جهود المرأة البيظانية في خدمة الثقافة الحسانية : أضواء على بعض دراسات الباحثة لعزيزة  منت البرناوي نموذجا

يروم هذا المقال الكشف عن بعض أوجه اهتمام وعناية المرأة البظانية اليوم بثقافتنا الحسانية، من خلال تسليط الضوء على نموذج لشخصية نسائية بارزة في ميدان البحث في الثقافة والأدب الحساني، أثْرَتْ الساحة الثقافية العربية المعاصرة بعدة أعمال ذات أهمية بالغة، عالجت جوانب مختلفة من تراث البظان : أدبية واجتماعية وانتروبولوجية .

يتعلق الأمر هنا بالباحثة والأديبة الموريتانية لعزيزة منت البرناوي، عضو اتحاد الكتاب الموريتانيين ومؤسِّسة مركز الثقافة الشعبية بنواكشوط، والتي صُنفت أصغر باحثة مغاربية في مجال مرويات التراث الشعبي وتم تكريمها في محافل عدة . 

 من مؤلفاتها ودراساتها:

- المرأة البظانية من خلال الأمثال الحسانية، منشورات مختبر علم الاجتماع، نواكشوط، طبع مرتين : الأولى سنة 2010، والثانية : 2013 .

- صورة الرجل في الثقافة الشعبية من خلال الأمثال الحسانية، منشورات مختبر علم الاجتماع، كلية الآداب، نواكشوط 2012.

- الأصوات والحركات في الحسانية بين الأصل والتأصيل: طبع مرتين الأولى سنة 2014، منشورات مختبر علم الاجتماع، بكلية الآداب نواكشوط ، والثانية سنة  2015 ، مركز الدراسات الصحراوية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط .

- حضارة لفريك ، بلاغ من أجل ثقافتنا، (تحت الطبع).

- علم اجتماع الأسماء : أعلام البظان نموذجا, (تحت الطبع).

- ظاهرة ازريگة في شعر الحسانية، دراسة غير منشورة، مكتبة مركز الثقافة الشعبية.

- الترجمة الحسانية لرواية الأمير الصغير للأديب والطيار الفرنسي Antoine de saint Exupery، الناشر : المجلس الوطني  لحقوق الانسان بالمغرب، 2018.

وسنقتصر هنا على تقديم ثلاثة أعمال للكاتبة، وبيان مكوناتها ومضامينها، ومميزتها المنهجية والمعرفية :

الأول :  المرأة البظانية من خلال الأمثال الحسانية.

الثاني : صورة الرجل في الثقافة الشعبية من خلال الأمثال الحسانية.

الثالث : الأصوات والحركات في الحسانية بين الأصل والتأصيل.

 

_ العمل الأول :  المرأة البظانية من خلال الأمثال الحسانية

يعد هذا الكتاب أول مُؤلَّفٍ للكاتبة، صدر في طبعتين، الأولى سنة 2010، والثانية سنة 2013،  وكلاهما من منشورات مختبر علم الاجتماع، بكلية الآداب نواكشوط  .

وقد رافق صدور هذا الكتاب البكر للباحثة لعزيزة منت البرناوي تألق لافت وهي حينها لا يتجاوز سنها ستة عشر سنة، حيث نالت لقب أصغر كاتبة موريتانية''، من لدن رئيس اتحاد الكتاب والأدباء المورتانيين يومئذ الشاعر الكبير المرحوم كابر هاشم، قبل أن تحصل على لقب أصغر باحثة انتروبولوجية في المغرب العربي من مكتب قناة الجزيرة، والتي تناولت تجربتها في النشرة المغاربية ضمن فقرة : ''القضية المغاربية ''.

في مقدمة كتاب ''المرأة البظانية من خلال الأمثال الحسانية''  تتحدث المؤلفة عن بداية علاقتها بالأمثال الشعبية فتقول: '' لقد بدأت علاقتي بالأمثال لشعبية بما يشبه الصدفة، لتصبح بعد حين هما دائما [...] بيد أن تلك العلاقة ما فتئت أن اتخذت شكلا أكثر جدية، حيث بدأت أفكر في جمع الأمثال الشعبية المتعلقة بالمرأة، وأتساءل عن دورها في تحديد مكانتها في المجتمع، لتتخذ الفكرة شكل قرار بتأليف كتاب في الموضوع ..''

 

 

لم يكن مشروع كتاب لعزيزة منت البرناوي حول المرأة في الثقافة الشعبية منفصلا عن واقع المجتمع الذي يستهدفه، بل هو فكرة منبثقة من تأملات المؤلفة في تحولاته  .  تقول لعزيزة منت البرناوي في هذا الصدد : « يمكنني القول إن بداياتي مع مشروع هذا الكتاب كانت بسبب تأملاتي الدائمة حول تلك التحولات التي شهدها المجتمع في فترة زمنية وجيزة، والتي حملت معها الكثير من الظواهر الغريبة عليه والضارة في كثير من الأحيان، والتي خلخلت قيمنا وأسس حضارتنا العربية الإسلامية التي شيدها الأجداد في أعماق الصحراء متحدين كل الظروف البيئية القاسية، ومؤسسين مجتمعا راقيا، فكان من الصادم لي ظواهر التفكك والانحلال تلك في الوقت الذي كان علينا أن نضيف إلى ذلك المجد التليد مساهمتنا الخاصة، مستغلين ما تتيحه مستجدات العصر من إمكانيات هائلة. فبدأت أعود إلى موروثنا الثقافي الشعبي في محاولة لتحديد ملامح تلك الصورة المشرقة لمجتمعنا، ولاشك أن قضية المرأة كانت تحتل حيزا كبيرا من تلك التأملات، لأنني اعتبر أنها قضيتي الأساسية، وأثناء ذلك بدأت أفكر في جمع الأمثال المتعلقة بالمرأة وأتساءل عن دورها و مكانتها في المجتمع، لتتخذ الفكرة في نهاية المطاف شكل قرار بتأليف كتاب في الموضوع، وقد وجدت أنها تحتل مكانة مهمة، في مجتمعات الصحراء، حيث عززتها الذاكرة الجمعية كأيقونة تملأ جنبات المكان.» 

    هذا من الناحية التصورية لمشروع الكتاب وتبلور فكرته، وأما من الناحية العملية فقد استغرقت منها عملية جمع مادته ثلاث سنوات، اثنتين منها خصصت للجمع، والسنة الثالثة لعملية التصنيف والطبع، وأحصت  فيها أكثر من 500 مثل حساني يخص موضوع الكتاب..

وعلى المستوى المنهجي تميز هذا العمل بالاعتماد في جمع مادته  على سيدات تجاوزن سن الخمسين، من مختلف الأوساط البدوية والقروية والحضرية، هذا بالإضافة إلى تصنيف الأمثال التي تحمل مضامين متعلقة بالمرأة تصنيفا موضوعاتيا (حسب مضامين وموضوعات الأمثال)، إضافة إلى ذلك لم يَفُت المؤلفة الرجوع للمدونتين الشعريتين العربية والشعبية (لِغْنَ الحساني )على حد السواء، واقتباس الأمثلة المناسبة منها في شرح معاني الأمثال وبيان مضامينها، وتجليات توظيفها في الشعر بهدف ترسيخ المعنى وتثبيته في ذهن المتلقي. كما يُلاحظ أيضا الاعتماد على  عنصر الحكايات الشعبية أحيانا في تفسير معاني بعض الأمثال.

أما  أبواب الكتاب التي توزعت ضمنها الأمثال فقد جاءت على النحو التالي :

· باب الجَمال .

· باب المكانة .

· باب الأخلاق.

· باب الزواج .

· باب الأم.

· باب اخْرُوجُ.

وسنعرض نماذج لبعض الأمثال الشعبية  من هذا العمل المتميز، من خلال الباب الأول، الذي وسمته المؤلفة بـ (باب الجَمال)، وتتعلق الأمثلة الواردة فيه إجمالا بموضوع '' جمال المرأة ''، ومنها :

_ يِنْسرَ اعْلَ لَوْنهَ :

تعريبه :يُسرَى على لونها في الليلة الظلماء.

يضرب مبالغة في بياض لون بشرة المرأة فشبهوها بالقمر.

_ اتْگومْ اعْلَ اكْفَافْهَا :

تعريبه : تقوم اعتمادا على كفيها.

ويضرب مبالغة في سمنة المرأة وضخامة قامتها.

يقول الشاعر محمد عبد الله بن بدياه المجلسي :

وغانية حسناء طيبة العــــرف      مهفهة الكشحيــــــــــــــــن ريانة الردف

نظرت إليها والمشيب مقنـــعي      فردت عليها الطرف صونا عن الطرف

_ سَمّنْ كَهْلَة أتْرَ شَابّة :

تعريبه : سمن عجوزا تحصل على شابة .

الباحث احمد بزيد بارك الله 

 

تصنيف: 

دخول المستخدم