من أطلع علي ما يدور في الساحة الإعلامية مسموعها و مرئيها ينبهر لهذا السيل الدافق من المعلومات و الآراء المختلفة حول موضوعات شتي، لكن أصحابها لا يتقيدون أحيانا بضوابط الشرع أو الأخلاق و لا حتي الموضوعية ...
نعم، بعض الناس يطلق العنان لنفسه في التهجم علي الآخرين سبا و تعريضا و تعرية و لا هم غمطوه حقا و لا ظلموه ظلما و إنما هي أمراض القلوب النتنة في أبشع تجلياتها.
و الغريب في هذا السياق هو التحامل علي الموتي من لدن أشخاص يفترض فيهم أدني حد من التحفظ و المحافظة، لكنهم يأكلون لحوم إخوتهم في شكل ثأر وهمي بخيس، ينم عن طوية، الله أعلم بحقيقة ظلمانيتها، متجاهلين ما يترتب علي الأمر شرعا و كذلك مشاعر أرحام المعنيين، متناسين أنهم كلهم عورات وللناس ألسن، علما أن كل أسد يموت يترك خلفه عصابة غابة شرسة كانت مختفية مهابة و احتراما له فقط.
و في هذا المجال، ليس الزعماء والرؤساء المعزولون الأحياء إلا أعزة ذلوا يكفر الله ذنوبهم بوضعهم الجديد، البعيد عن الأضواء والإطراء و سعة الحال و استمرار تحمل الأمانة.
الموريتانيون أمة مسلمة كريمة ليست بحاجة إلي ديمقراطية مدمرة للأخلاق بسبب استغلالها السيئ من طرف النخبة حيث تحولت الساحة السياسية إلي ميدان معركة مغبر لا يري فيه أحد الآخر و لا يعول عليه في تقدير موقف أو مواجهة مصير، و لا إلي حرية رأي نارية، لا ضوابط لها تقطع أوصال المجتمع و تعتدي علي ثوابته و تشعل الفتن هنا و هناك.
و عليه فنحن مطالبون بالتبصر و الواقعية و تحكيم العقل مع الاحتراز من زلات اللسان غير المضموطة شرعا و أخلاقا.
و في هذا الإطار ينبغي أن لا ننسي جميعا ما يزخر به تراثنا من حكم و آداب بخصوص المناظرات حول الحكامة العامة و احترام الرأي المخالف طبقا لتعاليم ديننا الحنيف، مثل قول العلامة الشيخ محمد المام:
رسول الله حاس بارد ـــــ الأشياخ امراير لذاهب
و ال لا تنكر يلوارد ـــــــ للحاس كثرت لمذاهب.
و قوله في قصيدة علي من ساد:
نزاع سلاسة لا خرق فيه ـــــــ و يغلب بالأنات الغالبونا
إميه ولد أحمد مسكة
تصنيف: