الشيخ أحمد بن حمين (الداه)، من للروح لو جرح النسيم. / بقلم محمد أبات الشيخ محمد المامي

الشيخ أحمد بن حمين (الداه)، من للروح لو جرح النسيم.

رحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت، ارتبطت بالشيخ أحمد بن حمين منذ زمن طويل نسبيا – عمري كله- ولم أزل أتابع أخباره وسيرته قدس الله سره وعلانيته، فهو زوج والدتي وأمي (الخالة أم)، أخت والدتي وأمي، البهىية التقىية وهي الأكرم والأرحم، وكان قد تعرف عليها قبل ولادتي وأغرم وهام بها، فقد جمعت -أطال الله عمرها في صحة وعافية- كل صفات الكمال النسائية، بل وزادت خلالا وشمائل أبهى وأسنى ، فهي القلب الرحيم وهي التي بين أعيننا تقيم وهي النسيم، فمن للروح لو جرح النسيم.

عرفته "صالحا فالحا" كما لقبه الشيخ سيدي محمد التاكنيتي، عرفته كريما نبيلا، عالما عاملا، معلقا قلبه بالمساجد، منفقا متصدقا، محبا للصالحين ومحبوبا لديهم، يألف ويؤلف، زين الرجال، جميل، كامل الخلق والخلق -فتبارك الله أحسن الخالقين- ، لا يخشى في الله لومة لائم، منيع الجناب مهيبه، كريم المحتد، من أسرة جمعت الصلاح والعلم والولاية والكرم فكان لها السبق في كل ما خط بالقلم، مصطفى من مصطفى من مصطفى سبع مرات، سار ذكرهم وعلا صيتهم بالاستقامة والصلاح و ظاهر الكرامة وقبول الاجابة، فتمم تشييد مبنى الكواكب الأربع .. ورفعه وزاده ظلا ونشرا ونفحا طيبا، ملجأ وغياثا، ولا غرو فهو الأحمدي اليعقوبي الفاضلي البركي أبا وأما، فهو أحمد ولد محمد ولد محمد لمين (حمين) ولد أحمد ولد يعقوب ولد الفاظل ولد باركلله ولد أحمد بزيد و أمه فاطمة، فينتو علما بنت محمد كور تلتقي مع أبيه يعقوب. االله يقبل ما بنته يمينه فهو الشكور لما بناه الباني.

تتبع ـ رحم الله واسكنه مع الذين انعم عليهم من النبيئبن والصديقين والشهداء والصالحين ـ جميع الصالحين في عصره فحدث عنهم وحدثوا عنه ولعل من أبرزهم الشيخ سيدي محمد التاكنيتي، وفريد نوعه ولي الله وحجته أحمد بزيد ولد زيدن، وإمام الحضرة قطب زمانه وكل زمان، حادي الرجال إلى حضرة ذي الجلال الشيخ أعل الشيخ ولد أمم، نفعنا الله بسرهم وسر آبائهم وببركتهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

تتبع كذلك نفائس الكتب فكان خازنها الأمين فهما واستيعابا وامتثالا وحفظا، حتى أنه رحمه الله ونفعنا ببركته وبركة آبائه الأكرمين نقل بخط يمينه مجلدات كبيرة ليتداركها وليجدد ما اندرس من حروفها ولعل النسخة التى أهدى لنا من الذهب الإبريز بخط يمينه، فيها كشف منه فالشيخ محمد اليدالي رحمه الله لا يعلم الكثيرون أنه جد لنا، وقد وعدني وأخي بنسخة من فقه الأعيان للشيخ سيد المختار الكنتي والتي نرجوا أن تكون مما ينطق به الأولياء فندخل في جملة الأعيان. بل هو كذلك.

لقد عرفته وبكته مساجد كثيرة شرقا وغربا، وقد حق أن يبكى عليه، عرفه الكثيرون وحدثوا عنه دون معرفة اسمه ولا نسبه، عرفوه ب"ولي الحلوى" فقد كان يوزعها دائما ليفرح بها الصغار ويلتمس الكبار بركته بها رحمة منه، كانت دروسه وخطبه خير عنوان عليه، كان منقطعا للعبادة وخدمة الناس بما يصلح شأنها في الدنيا والأخرة.

لا شك ان رحيله عن دنيا الغرور هذه راحة له، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، ولا شك ان غيابه ترك لنا فراغا كبيرا وخلة فهو ملجؤنا وغياثنا وسندنا، عزاؤنا فيه بنوه الغر سادتنا، فبشر بإسحاق الذي بشرت به ملائكة الله، وثن بيعقوب الذي من ورائه، والمختار قطب زمانه سمي رسول الله صل الله عليه وسلم، وآمنة بضعته، أطال الله أعمارهم وحفظهم بما يحفظ به عباده الصالحين، فهم الأولياء جبرا، وهم خير الخلف لخير السلف حقا.

مرة كنت مع أمي في بوحديدة سنة 1986 وبينما نحن جلوس ضحى إذ أقبل علينا الوالد التقي النقي البهي البر محمد لمام ولد همد رحمه الله رحمة واسعة ومعه رجل جميل وثيابه جميلة ومنطقه عذب ،لا يمل حديثه، كانت المرة الأولى التي أرى فيها زوج أم المؤمنين التي أحببتها قبل أن أراها لكثرة ما حدثتني (حمو) فاطمة بنت الشريف أختها عن جمالها وتقاها وورعها وقصة زواجها من الشيخ أحمد بن حمين، وعلى الرغم من أنه أتحفني بكثير من النقود إلا أنني لم أرد الذهاب عنه –كما يفعل الصغار للتبضع- من فرط استمتاعي بمجلسه، وأعطى رحمه الله لوالدتي أخت زوجه بعض النقود التي بعثتها لتشتري بعض الزنك لتغطي به غرفة كانت تبنيها فأرسل الله ريحا في تلك الليلة فحملت جميع ذلك الصفيح، وطفقت والدتي تقول ما معناه أن أهل حمين صالحون وأنها داخلة في حصنهم من ذلك الصفيح أن لا يضرها وابنها أو أي أحد من المسلمين، فكنت أبتسم بارتياح كبير غلبة، وفي الصباح وبعد هدوء تلك الرياح وجدنا الصفيح كاملا ولم يضر به أحد. رحمه الله ما ألطفه.

وقد حدثني الثبت الدكتور السفير المفكر يحظيه ولد سيد احمد علما، انه في سنة 1962 جاء إلى مدينة أطار حيث كان يعمل الشيخ أحمد بن حمين معلما للغة الفرنسية وانه قص عليه رؤياه التي ورد فيها أن ولي الله وحيد عصره ومصره أحمد كوري عم الشيخ أحمد بن حمين أدخله بئرا وأخرجه منها وأنه يحمد الله على خروجه منها، وأضاف الوالد يحظيه انه سأله من وقت قريب –ربما عام أو اثنين- عن تلك الرؤيا وكان في المجلس أناس فلم يجبه الشيخ أحمد لذلك، وهذا وارد جدا فهو رحمه الله لا يرغب في ذكر كراماته ولا يتشوف لذلك. رحمه الله ما أورعه.

ومن كشوفه رحمه الله ورضي الله عنه، انني رأيت رؤيا مع شيخنا اعل الشيخ ولد أمم، فبحثت عنه ليعبرها لي، وبعد ذلك حدثت أحد الاصدقاء المقربين بانني ربما كنت أظن انه سيفسرها لي بافضل من ذلك، وعندما التقيته بعد فترة كرر علي انه يحبني ويحب ابي ويحب أمي، حتى تمنيت لو لم أحدث بأي شيء مما حدثني. رحمه الله ما أرحمه.
 وذات مرة كنت معه في أطار في منزل عقيد، فأطرى الاخير الشيخ محمد المامي كثيرا واخذ يتفنن في ذكر مآثره ومآثر أولاده، وأردف متسائلا انه لا يعلم قصة تروى عنه مع قبيلته، فأجبته بأنه توجد قصص له معهم لكنها ليست على مستوى توقعاته فغضب العقيد وقال ان ذلك لا يمكن ان يكون كذلك فقال له الشيخ أحمد بن حمين ان ذلك كذلك، رحمه الله ما أصدقه.

رحم الله الشيخ أحمد فهو الصفي الوفي المنجزات عداته وهو الاديب الاريب والنبيل الأبيل، كل تعازينا للقريبتين إلى قلبه فلذتي كبده الكريمتين بنات الكرام الجميلتين البهيتين البرتين العزيزة والديدة بنتا البرناوي، إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.

تصنيف: 

دخول المستخدم