كورونا:الجائحة تتراجع في موريتانيا، لكن وباء الإنفوديميا يتقدم بشكل خطير.

لليوم الثاني على التوالي، تتراجع جائحة كورونا في موريتانيا حسب المعطيات التي تُعرض خلال الندوات الصحفية اليومية التي تنظمها وزارة الصحة: ​​47 حالة إيجابية لوحظت خلال الـ 24 ساعة الماضية مقابل 60 حالة مسجلة في اليوم السابق و 77 في يوم قبل ذلك. مما يدل على منحنى تنازلي بنسبة 22٪ و 21٪ على التوالي؛ أي: انخفاض في وتيرة انتشار الوباء بمعدل يفوق قليلا 20٪.

ورغم أن هذا التراجع في سرعة انتشار الوباء لن يتأكد بصورة قطعية إلا بعد عدة أيام من تواصله، فإنه يدعو إلى التفاؤل والأمل فيما يعني استقرار الوضع وقابليته للتغيير تبعا للمسار الذي نرجوه.

ورغم ذلك، فإن التطور الإيجابي الذي لاحظناه على مدار الأيام الثلاثة الماضية تصاحبه إنفوديميا (infodémie) خطيرة. وهذه كلمة مستحدثة تم تركيبها من جذرين لغويين اجنبيين على اللغة العربية: info (المعلومة)، وdémie (الشعب أو كثير من الناس). ويستخدم الجذر اللغوي الأخير للدلالة على مرض واسع الانتشار أو متوطن في منطقة معينة[i].  

وبهذا المعنى، استحدثت منظمة الصحة العالمية كلمة (infodémie) لوصف هذا التدفق المستمر للمعلومات التي تتكون إلى حد كبير من أخبار كاذبة  (fake news) ترافق جائحة كورونا. ويجب التصدي لهذا التحدي، حسب منظمة الصحة العالمية ، بوصفه وباء في المعلومات مصاحبا لكوفيد 19؛  ويشل العمليات والاستراتيجيات المتخذة لمكافحة الجائحة.

وفي بلدنا، شاهدنا منذ ظهور كوفيد 19 عندنا، أشكالا متفاوتة الوضوح والخطورة من الإنفوديميا التي تحذر منظمة الصحة العالمية منها. أما في الـ 24 ساعة الماضية، فقد وصلت حملات  الأخبار الكاذبة إلى مستوى عالٍ جدا من الخطورة، تَمثل في تسجيلات صوتية خطيرة للغاية، تم بثها على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وتدعي صاحبتها أنها متخصصة في علم الأحياء (بيولوجية). وحاولت بكل ما أوتيت من قوة التشكيك في كل ما يتم القيام به ضد الوباء وتكذيبه. واستهدفت أهم ميدان وأشده حساسية في نظام مكافحة الوباء. فبالنسبة لهذه السيدة التي تصف نفسها ب "البيولوجية"، " جميع  الفحوص وما يتعلق بها : أدواتها، طرق تنفيذها، نتائجها...  لا أساس لها من الصحة، فهي كلها كذب وزور وتلفيق يراد من ورائه إعفاء الدولة من الديون الخارجية المستحقة عليها"، حسب قولها، نافية المخاطر والرسائل التحسيسية التي تنشرها الهيئات الصحية المختصة. وبهذا حاولت أن تبث الشكوك في قلوب المواطنين. وقد لقيت دعايتها الكاذبة والخطيرة أصداء وحيرة كبيرة بين الناس.

وفي المقابل، رد عليها بسرعة فنيون وأخصائيون من المصالح الصحية المعنية، داعمين قولهم بأرقام وبيانات من العسير جدا دحضها. فكذبوا بشكل قاطع إدعاءات السيدة "البيولوجية" مبينين أنه لا أساس على الإطلاق لما ذكرته. كما نشرت السلطات السياسية هي الاخرى بيانًا رسميًا يبرز الطبيعة الخطيرة للأخبار الكاذبة المذكورة أعلاه والأخبار المزيفة بشكل عام، ويَعِدون أصحابها بالمتابعات القضائية ويحذرون الناس من مثل هذه الممارسات الضارة.

وساعدت كل هذه الإجابات على إقامة الحقيقة. لكن مكافحة الإنفوديميا بشكل فعال تتطلب إستراتيجية إعلامية نشطة وفعالة ركيزتها الأولى تكمن في الوقاية  من الأخبار الكاذبة والتسميم الإعلامي. لكن يبدو أن الجانب الوقائي في الميدان الإعلامي بالتحديد، المتعلق بالمقاربة الموريتانية لمكافحة كوفيد 19، في حاجة ماسة في الوقت الراهن إلى اتخاذ إجراءات سريعة من طرف القائمين على المجال بغية التحسين من فعاليته ومردوديته.

فمن الضروري فعلا استثمار المزيد والمزيد في هذا السبيل. لأن رفع التحدي المتمثل في وباء فيروس كورونا وتداعياته يمر حتما برفع تحدي الإنفوديميا التي تصاحب الجائحة وتساهم في شل محاولات منع انتشارها.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

 

[i] Épidémie : وباء  ; pandémie :  جائحة  ; endémie : مرض متوطن في منطقة او مجموعة سكانية.                         .

تصنيف: 

دخول المستخدم