أترغب في دراسة الانجليزية؟ المعهد العالي للغة الانجليزية هنا من أجلك.

على امتداد أعوام كثيرة، تقاسم كثير من الضباط حلم دراسة اللغة الانجليزية في الخارج، وكانوا يكادون يتقاتلون كلما أتيت فرص لذلك. وكانت الفرص قليلة.

وقبل سنوات، طلبت من ملحق عسكري لدولة ناطقة بالانجليزية منحاً دراسية لقواتنا المسلحة لدراسة اللغة في بلاده. وكنت أحاول إقناعه بأن هذا يجب أن يكون أول خطوات تعاوننا العسكري وأنه سينشر اللغة والثقافة الانكلوسكسونية في بلادنا ممهداً الطريق للتعاون في مجالات أخرى. ومازلت أذكر جوابه لي وهو يحرك السكر في كأس الشاي أمامه أن تعلم الانجليزية لم يعد قضية بلاده مطلقاً. وأضاف أنه ينصح قواتنا المسلحة بالاستثمار في اللغة الانجليزية. ولم أنس أبداَ ذلك الحديث.

قد لا تكون الانجليزية أكثر اللغات المتكلمة في العالم ولكنها اللغة الرسمية لكثير من البلدان. وصحيح أنها في الرتبة الثالثة بعد الصينية والإسبانية من حيث عدد الناطقين بها كلغة أم ولكن مليارات الناس يتواصلون بالانجليزية بانتظام. وحيثما لم تكن هي اللغة الأولى فإن الانجليزية هي غالبا اللغة الثانية.

وتتعزز مكانة الانجليزية باستمرار كلغة عالمية فأكثر من ثمانين بالمائة من محتوى الانترنت انجليزي مما يقوي دون شك موقعها كوسيلة تواصل للعالم.

ورغم أن دراستها قد تكون صعبة فإن لهذه اللغة فوائد كبيرة وهي تتيح فرصاً ممتازة للأفراد والمؤسسات بل وللدول. وبينما قد يكون تكلم لغة واحدة فقط سبباً في التأخر في أوجه متعددة من العمل والحياة فإن الكفاءة في اللغة الانجليزية تفتح أبواياً كثيرة. إن الاستثمار في اللغة الانجليزية هو إذن استثمار استراتيجي.

صحيح أن قواتنا المسلحة قد بدأت بإدراجها في المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة في نهاية الثمانينيات. ولكن لا عجب أن ظهر جلياًّ أن البرامج الهادفة إلى تدريس الانجليزية هناك أو في الأركان العامة لاحقاً، لم تكن ملائمة ولا على مستوى المهمة. وللأسف، كانت تلك البرامج مهيئة للفشل فاصطدمت كلها بالحائط. حائط اللامبالاة والبيروقراطية وانعدام الرؤية. وكنا نهدر الوقت ونبذر الأموال دون نتيجة. واستمرت تلك الحالة التي حبسناَ أنفسنا فيها سنوات طويلة. وكانت لتستمر إلى الأبد ما لم يتدخل عامل يحدث تغييراً جذرياًّ. 

وذلك ما حدث. تغيرت الأمور إلى الأفضل فتغير واقع تعليم اللغة الانجليزية في البلاد وفي القوات المسلحة.

في سنة 2016 وانسجاما مع إرادتها القوية في التحديث ووعيها بأهمية اللغة الانجليزية للقوات المسلحة، بل للبلد كله، رأت القيادة العليا للقوات المسلحة والأركان العامة للجيوش أن الوقت قد حان لإطلاق دينامية جديدة لتعليم هذه اللغة في البلاد وفي القوات المسلحة فأنشأت المعهد العالي للغة الانجليزية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي. وقد كلف المعهد بمهام منها خصوصاً:

  1. تطوير وتقديم برامج تعليم الانجليزية للمبتدئين من حملة البكالوريا وبرامج أخرى تلائم التكوين المستمر الذي تحتاجه القوات المسلحة والإدارات العمومية والسلطات المحلية والفاعلين الاقتصاديين والسياحيين.
  2. المساهمة في انفتاح بلادنا على الاقتصاد الدولي وعلى مختلف الثقافات العالمية.

وعندما نشر قرار إنشاء المعهد لم يكن موجوداً سوى العزم وقوة الارادة لإكمال المهمة. لم تكن هناك قاعات ولا مكاتب. ولم يكن الأساتذة قد اكتتبوا ولا الطلاب قد وجهوا. وكان على القائد المعين أن يعقد اجتماعاته مع مساعديه الأوائل وضيوفه في أماكن مختلفة. كانت التحديات كبيرة ولكن الدعم الدائم من القيادة العامة للجيوش وقوة الإرادة في النجاح تغلباَ على كل العوائق.

واليوم وبعد سنة من إنشائه فإن المعهد العالي للغة الانجليزية الذي نجح حيث لم ينجح الآخرون، يعتبر أحد أهم مدارس تعليم هذه اللغة في بلادنا وأكثرها تميزاً بل يمكننا القول إنه يلعب دوراً محورياُّ في هذا المجال.

أنهى طلاب السنة الأولى من نظام الليسانس- الماستر- الدكتوراه عامهم الدراسي 2016-2017 بنجاح ولم يتخلف عنهم في الدورة الأولى من الامتحان النهائي إلا ثلة عاودت الكرة والتحقت بمن سبقوها.

وتخرجت المجموعة الأولى من الضباط وضباط الصف الذين تابعوا دورة مكثفة من ستة أشهر. كما تخرجت الدفعة الأولى من أطر البنك المركزي الموريتاني الذين تابعوا بدورهم دورة من ستة أشهر حدد محتواها لمواءمة احتياجاتهم من الانجليزية العامة وانجليزية البنوك والاعمال.

أما في العام الدراسي الراهن 2017-2018 فإن المعهد قد استقبل دفعة جديدة من طلاب ل.م.د في السنة الأولى كما افتتح دورتين لمستويين مختلفين يتابعهما ضباط وضباط صف من القوات المسلحة.

وحين ينشر هذا المقال ربما تكون دفعة من عشرات كبار موظفي وزارات المعادن والبيئة والبترول وغيرها قد بدأت دورة مكثفة في المعهد كما اتفق على ذلك رسمياًّ منتصف اكتوبر من هذه السنة.

تزداد مصداقية المعهد إذن يوماً بعد يوم وقد أصبحت هذه المؤسسة، المنبثقة من العدم قبل سنة واحدة، والتي لم يكن الطلاب الموجهون لها يعرفون مكانها ولا سعداء بالتوجيه إليها، تحت ضغط شديد لقبول طلبات التسجيل سواءً من الإدارات أو من المؤسسات الخاصة أو من الافراد.

ويرجع هذا النجاح في هذا الوقت القصير إلى الدعم المتواصل من القيادة العامة للجيوش ووزارة التعليم العالي وإلى تضافر القيم العسكرية كالتنظيم والالتزام والانضباط مع خبرة وتفاني الاساتذة البريطانيين والموريتانيين.

يقود المعهد منذ تأسيسه العقيد البحري محمد محمود ولد الحضرامي ويعاونه الآن عقيد من القوات البرية، كما تساعده شركة ماكميلان وهي مكتب خبرة بريطاني معروف دولياًّ. تكتتب هذه الشركة للمعهد أساتذته وتضع له برامجه الدراسية وتزوده بلوازم التعليم من كتب وأدوات متنوعة. وهي، بالإضافة إلى هذا، تؤمن تقييماً دائما لأدائه.

وشركة ماكميلان لا تراقب دورياً اتباع المعهد لأرقى معايير تعليم اللغة الانجليزية وتصدر شهادات بذلك فقط، بل إنها تفحص حتى إجراءات السلامة وخدمات الإعاشة وتنظيم الطاولات وغير ذلك من التفاصيل. وهي تفاصيل تخضع كذلك لمراقبة داخلية دائمة من مسؤولين معينين لذلك للمحافظة على احترام أرقى المعايير.

وتسهم هذه النظرة الخارجية في ضمان اتباع المعهد لأحدث المناهج الاكاديمية والتزامه بأعلى معايير تدريس اللغة الانجليزية مما تؤكد جديته ومكانته.

وفي الختام، يمكن القول دون مجازفة إن المعهد العالي للغة الانجليزية مكان يعج بالنشاط، لا يفتأ كل من فيه يحاولون باستمرار المساهمة بأفكار جديدة  تدعم رسالته. وهو بحق مثال يمكن أن يلهم مؤسسات التعليم العالي الأخرى في البلد.

والأمل أن هذا النجاح سينشر الوعى بأهمية اللغة الانجليزية في قواتنا المسلحة ويمد هذه الرؤية إلى كل المؤسسات والفاعلين المهمين الآخرين. وحينها ستكون اللغة الانجليزية جسراً مع الحداثة بدل أن تظل حاجزاً دونها كما هي الآن.

وقد عبأت الدولة الوسائل المادية المطلوبة هذه السنة حيث تبنى الآن في المعهد قاعات ومكاتب جديدة ويكتتب له أساتذة جدد مما يعزز قدرته على الاستجابة لما يتلقاه من طلبات متزايدة. نعم قد يكون الأمر مكلفاً ولكنه ناجح.

باختصار، أقول للضباط وكبار المسؤولين ومدراء الشركات ولكل من حلم يوماً بالذهاب إلى الخارج لدراسة الانجليزية في مهدها، إن المعهد العالي للغة الانجليزية يجعل أحلامكم حقائق. لقد جاءكم ببريطانيا، في بلدكم، فلا تتخلوا عن أحلامكم. لم يعد لكم من عذر فالكرة في ملعبكم والمستقبل يناديكم.

العقيد محمد المختار ولد محمد ولد بيه.

تصنيف: 

دخول المستخدم