يمتاز المشهد السياسي في موريتانيا بوجود نوعين من المعارضة متباينين جدا: معارضة "معتدلة" أو "محاورة" وأخرى "متشددة" أو مقاطعة؛ وهذه الاخيرة هي التي يكثر الحديث عنها لدرجة انها تنفرد بصفة "المعارضة" في قاموس الكثير من الناس. وهذه "المعارضة" تكون في شكل احزاب سياسية وفي شكل منظمات من المجتمع المدني. وتوظف كلها ما توفر لها من معلومات بغية الإضرار بنظام الرئيس ولد عبد العزيز. غير أن هذا الاندفاع اللامشروط قد يفضي أحيانا إلى نتائج عكسية كما هو الحال في الواقعة التالية:
ظهر الشاب سيدي أحمد ولد اركيبي رفقة أمه في فيلم آخر يتم تداوله الآن على نطاق واسع في وسائل الإعلام. وتحدث فيه الابن وأمه عن "فبركة" ما نشر في الأيام الماضية حول "تعرية الشاب سيد احمد ولد اركيبي من طرف الشرطة". وقالا أنه لا أساس له من الصحة. وأكدا أن الصور والفيلم كانت مفبركة. وقالت الوالدة أن أب الشاب محمد عال مستاء هو الآخر من هذه الفبركة والأخبار المغلوطة والمزورة المتضمنة لها والتي نشرت حول "تعرية ابنه من طرف قوى الأمن" .
وكانت قوى سياسية معارضة متشددة قد ركبت على موجة تلك الفبركة حيث تبنت "فيلم تعرية الشاب" بوصفه دليل ساطع على "جريمة ارتكبتها قوى الأمن" على حد زعمها. وحتى أن البعض مثل منظمة النساء معيلات الأسر - التي تترأسها آمنة بنت المختار المعروفة بعدائها للرئيس ولد عبد العزيز -هددت ذوي المعني إن هم أدانوا الفبركة قائلة : "نحمل ذوي الشاب والضاغطين عليه مسؤولية ما قد يقع له".
ذلك أنها هي وامثالها من المعارضة لا يقبلون التريث في "فيلم التعرية" دون أن يكلفوا انفسهم عناء تدقيق الخبر مكتفين بكون الفيلم يسمح بتوجيه اللوم إلى النظام حسب حساباتهم السياسية الصغيرة. وقد تبين اليوم أن هذا التصرف مفضوح.
فهل هذه المعارضة تعي الأضرار التي تلحق بها بسبب هذا النوع من التصرف الصبياني ومن الحسابات السيئة الذي تنال كثيرا من مصداقيتها؟ وبعبارة أخرى هل تلك القوى سوف تستخلص الدروس من تعاملها الخاطئ مع هذه الحادثة المفبركة أم أنها سوف تتمادى في استغلال كلما توفر لها من معلومات – بغض النظر عن كونها ملفقة أم لا- بغية الإضرار بالنظام؟
تصنيف: