ودع الشعب الموريتاني بجميع أطيافه وأنواعه مساء الخميس 16 مارس سنة 2017 فقيده القائد البطل العقيد فياه ولد المعيوف في صلاة جامعة وتظاهرة مهيبة تليق بكبرياء وشجاعة وعزة الرجل.
نعم..لقد كان العقيد فياه ولد المعيوف بطلا من أبطال موريتانيا الشجعان،وقائدا من قادتها، وأحد بُناتهادولتها الرواد..
ففياه ولد المعيوف هو أحد مؤسسي الدولة الموريتانية؛إذ هو من أنشأ وقاد سنواتٍ طويلةً مؤسسة الدرك الوطني المجيدة التي هي ركن من أركان الدولة ودعامة من دعائم جيشنا الوطني، درع الأمة وحامي حمى الوطن.
وفياه ولد المعيوف هو أحد القادة العسكريين الوطنيين الشرفاء الذين ظلوا أوفياء لموريتانيا رغم جميع محن وكوارث حرب واجهت فيها قوى أعتى وأغنى وأكبر وأكثر منها، فرفضوا بشجاعة وكبرياء أن يتنكروا لدماء وتضحيات الجيش والشعب،وأن يطعنوا الوطن في الظهر وينقلبوا عليه تحت أي ظرف منالظروف؛ وهم للتاريخ: فياه ولد المعيوف، أحمد ولد بوسيف،أحمد سالم ولدسيدي،امبارك ولد محمد بونه، محمد ولد ابَّ ولد عبد القادر...
وفياه ولد المعيوف هو بطل حرب الصحراء بلا منازع. إنه القائد الذي قاد ببطولة خارقة جل عمليات تلك الحرب البطولية، وحقق جل انتصاراتها،وظل فيها حارسا أمينا للوطن والأهل،وما هزم في معركة أبدا!
عندما كنا في زنزانتنا بتيشيت في صيف سنة 1980 الساخن، وكانت إحدى الإذاعات الموجهة إلى موريتانيا تشبعنا سبابا وشتما صباح مساء، وتنعت جيشنا وشعبنا بالجبن والدناءة، حدثني سجاني اللطيف الذي لم أعد أعرف عنه سوى أن اسمه "لكور" وأنه حرسي،وغيلاني، فقال: كنت مع القائد فياه في الصحراء. كان مثالا رائعا في الشجاعة والريادة والإقدام، وكنا نقتدي به ونتبعه.كان كلما وضع لنا خطة أجمعنا على أننا سوف نهلك إن نحن نفذناها، وعندما تنتهي المعركة بنصرنا نجمع على أنه لولا اتباعنا لتلك الخطة لهلكنا. وكان عزاؤنا ومصدر شجاعتنا أنه كان يتقدمنا دائما في كل معركة وسلاحه في يده، وهو يقول (وكأنه يستحضر روح لحزام يوم حمدون):"تقدموا..سلاحهم ما يكتل". وهذه الشمائل هي التي عبر عنها معلق قناة "الوطنية"البارحة في صفحة عن الفقيد:"إنه القائد الذي بذكره تنخلع عقول الرجال فتسلك الكتائب العسكرية طريقا لا يؤدي إلى لقائه خوفا من بطشه حين تشتد الحرب ويحمى الوطيس.. لم يدخل معركة إلا وخرج منها منتصرا،أيا كان الخطب ومهما كانت الظروف".
وفياه ولد المعيوف كان جزءا من حركة 16 مارس 1981 وهو مرشحها لقيادة فترة انتقالية مثل تلك التي عرفناها بعد حركتي أغسطس المجيدتين. ولم يتنكر قط لتلك الحركة ولا لأبطالها؛بل كان رحيله يوم ذكراها قمة الوفاء لها!
واليوم هاهو البطل الأسطوري فياه ولد المعيوف وقد نجا من جميع أهوال الحرب،يموت في فراشه كما مات سلفه خالد بن الوليد.. فلا نامت أعين الجبان!
رحم الله البطل فياه ولد المعيوف، وبارك في آله وفي قومه والوطن الذي أنجبه.. إنه سميع مجيب.
بقلم الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
تصنيف: