أثارت التغييرات المنتظرة على العملة الوطنية نقاط استفهام كثيرة ومتنوعة: ما هو الغرض منها ؟ هل ستؤثر على سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية ؟ وكيف ذلك؟ ما هو أثرها على القوة الشرائية لدى المواطن؟...
و هذا السؤال الأخير هو الأكثر الحاحا والاكثر ورودا. وهو يرتبط أولا وقبل كل شيء بالتجار، حيث يمكن طرحه بصيغة اخرى : كيف سيتعامل هؤلاء مع هذا الإجراء النقدي الغير مسبوق في تاريخ البلد؟
الدلالة والمغزى حسب الخبراء
لقد قرأت مقالا مفيدا حول الموضوع كتبه الخبير المختار ولد داهي يرد فيه على مجمل التساؤلات المطروحة ، " إسهاما في تخفيف الحيرة التي تكتسح بعض الرأي العام الوطني"، كما ورد في نصه. وقد كان مطَمْئنا فعلا من خلال ثلاث نقاط على الأقل وثَّقها نقلا عن محافظ البنك المركزي، حيث ذكر أن هذا الإجراء:
- يساهم "في زيادة و ترفيع ثقة المواطنين في العملة الوطنية" ؛
- لا يؤثر "–قطعا و يقينا و إثباتا- علي القوة الشرائية للمواطنين" حيث "ستبقي القيمة الحقيقية الفعلية للدخول و الرواتب و الأجور علي حالها من دون تغيير و لا تبديل و لا تعديل ،..."
- حِيًاُدي بالنسبة لسعر صرف العملة الوطنية بحيث "لا يؤدي هذا النوع من الإصلاحات عادة و لن يؤدي هذا الإصلاح بالذات إلي المساس بسعر صرف العملة الوطنية ترفيعا و لا تخفيضا و بلغة أكثر مفهومية حسب كلمة محافظ البنك المركزي "لن يكون هناك تخفيض و لا ترفيع (Ni Dévaluation, Ni Réévaluation)لسعر صرف العملة الوطنية؛".
وإضافة إلي هذه الشروح المطمْئِنة، بين ولد داهي كيف ستتم العملية من الناحية الفنية، قائلا :
" سيتم حذف الصفر الأخير(0) من الوحدات و المُسميات النقدية المُتَدَاوَلَةِ "les dénominations" ((100 أوقية حاليا=10 أواق،10أواق=أوقية واحدة )".
ما قاله الرئيس
وهذا ما ذكره رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ، حين شرح المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه الإجراء النقدي المقبل وكذلك الأهداف العامة المبتغاة منه، لما اعلن الخبر في خطابه يوم الثلاثاء الماضي في كيهيدي بمناسبة الذكرى 57 للإستقلال الوطني :
"سيصدر البنك المركزي مجموعة من الأوراق والقطع النقدية ستكون أكثر أمانا ضد المحاكاة و والتزييف وأقوى من خلال إعادة قيمة العملة، وذلك من خلال تغيير القاعدة من "10"إلى "1"، مما يسمح للأوقية وقطعها النقدية الجزئية من استعادة مكانتها في المعاملات المالية وحماية القدرة الشرائية للمواطن مع خفض في كمية النقد المتداول."
التخوف من زيادة "صفر" على الاسعار
ونحن نخشى كثيرا أن يسيء بعض تجارنا فهم هذا الكلام: سواء ما قاله الرئيس أو ما شرحه الخبير المختار ولد داهي، علما أنهم لم يعيشوا مثل هذا الإجراء النقدي من قبلُ.
ونتيجة لسوء فهمهم، فقد يزيدون صفرا على الأسعار. أي أننا نخشى أن ما كان يباع ب : 10 أوقية، سيباع ب 100 أوقية ؛ ما كان يباع ب 100 أوقية، سيباع ب: 1000 أوقية، إلخ ...
وستلاحظون أننا لم نذكر خشيتنا من زيادة سعر ما يباع ب 1 أوقية (أوقية واحدة). لأن هذا الخوف لم يعد واردا منذ زمن بعيد بدأ في عهد الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله؛ حيث أنه لم يكن ممكنا منذ ذلك التاريخ اقتناء أي بضاعة مهما كان نوعها بأوقية واحدة.
نرجوا أن لا يمتد ذلك الغلاء في الأسعار اليوم إلى درجة يستحيل معها شراء أي سلعة ب: 10 أوقية أو ب: 20 الخ... كما استحال في الزمان الماضي اقتناء أي بضاعة ثمنها = 1 أوقية.
الأمر الذي يتطلب من الدولة والمسؤولين عن الموضوع شرح الإصلاحات النقدية المقبلة على نطاق واسع وبلغة وأساليب مفهومة من طرف الجميع. كما ينبغي ان يتخذوا اجراءات احتياطية كفيلة بمنع استغلال الفرصة من طرف التجار الجشعين ومنعم من الإضرار بالمستهلك، وفقا للأهداف المرجوة من الإصلاح النقدي التي من بينها "حماية القدرة الشرائية للمواطن" ؛ كما نص الرئيس محمد ولد عبد العزيز على ذلك في مقطع خطابه السالف الذكر.
البخاري محمد مؤمل
تصنيف: