نبه من جديد الدكتور إسلكُ ولد أحمد إزيد بيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني بأسلوب دبلوماسي في درجة عالية من المرونة إلى أنه لو كان تم العمل بالرؤية الجيوسياسية للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لما كانت الأوضاع في ليبيا على ما هي عليه الآن من سوء.
أشار إلى ذلك ضمن كلمة ألقاها أمس السبت في برازافيل، في الاجتماع الرابع للجنة عالية المستوى للإتحاد الإفريقي حول ليبيا، حيث قال :
" (...) ليبيا بلد تربطه بموريتانيا وشائج القربى والثقافة الضاربة في القدم، مبررات جعلت موريتانيا تقبل تشريفها برئاسة بعثة الاتحاد الأفريقي عالية المستوى، إلى ليبيا، سنة 2011 في بدايات الأزمة في هذا البلد الشقيق.
لقد قاد فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز، كوكبة من الزعماء الأفارقة الكبار في مسعى يهدف آنذاك إلى تجنيب الشعب الليبي ويلات العنف الأعمى. فالجميع يعترف الْيَوْمَ بوجاهة وحكمة موقف القادة الأفارقة من الأزمة في ليبيا"
وليست فعلا هذه هي المرة الأولى التي يُذَكِّر فيها الوزير الموريتاني ولد أحمد إزيدبيه بتضييع الفرصة في ليبيا بسبب عدم العمل برؤية زعيم بلده.
فقد سبق له أن أثار المسألة في 8 نوفمبر من السنة الماضية في أديس أبابا لما أعاد إلى الأذهان آنذاك تحمل الفاعلين الدوليين مسؤولية الأزمة الليبية برفضهم للمبادرة الإفريقية التي قادها الرئيس محمد ولد عبد العزيز عام 2011.
ورغم أنه لم يذكرهم بالإسم، فالفاعلون الدوليون الذين يتحملون مسؤولية تدهور الأوضاع في ليبيا منذ 2011 هم أساسا: الحكومة الفرنسية وحلف الناتو وحليفمها القطري. ولكل منهم دوافعه الخاصة. فيذكر مثلا أن من العوامل التي دفعت بالرئيس الفرنسي إلى رفض الحل الدبلوماسي وإلى التدخل العسكري في ليبيا ما يشاع منذ فترة حول تمويل حملته الانتخابية من طرف النظام الليبي آنذاك وتخوشه من أن يستخدم القذافي ذلك التمويل كورقة ضغط وابتزاز ضده.
وبإعادته من جديد لطرح إفشال المبادرة الإفريقية من طرف هؤلاء الفاعلين بأسلوب غير مباشر، فإن خطابات السيد ولد أحمد إزيد بيه، السابقة واللاحقة، منسجمة ومتناسقة تماما. لكن هل هذا المنطق الذي لا هوادة فيه يكفي لكي تقوم القوى الغربية وحلفاؤها الذين يُتَّهمون بدعم بالتطرف - خاصة الانظمة العربية التي هللت كثيرا "للربيع العربي"- بمراجعة مواقفها بدرجة تؤدي بهؤلاء الفاعلين الدوليين إلى تقبل الرؤية الجيوسياسية الموريتانية اليوم ؟
من الصعب الجزم بذلك، خاصة فيما يعني النظام القطري المتَّهم اكثر من غيره بدعم التطرف والإرهاب.. والذي يبدو أنه آثر الهروب إلى الأمام كلما تعرض لانتقاد جدية بهذا الشأن، كما يدل على ذلك ردود فعله السلبية من أزمة العلاقات الراهنة مع جيرانه في منطقة الخليج والشرق الأوسط ومع بعض دول الساحل مثل تشاد.
البخاري محمد مؤمل
--------------------------------
النص الكامل للخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الموريتاني الدكتور إسلكُ ولد أحمد إزيد بيه أمس في العاصمة الكونغولية حول الأزمة الليبية:
" فخامة الرئيس دنيس ساسو نغيسو،رئيس جمهورية الكونغو ورئيس اللجنة رفيعة المستوى للإتحاد الإفريقي حول ليبيا ؛
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات ؛
السيد رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي؛
السيد ممثل جامعة الدول العربية في ليبيا ؛
السيد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ؛
السيد المبعوث الخاص لرئيس الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا ؛
السيدة ممثلة الاتحاد الأوروبي في ليبيا ؛
سيداتي سادتي؛
أود في البداية أن انقل إلى جمعكم الموقر التحيات الأخوية لصاحب الفخامة السيد محمد ولد عبد العزيز ،رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وتمنياته لقمتنا بالنجاح؛ فنظرا لالتزامات تم اعتمادها منذ بعض الوقت، يأسف فخامة الرئيس لعدم حضور هذا الاجتماع الهام على مستوى القمة.
اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر العميق و التهانى الحارة إلى السلطات الكونغولية على حفاوة الاستقبال وحسن الوفادة وعلى التنظيم المحكم للدورة الحالية الرابعة للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا.
فخامة الرئيس؛ أصحاب الفخامة رؤساء الدول ؛سيداتي سادتي؛
إن موريتانيا تعي تماما أن الأمن في منطقة الساحل والصحراء، وفي إفريقيا وحول البحر الأبيض المتوسط، مرهون، إلى حد كبير، بعودة السلام والوئام إلى هذا البلد الكبير والشقيق ، ليبيا ؛ بلد تربطه بموريتانيا وشائج القربى والثقافة الضاربة في القدم، مبررات جعلت موريتانيا تقبل تشريفها برئاسة بعثة الاتحاد الأفريقي عالية المستوى، إلى ليبيا، سنة 2011 في بدايات الأزمة في هذا البلد الشقيق.
لقد قاد فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز، كوكبة من الزعماء الأفارقة الكبار في مسعى يهدف آنذاك إلى تجنيب الشعب الليبي ويلات العنف الأعمى. فالجميع يعترف الْيَوْمَ بوجاهة وحكمة موقف القادة الأفارقة من الأزمة في ليبيا.
إن موريتانيا تعتقد أن حظوظ نجاح أي حل سلمي للأزمة في ليبيا يتطلب أخذ موقف الاتحاد الأفريقي واقتراحاته في الحسبان.
فخامة الرئيس؛ أصحاب الفخامة رؤساء الدول ؛سيداتي سادتي؛
أود أن أنوه هنا بالجهود الحثيثة التي اضطلعت بها جمهورية الكونغو الشقيقة، بتوجيهات من فخامة الرئيس دنيس ساسو نغيسو، سبيلا إلى إيجاد حل توافقي في ليبيا، يحافظ على الحوزة الترابية والوحدة الوطنية والسيادة، ويرسي دعائم دولة قانون قوية، قادرة على هزيمة الإرهاب والقضاء بفعالية على شبكات الجريمة العابرة للحدود.
إن ديناميكية السلام التي أطلقها فخامة رئيس جمهورية الكونغو ، باسم قادة القارة الأفريقية، أثمرت نتائج هامة من ضمنها لقاءات عالية المستوى في برازافيل وفي أديس بابا وجولات دبلوماسية ناجحة في شبه المنطقة وخارطة طريق واضحة المعالم.
ان إصراركم فخامة الرئيس، باسم القارة، على تنظيم حوار ليبي-ليبي شامل ودون محاذير، يشكل شرطا أساسيا لتحقيق السلام والمصالحة الوطنية في هذا البلد الشقيق.
وبهذا الخصوص، يشكل الالتزام الجماعي والعلني الذي اتخذه القادة الليبيون، اليوم في برازافيل، داعي أمل حقيقي يستحق الإشادة.
صاحب الفخامة؛ أصحاب الفخامة رؤساء الدول؛ سيداتي سادتي؛
بالإضافة إلى المعاناة الكبيرة التي يتعرض لها الشعب الليبي الشقيق، أفرزت الأزمة هناك مأساة المهاجرين الأفارقة ، في مشهد رهيب، يروح خلاله آلاف المهاجرين ضحايا لجشع المهربين وقسوة الشبكات الإجرامية، وهول عناصر الطبيعة؛ الشيء الذي يحتم اتخاذ إجراءات للتخفيف من التداعيات الإنسانية لهذه المأساة.
صاحب الفخامة؛ أصحاب الفخامة رؤساء الدول؛ سيداتي سادتي؛
إذا كان السلم في ليبيا يؤثر بصفة قطعية على السلم والأمن في منطقة الساحل والصحراء، فإن العكس كذلك صحيح؛ الشيء الذي جعل موريتانيا تعمل، تحت قيادة فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز، على تعزيز الأمن والاستقرار في الساحل، عن طريق مبادرات هامة كمسار نواكشوط ومجموعة الساحل الخمس ؛ وفي هذا الإطار، تحيي موريتانيا الدور الإيجابي الذي تلعبه اللجنة الرباعية(الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية،الامم المتحدة والاتحاد الاروبي) و كذلك الجهود الطيبة التي تبذلها دول الجوار المباشر لليبيا.
شكرا والسلام عليكم".
تصنيف: