امتازت آخر خرجتين إعلاميتين لزعيم حركة "إيرا" بصبغة إسلامية بارزة. في رسالته السابقة التي بعث بها في شهر مارس الماضي، وتداولتها مواقع إخبارية من بينها موريتانيا المعلومة، بدا وكأنه داعية إسلامي شغله الشاغل هدي معشر لحراطين إلى طريق الله القويم، قائلا لهم : " فإني أناديكم يا معشر لحراطين نداء خالصا من قلبي فيه صلاح حالكم ومآلكم، فيه صلاح دنياكم وأخراكم، فيه نجاحكم وفلاحكم".
ثم يحدد لهم محتوى الرسالة بوصفه حام وحارس للإسلام الذي يعتبره المرجع المطلق :
"أقول لكم قولا بكل صدق أنا بيرام ول الداه ولد أعبيد رئيس حركة إيرا الحقوقية إن حقوق لحراطين المغصوبة لا يمكن أن نستردها إلا بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم".
مكتفيا بهذا فيما يعني النضال.
أما اليوم فإنه اصدر رسالة أخرى يحاول فيها استرجاع الوتيرة الكفاحية لكن تحت غطاء ديني. فهو يعيد النبرة التحريضية القوية مشرعا إياها بالإسلام الذي يستخدمه كمؤطر لخطابه المتشدد كما عرفه الناس سابقا بشكل يعود به إلى "محرقة كتب النخاسة" كما كان هو يسمي تلك الكتب "المقدسة" لدى الموريتانيين التي يصفها في رسالته الاخيرة بأنها:
"كانت وما زالت ذريعة ومرجعا وأساسا في البلد الإسلامي لتضيع أوصال المسلمين واستباحة أعراضهم وأموالهم ودمائهم، كتب أحلت الحرام وحرمت الحلال، كتب سدت باب الألفة والأخوة والتكافل بين مسلمي القطر الواحد، كتب امتطاها أشرار البلاد فسخروها لنزواتهم، وكراهيتهم وجاهليتهم".
ثم يقول ان حرقه للكتب المالكية جاء امتثالا و" انتصارا لكتاب الله ولسنة رسوله السمحاء، وكإشارة لانطلاق انتفاضة العقيدة والأخلاق والأفكار الإسلامية الحقة والعادلة والأصيلة ضد تأويل وتزييف المتغلبين في المجتمع من المجموعات غير الورعة والظالمة المتقولين على الله ورسوله".
سحب البساط من تحت أقدام الخصوم
قراءة متأنية في الخطابات الأخيرة لزعيم " إيرا" تبين أن بيرام يحاول التجديد: إذ يكسي خطابه السياسي ثوبا إسلاميا موظفا الدين ليستخدمه كأداة تحريضية. وبهذا فإنه يرد على بعض خصومه اللدودين في الحركات السياسية التي تتخذ من محاربة العبودية ومن انعتاق شريحة الحراطين مجالات لعملها. خاصة المنشقين عنه مثل السعد ولد لوليد المعروف بتقيده بالإسلام وبانتمائه العربي.
ورغم أن بيرام لم يذكر خصومه الذين يستهدفهم ولم يشر إليهم ـ للتقليل من شأنهم، فإن الفرصة لم تفت على السعد ولد لوليد الذي رد بقوة على خصمه واصفا ما كتبه ب " رسالة استجداء و مراوغة "
وفي نفس المنحى يبدو بيرام أكثر اعتدالا من السابق حيث يحاول اليوم أن لا يظهر مع مواقف متطرفة يعلنها بعض من أنصاره و من حركته مثل الناشطة الحقوقية مريم بنت الشيخ جينكي التي يصفها الآن بعض المواقع بالجنون دون أن ندري إن كان "الجنون" هنا بمفهومه كمرض نفساني أو "الجنون" كنعت لموقف سياسي.
وفي كلتا الحالتين فإن بيرام آثر عدم مرافقتها في مواقفها لأنه يحاول ان يبدو أكثر اعتدالا من ذي قبل ليسحب البساط من تحت أقدام خصومه في الحركات الإنعتاقية. وهذا هو السر في الصبعة الإسلامية الجديدة في خطابه السياسي.
وعلى هذا الأساس كيف ستتعامل معه الحركات السياسية الإسلامية مثل "الإخوان المسلمين" أو السلفيين" ؟ هل سيرون فيه ندا مقارعا أم حليفا؟
البخاري محمد مؤمل
تصنيف: