كورونا: موريتانيا والاتجاهات المعاكسة...

ارتفعت وتيرة العدوى في موريتانيا خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل مذهل: بلغت الإصابات التي تم كشفها منذ بداية انتشار الوباء 29 حالة بينما كان عددها الإجمالي قبل ذلك 8 حالات فقط، عدد تناقص حتى بلغ "صفر" في 18 من شهر ابريل الماضي وبقي على ذلك الحال- معدوما- طيلة أكثر من شهر.

وتيرة بطيئة ومتهالكة.. ووتيرة متسارعة وخطيرة...

 في تلك الفترة وما قبلها، كانت الوتيرة العامة للعدوى ترتفع في العالم وفي الدول المجاورة، على عكس ما يجرى في موريتانيا، حيث كانت تسير ببطء، وتتناقص حتى اختفى المرض. وصار الأمل يحدو بنا إلى أننا سيطرنا على الوباء تماما وأننا قاب قوسين أو ادني من القضاء عليه نهائيا دون عناء كبير إن استثنينا وفاة مواطنة بسبب المرض رحمها الله.

أما اليوم، فالوضع يختلف. ففي الوقت الذي تتراجع فيه وتيرة العدوى في كثير من أنحاء العالم، فإنها تشهد تسارعا مذهلا في بلادنا: تضاعفت الحالات التي تم كشفها في الأيام الأربع الأخيرة أربع مرات تقريبا، حيث زادت الإصابات بنسبة 362,5% على الفترة التي سبق وصفها. وشملت وفاة أحد المصابين تغمده الله برحمته الواسعة.

ويلاحظ على ضوء هذه التطورات المتباينة في سرعة انتشار الوباء عندنا مقارنة بالآخرين،  أن منحنى العدوى في بلادنا ظل يسير في اتجاه عكسي لما نراه في أكثرية دول العالم. وربما يعود تعليل الأمر  إلى عاملين:

أولا : الاجرءات الاحترازية والتحسيس.

لا شك أن القرارات التي بادرت الدولة إلى اتخاذها في هذا المجال كان لها دور فعال في منع انتشار المرض  بسرعة في الفترة السابقة وكذلك حملات التثقيف والتحسيس التي تم القيام بها على أصعدة مختلفة وعبر وسائل متنوعة. إلا أن  قرارات التخفيف الأخيرة لم ترافقها إجراءات تحول دون  الرجوع إلى الوراء.. كما أن حملات التحسيس والتثقيف شهدت فتورا غير مقبول.

ثانيا:الفحوص.

منذ البداية كان وما زال يوجد تفاوت كبير بيننا وبين الدول الأخرى في قدرات التشخيص. بلادنا تأخرت في هذا المجال. مما حال دون اكتشاف حالات إصابة أهلها لا تظهر عليهم أعراض أو لم يعاينوا المصالح الطبية. واليوم بدأت السلطات تتدارك الوضع وتصحح الخلل عبر تكثيف عمليات الفحص كما قال وزير الصحة مساء أمس. ولا شك أن عدد الإصابات سيظل في تزايد تباعا، وفقا للشروح التي قدمها الوزير .

حرب جديدة ومتغيرات كثيرة...

 يستدعي الوضع الجديد تعزيز وتوظيف القدرات البشرية والمادية بشكل فعال يضمن  تكثيف الفحوص والجهود الوقائية  والتقيد في هذا المجال الأخير بصورة خاصة بسلوك حازم وحاسم ،جماعي وفردي.. فنحن حسب الوزير والعارفين بمحاربة الأوبئة في مرحلة خطيرة وحاسمة لا مجال فيها للتذبذب ولا للتراخي. بل يجب أن يسير منحنى تعاملنا مع الجائحة على إيقاع بناء وثابت يقينا من  العواقب الوخيمة للتأرجح بين الضعف والقوة ، بين الصعود والهبوط.

 وكما هو الحال في كل حرب- وخاصة حرب من نوع جديد بكل المقاييس- فلن تسلم العمليات طبعا من مد وجزر. مما يتطلب تحيين الخطط والإجراءات و تكييفها تبعا للمستجدات التي تطرأ كل يوم في مجال محاربة هذا النوع من الأوبئة الطارئ والغير معروف حتى عهد قريب، وتبعا أيضا لتطورات الأوضاع  والعوامل الأخرى ذات العلاقة.

البخاري محمد مرمل (اليعقوبي)   

تصنيف: 

دخول المستخدم