جرى حدث طارئ هذا المساء لم يكن أحد يتوقعه: جيش أكبر واقوى دولة ديمقراطية في العالم يدخل الصراعات السياسية من باب خطير، حيث اتخذ موقفا صارما من الأحداث السياسية المباغتة والمؤلمة التي ضربت "العم سام" يوم الأربعاء الماضي.
الوقائع...
ذكرت قناة «سي.إن.إن»، إن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، الجنرال مارك ميلي، وجه رسالة تذكر الجنود بواجبهم فيما يتعلق بالدستور، وذلك على أثر أعمال العنف الأخيرة التي تعرض لها مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن.
وتهدف الرسالة إلى تذكير الجنود بوظيفتهم المتمثلة في دعم الدستور والدفاع عنه ونبذ التطرف.
ونقلت قناة «سي.إن.إن» عن أحد المسؤولين قوله، إن قرار إصدار الرسالة اتفق عليه القادة العسكريون يوم أمس الثلاثاء. مشيراً إلى أنه وبالنظر إلى ما حدث، بعد اقتحام أنصار الرئيس لمبنى الكابيتول، الأربعاء الماضي وما نجم عن العملية من اضرار بشرية ومادية وسياسية، شعر كبار القادة العسكريين في الولايات المتحدة أنه من المهم اصدار بيان، نظراً لخطورة الظروف المحيطة بتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، في 20 من يناير الجاري.
إشارات قوية...
وتحمل هذه الرسالة على الأقل ثلاث إشارات سياسية وأمنية خطيرة تتعلق بولاء الجيش، وبصيانته من اختراق المتطرفين وبنمو الجماعات الإرهابية في أوساط "المتوفقين" البيض والنازيين الجدد.
- الولاء للرئيس المنتخب: تتمثل الرسالة الأولى في تأكيد ولاء الجيش للرئيس المنتخب – جو بايدن، مما يعني عدم قبول هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي لخطاب ترومب الرافض لنتائج الانتخابات الرئيسية الامريكية الأخيرة ومعارضتهم لما ينجم أو قد عن موقفه من تداعيات تهدد أمن البلد وتضر بسمعته.
- الاختراق من طرف اليمين المتطرف: الرسالة الثانية لا تقل خطورة عن سابقتها. فهي تكمن في تحذير ضمني لأفراد الجيش الأمريكي من الوقوع في فخ خطابات ترومب ودعاية انصاره من اليمين المتطرف. ويبدو أن القيادة العسكرية لها مخاوف جدية بهذا الشأن، حيث ذكرت مصادر إعلامية أن تحقيقات أمنية وعسكرية تبحث في مشاركة عسكريين في عملية احتلال الكابتول في الأسبوع الماضي من طرف أنصار دونالد ترومب. وإن تأكد هذا الأمر، فإنه فعلا يدعو إلى القلق، علما أن ميلاشيات تتكون من جماعات عديدة ترتبط باليمين المتطرف في الولايات المتحدة، وهي قوية ومسلحة، وتجند كثيرا من العسكريين السابقين حافظ كثير منهم على علاقات عمل أو صداقة مع القوات العسكرية النظامية واعضائها.
- الارهاب الابيض: تؤكد الرسالة الأخيرة أن التطرف العنيف ووليده الإرهاب ينشآن وينموان في أحضان اليمين المتطرف والحركات الشعبوية، وخاصة في أحضان الحركات العنصرية والشوفونية التي تنتشر بسرعة وبشكل مخيف في العالم الغربي. وفي هذه من الرسالة والأحداث المترتبة عنها، أجد شخصيا حجة تعزز قناعة تولدت لدي منذ سنوات وأكررها دائما: الإرهاب ليس ثابتا على حال، بل إنه حرباء يتغير لونها حسب الظروف الجيواستراتية. فلم يعد احمر (شيوعيا، يساريا...) كما كان في القرن الماضي، ولا اخضر (اسلامويا*) كما هو شائع اليوم، فحسب، بل الارهاب صار أيضا ابيض :"المتفوقون البيض" والنازيون الجدد هم أخطر من يحملون رايته وقد يشكلون أهم واجهة له في المستقبل...
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
* افضل شخصيا استعمال كلمة "اسلاموي" بدلا من كلمة "إسلامي" التي اشعر بانها تحمل خفية تشويها لصورة الإسلام قد يكون مقصودا أحيانا.
تصنيف: