غياب البناء عن صفحة الإعلام

لا حديث مطلقا، في أية نشرة تلفزيونية أو على صفحة أي موقع الكتروني رسمي أو مستقل أو صحيفة ورقية أو نشرية متخصصة عن:

·صفقة حول معدات ثقيلة إلى رفع قواعد مصنع يحول مواد البلد الأولية أو بعضها،

·أو استصلاحات أرضية معتبرة على ضفة خصبة لنهر جار معطاء،

·أو حفر أنفاق لتحرير حركة المرور من سوء حالها و ضيق نفسها الملوث،

·أو مد شبكة لماء شروب معالج من النهر و من البحيرات السطحية العديدة و أخرى جوفية معدنية كثيرة،

·و خطوط الطاقة الكهربائية الوفيرة بأشكالها بين المدن،

·و بناء طرق دولية تفتح شهية الحاضر و تطمئن المستقبل،

·أو سكة حديد تتمدد في كل جنبات الوطن لتوفر للخزينة أموالا طائلة هي ضرورية لاقتناء مزيد من الشاحنات و ملحة لتوسيع شبكة الطرق المكلفة،

·أو الإعلان عن فتوحات علمية و اكتشاف عبقريات ثقافية و فكرية و فنية..

و لكن هذه النشرات تعج في مجملها ـ على فقرها السافر الذي يلامس الجهل ـ بالتظاهرات البدائية الساذجة - الباهتة – المبتذلة - الصفراء بين مستنقعي الادعائية السقيمة و وهم عظمة السراب.

السباحة ضد تيار التغيير

هو ليس ذا نسب فاشترى بالمال - سابحا ضد تيار الواقع المتغير في بلاد العجائب هذه - نسبا جديدا، و كان ليس ذا خلق فابتاع فائضا من مديح شعراء السوء و صاخبا من ألحان الغاوين في سراديب النوازل الاجتماعية.. نعم هي أرض التناقضات العجيبة التي تضع فيها كل ذات حمل من الفضيلة حملها في صحراء الهوان و كل ذات حمل من الرذيلة حملها في خمائل الحرير و دفء الجدران و أسرة أوكار الفساد و مخدات النهب على أنغام تمييع الوطن.. فترى الأجيال و هي تحمل علامات التمرد على صحيح المسلك و لا تبتغى البلد الفاضل بالعدل و الأمان و الإنماء نسبا بالانتماء إلى صلب الأرض الأم و القيم الإنسانية المثلى و حب الوطن و السعي إلى وحدة أهله و زرع فضيلة الوئام بينهم على أديم ترابه الذي يُحسب كله على الإسلام العظيم و على إرث نظري من مكارم الأخلاق و الفروسية..

هل تضخم "الأنا" على خواء؟

في القدس يفتخرالصهاينة برسالة من سطرين كتبها "ألبير أنشتين" في اليابان سنة 1922 عن أسهل الطرق إلى حيض السعادة و بيعت في القدس الشريف في المزاد العلني بـ1.500.000 دولار أمريكي..و بذلك جمعوا بين الاعتزاز و تخليد الرموز و جمع المال لمنظماتهم التي تهتم بتاريخهم المشترك و هم في مشارق الدنيا و مغاربها. فبمن نفخر نحن و نعرف العالم. أمر مع ذلك و اهتمام سبقنا إليه السينغاليون حيث يحتفلون في كل مناسبة بعالمهم "الشيخ آنتا ديوب" المؤرخ و الأنتروبولوجي الذي يعزون له بجرأة اكتشاف مادة الكربون 14 الذي يساعد على تحديد تاريخ الآثار القديمة، كما سبقنا الماليون و هم يشيدون بالمؤرخ الكبير "آمادو آنباتي با" الذي أعاد للتاريخ المالي نبضه، و المغاربة بعديد الرموز و الجزائريون بـ"عبد القادر" و غيره في حيزنا الجغرافي المشترك؟.. أم أننا لا نحتفل في هذه الأرض إلا فرادى و بأنفسنا المصابة بتضخم "الأنا" الذي يحجب الأفق عن سيئ الحال و غامض المآل لما هو منكشف من الاهتزاز و التخلخل رغم التستر الخائر اجتماعيا و سياسيا و حكامة في بعد شديد عن معترك الاستشراف؟ .. هل الأمر كذلك؟

إلى متى؟

إلى متى سيظل أغلب أفراد هذا الشعب يقتات - و هو لا يدري أو لا يحس أو غير آبه و لا مكترث و في انتهاج مرضي ارتكاسي لثقاقة "مد اليد" و "التدليس" و "الخداع"  و "التبتيب" و "لكزير" - على مداخيل الدولة من قليل المجني من مقدراتها المعدنية و البترولية و ثروتها السمكية المتجددة الهائلة، و كذلك على مديونيتها الكبيرة من منظمات ابرتون ودس و الدول الغربية و الصين و اليابان و أيضا بعض الدول النفطية العربية، مديونيةٌ لا تتوقف بفعل وزراء غير وطنيين و لا أكفاء و خبراء بالعناوين مطأطئي الرؤوس على طاولة المفاوضات مقابل الفتات في قطاعات تعج بالأمناء العامين الضعيفي الهمم القادمين من خور العزائم السياسية المفترية، و مسيرين عينوا للتقاسم مع رجال الأعمال و "الحماة" لصالح مشاريع وهمية و إصلاحات نظرية لا تؤتي أكلا و لا تحسن وجها من أوجه حياة المواطن الفقير الجاهل و المريض أو مظهرا من معالم الدولة المفتقرة إلى البنى التحتية القاعدية الضرورية؟ من قائل بأن الأمر جديد! هيهات.. إن الأمر عنه مستتر. إنها فقط منهجية السيبة و عقليتها و فوضاها و فلسفتها و عقيدتها مذ كانت البلاد و مذ أعيت النصارى عند ... مركزية على الأقل.

وجع القيادة في عاصمة الخردة

عذاب هي القيادة في عاصمة بلا طرق التفافية و لا قناطر و لا جسور و لا أنفاق و لا مترو خفيف و لا ممرات لباصات النقل العمومي و لا حطوط محمية للتاكسي السريع.. عذاب أيضا هي القيادة في مدينة 99% من سياراتها خردة أوروبا و 100% من السائقين فيها لم يسجلوا يوما في مدرسة لتعليم السياقة و قد حصلوا بسهولة "التبتيب" و طول اليد السافرة للوساطة المدمرة و الرشوة الدنيئة على رخص القيادة. و عذاب أخيرا هي السياقة في مدينة لا تتحرك فيها السيارات بل و لا يتوجه أغلب راكبيها إلى عمل بناء في ورش و مصانع  أو إلى تجمعات إبداع و توعية و صقل مواهب لفائدة الوطن و إنما لنفث سموم العوادم و اكتظاظ الطرق و صك الآذان و البحث عن الفرص السهلة لجني سيئ المال و تضخيم سيئ السمعة شحتا و نفاقا و وشاية و تعطيلا للقليل من ظاهر النشاط بشرب الشاي و مج حكايا الماضي التفاخري و شعر الصعاليك و أخبار المراوغات السياسيوة المبتذلة و نتائجها الهابطة من التعيينات و الصفقات و الوعود بوعود أكذب و أدهى و أمر.. إنها القيادة المؤلمة في مدينة التناقضات السلبية الكبرى و الإحباطات النكرى و الآفاق الموصدة.

الولي سيدي هيبه​  

تصنيف: 

دخول المستخدم