في السابق دئبنا، في موقع "موريتانيا المعلومة"، على مواكبة تطور جائحة كوفيد 19 في البلاد: نبحث يوميا عن المعلومات وننشرها، نشرح المعطيات الوبائية ونحللها باستمرار... ما استطعنا لذلك سبيلا. لكن منذ فترة، وبعد ما تلاشت الموجة الثانية، تراجعت جهودنا تباعا. إما اليوم، فإن الظروف الصحية الجديدة تدفع بنا إلى أن نستعيد وتيرتنا السابقة أو نزيد.
ففعلا، تشهد بلادنا، على غرار دول العالم، موجة وبائية جديدة تقتضي منا جميعا التحرك لمواجهتها، كل من موقعه.
وتظهر التقارير اليومية الصادرة عن المصالح الصحية المختصة في بلادنا تفشيا للوباء بلغ حدا خطيرا جدا وغير مسبوق: الإصابات اليومية تعد بالمآت، وإن سار الأمر على نفس الحال، فإنها قابلة للنمو حتى تبلغ الألاف يوميا. وفي المقابل، فإن تقيدنا بالإجراءات الصحية ضعيف جدا، وكذلك مستويات الفحوص وحملات التطعيم، مع نقص حاد في بعض اللقاحات. كما أن المعطيات الوبائية تفتقر إلى الدقة أحيانا. ونورد مثالين في هذا المجال:
- ما هي نسبة الإصابات بسلالة دلتا في بلادنا؟ وهل تتوفر لدينا داخل الوطن الآليات اللازمة لتشخيصه؟ علما أن فيروس دلتا المتحور أسرع انتشارا وأكثرا اضرارا، بكثير، من سلالات كورونا الأخرى وأنه يتفشى كثيرا اليوم.
- ما هي نسبة الفحوص الموجبة؟ وكيف يُجرَى حسابها: هل نحسبها انطلاقا من مجموع فحوص "بي سي ار" (PCR) وفحوص "تي دي ار" (TDR)، معا. أم نأخذ في الحسبان فقط أكثر التقنيتين مصداقية، أي: "بي سي ار".
وفي هذه الحالة، فإن الوضع سيكون ليس مرعبا فحسب، بل أشدُّ واعظم: نسبة الفحوص- "بي سي ار" -الموجبة زادت على 90% ليوم أمس، ثم بلغت اليوم 51.87% ، حسب تقرير وزارة الصحة الذي صدر هذا المساء. ولا يدل هذا التراجع في نسبة الفحوص الموجبة الأخيرة على أن منحنى الوباء يسير في نفس الاتجاه، طالما أن الفحوص ناقصة وما يتوفر منها يبين أننا نواجه كل يوم مئات من الإصابات الجديدة. أضف إلى ذلك أن مستوى الخطر الوبائي يبدأ عندما تبلغ نسبة الفحوص الموجبة 2%. ومعطيات اليوم تفوقه 26 مرة تقريبا، ناهيك عن معطيات يوم أمس !
كما توحي من جهة أخرى النسبة الموجبة المرتفعة والفحوص القليلة إلى أن أعداد الإصابات تزيد بكثير على ما تم كشفه.
وأمام هذا الوضع الخطير، فليس لنا من سبيل سوى أن نتضرع إلى الله عز وجل برفع البلاء عنا، وأن نعمل بجد وجهد على مستويين:
أولا : يجب علينا كمواطنين أن نوظف آليات الوقاية التي في متناولنا جميعا: التباعد الاجتماعي، ارتداء الكمامات، التطهير، ثم الإقبال على التلقيح كلما سنحت الفرصة.
ثانيا: ينبغي على السلطات أن تبذل قصارى جهدها، لتوفير اللقاحات، ووسائل الفحص، وأن تسهر على جودة الخدمات الطبية التي تقدم للمصابين. وقد تحققت فعلا مكاسب جيدة في هذا الجانب الأخير خلال الموجة الوبائية السابقة، أنا عليها شخصيا من الشاهدين، حيث استفدتُ منها في شهر فبراير الماضي. ويجب أن تتواصل وتتعزز.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف:
