالكي.

س.   هل عندكم إلمام بالأحكام السلطانية؟

ج.    ماذا تعنين بالأحكام السلطانية!

س.   ما هي مصادركم المادية؟

ج.    كان الرجل منا مهابا حيثما حل ......يأخذ مال الدولة دون مراعاة لأي ضابط ... نصرفه في الحفلات ... نوزع بعضه على حاشية حزبنا... وذلك أيام الزمن "الجميل" !! ... أما اليوم  وقد عممت الامتيازات على عمال الدولة ... علاوة السكن ...علاوة التجهيز ... وأصبحت الدولة تقنن المصروفات وتنظم المؤسسات فلم يعد لنا أي اعتبار سواء كنا سارقي ماء أو سارقي نار...

س.  ماذا ترى في تغيير وجه المدينة؟

ج.   أعتبره ضرورة قصوى لأنه لو بقي على حاله في الماضي لما زارنا زائر ولما استطعنا أن نستضيف ونترأس القمم كالوحدة الإفريقية والجامعة العربية ...

س.  هل ترى تغيير المناهج الدراسية ضرورة؟

ج.   كل الدول في العالم تقوم بذلك وذلك هو سر تقدمها ونحن قمنا بذلك مؤخرا مما ساهم في استرجاعنا لهويتنا وذلك بإقرار الدولة مادة التربية الإسلامية مادة لا غنى عنها في مسابقة الثانوية العامة وزيادة ضاربها وتشجيع الفائزين في مسابقات المواد العلمية جزاها الله خيرا.

س.  هل قلت جزاها الله خيرا؟

ج.   قلتها الآن أمامك لكني لا أقولها في مهرجاناتنا ولا في مسيراتنا التي لولا الأرصفة التي  بنيت مؤخرا لتعثرنا ... ذلك أننا نتفاوت في الأعمار حسب تفاوت الأنظمة التي نبكيها.

س.  هل تعلم أن النصوص الاجتهادية كلها قابلة للتعديل حسب المصالح المرسلة والضرورات؟

ج.   هذا أمر مفروغ منه.

س.  ألا ترى أن تغيير العلم أمر في غاية الأهمية حيث يكون فيه اعتراف بجميل السلف واستنهاض همم الخلف؟

ج.   نحن أهل الممانعة لا نقوى على الاعتراف بما ليس من صنيعنا ذلك أننا نود لو كنا نحن الذين قمنا بهذه الإنجازات خلال الأزمة "الجميلة" الماضية وذلك َحرصا منا على النشب والشعب.

س.  ألا ترى أن دولا أقدم منا بكثير ومارست التجربة الديمقراطية قبلنا وأنتم تعتدون بها كقدوة مبرزة تنوي تغيير دستورها وتقليص عدد نوابها ومنذ فترة وهي تقر حالة الطوارئ؟

ج.   كفاك انتزاعا لاعترافاتي بما أنجزه هذا النظام الحالي.

سألا ترى أن المجالس المحلية أفضل من مجلس الشيوخ الذي يتمركز في العاصمة وتغيب عنه هموم الناس؟

ج.   اسمحي لي أن أقول لك إنك تتمتعين بسماجة لا قبل لي بها....تنبشين الماضي وتقومين الحاضر وتتطلعين إلى . وأنا لم أعرف بعد هل إن أصحابي راضون عن تصريحاتي أم إنه علينا أن نتشاور ليكون الكلام موحدا.فنحن عايشنا أزمنة لا تفتح فيها الأفواه إلا لطبيب الأسنان إن وجد !

س.  هل أنت موال أو معارض؟

استنكر السؤال وكأنه أصيب بسِنة ثم أجاب:  " يدي اليمنى في المعارضة يظل صهيلها ممتدا إلى أعلى السماكين ... وذراعي اليسرى تبيت تلهث وراء كل مصلحة شخصية تستطيع الحصول عليها دون اعتبار لأي موقف وأما لساني فليس إلا إمعة يميل يمينا مع اليمين ويسارا مع اليسار".

ما كان مني إلا أن دعوت له كما يفعل تلميذ المحظرة مع استاذه عند نهاية الدرس:

"يغفر الله لنا ولك"

ثم انصرفت

امبيريكه محمد مؤمل            

تصنيف: 

دخول المستخدم