البعض منا ما زال يناغي...

شعبنا شعب طيب خلوق ظلت المحظرة المتنقلة على ظهور الإبل وتحت الخيام تكون له حصنا منيعا وظل الكل يحرسون العلم ويهيئون له جميع الظروف ويتسابقون إليه ويشفقون على بقائه. وكأنهم يخوضون معركة في جيش جرار....وفي ذلك يقول الشيخ محمدالمامي رحمه الله

.......

ضربوا على غمدان والسيف الذي***فتح الجنود كأنه لم يسلل

فتحوا جنود العلم لما أصبحت*** في جذم ’تيرس’ داره لم تحلل

أشفقت قبل اليوم إن يبقى سدى***در السنوسي بيننا والأطول

ويحف زائرهم وطالب علمهم***بسوابغ الإنعام غير سفرجل

…….

كانت المحظرة ترافق الأمة في جميع حركاتها وسكناتها في حلها وترحالها ...رافقت الخميس في تشكلته من مقدمة وقلب وميمنة وميسرة وساقة وذلك بحمل السلاح... بالفتيا ومعالجة النوازل ولنا في "كتاب البادية" خيرمثال...

تخندق الجميع تحت لواء هذه الحصانة العظمية حسب تقارير بني الأصفرالتي كانوا يتحفون بها أسيادهم طيلة مقامهم المشؤوم ...رحل  آل الأصفر وتركوا لنا دستورهم وجندوا بعضنا لحراسة قيم جمهوريتهم الخامسة  وإقناع هذا الشعب الطيب بأن أم عمرو لابد أن تكون محبوبة!! يسمون من أخطأ في رطانتها على الخرطوم...ناسين أومتناسين أن المقولة الشائعة عندنا لا تنسجم مع مآربهم: ’’إذا ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ول ارجع الحمار’’..

أصبح كل من لا يدور في فلكهم يسمى مستعربا أو أميا مقصيا غريبا في وطنه!!...بدأ التسرب المحظري. جلس الجميع على طاولات المدرسة يأخذون بعض العلوم بمستويات ضعيفة أو متوسطة وبعض الرطانات.....

أفرزت هذه الوضعية جيلا تمثل في أنصاف المرابطين وأنصاف الزوايا ومتمدرسين واحتفظ الجمع الكريم بألسنتهم غير منقوصة بدنيا...الشيء الذي منحهم الجرأة على كل من يقف في وجوههم عالما كان أو زميل دربهم...لا سلطان لمحقهم على ملسونهم.....يعمهون....يبحثون عن الأشياء المضحكة..يضحكون....يبحثون عن من يسليهم والانحطاط في أسفل الدرج يناديهم..يخيل إليهم أنهم كبر لكنهم في العلم يناغون..في السياسة يناغون.. وفي السلوك  يناغون.....ظل العلم طيلة هذه الحقبة صريع الفراش جريحا يشكو حالة الأمة كلما نظرت إلى عينيه الباكيتين تأوبني قول الملبد بن مرمله :

شكا إلي جملي طول السرى *** مهلا رويدا فكلانا مبتلى

إلى أن أطل علينا حامل الأمل السيد الرئيس جزاه الله عنا خير الجزاء بعد أن لقينا من سفرنا هذا نصبا فكان الإنقاذ في ما يلي:

- المحظرة القديمة في ثوبها الجديد والتي نرى أنها ينبغي أن تدرس بها جميع المعارف حتى يكون المفتي على اضطلاع بأحوال المسائل..

- الجامعات...و.....,و...وتقديرالعلم والعلماء...ذلك أنه لولا التحسن البين الذي كان بمثابة الندى المبارك بعد  السنين العجاف  التي عشناها دمعا وحزنا والتي كادت تذهب الأمة وتستبدلها بآخرين لما استطعنا أن نستحضرالماضي وما حمل به من إهانة الأمة والاستهزاء بجميع مقدراتها والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

امبيريكة محمد مؤمل

تصنيف: 

دخول المستخدم