احتضن مساء أمس مقر "هم" (هيأة المعلومة للثقافة والتراث والفنون) حفل إصدار البوم من طرف هذه الهيأة التي تترأسها الفنانة الكبيرة وعضوة مجلس الشيوخ الشهيرة المعلومة بنت الميداح.
وهذا الألبوم ـ الذي هو الأول من نوعه ـ صدر تحت عنوان : " الطرب الشعبي الحساني الموريتاني " ؛ ويهدف إلى المساهمة في حفظ "الأشوار" التقليدية المهددة بالاندثار" على حد قول رئيسة "هياة المعلمومة"؛ و تم انتقاء أغنياته ـ أي "الاشوار" ـ بحيث شملت الطيف الموسيقي بمجمله لدى "البيظان" على كل التراب الوطني. وهو جزء من مفهوم ثقافي شامل يتمثل في مشروع " تيدآرينّ " الكبير الهادف إلى حفظ وتدوين التراث الموسيقي الموريتاني وتدوينه.
و بدأت مرحلته الأولى بتدوين ونشر "الطرب الشعبي الحساني" في جزئه الأول . وسوف يُشْفع بتسجيلات تُعنى بالفولكلور الشعبي المعروف ب : "بنده"، وبأعمال أخري تهتم بالموسيقى الناطقة باللغات الوطنية ذات الطابع الإفريقي : البولارية ـ الصوننكية ـ الولفية.
و قد حضر الحفل جمع متميز من المثقفين والفنانين والإعلاميين... كما حضره دبلوماسيون من بينهم السفير الياباني والسفير الأمريكي ونظيرهما الإسباني بالإضافة للقائم بالأعمال في السفارة الفرنسية.
وكما هو حال جل المدعوين، لم يخف الدبلوماسيون ارتياحهم وإعجابهم بما قدمه المطربون الموريتانيون على إيقاع أداتيهما التقليديتين المفضلتين : " تيدنيت" و "آردين". ولم يكن الأمر بغريب لمن يعرف الفنانين المشاركين : القاض ولد انكذي وزوجته، لاله بنت اتنيغميش وابنتها، ماكَّه ولد دندني وزينب بنت حنباره، وكذلك سدوم ولد بيبو ولد أيده الذي كان مرفوقا بشقيقته سكتو.
وقد اختار كل واحد من هؤلاء أن ينشد أغنية مسجلة من الألبوم لا يغنيها سواه وباسلوب يختلف عن الآخرين، بحيث شمل الأداء والنغمات مجموع المقامات الموسيقية الموريتانية. تلك هي الرسالة التي أرادت المعلومه ـ حسب ما يبدو ـ أن يحملها هذا الحفل الموسيقي الشيق. وقد وفقت هي ونظراؤها الذين سبق ذكرهم في أدائها.
وانتهى الحفل الذي دام لأكثر من ساعتين بتوزيع مجاني للألبوم و يبدو أن مئات من نسخه تم توفيرها لهذا الغرض.
وتجدر الإشارة إلى أن انجاز هذا الألبوم قد تم بفضل دعم قدمه الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) لهيأة المعلومة للثقافة والتراث والفنون، حسب ما ذكرته صاحبة المبادرة ورئيسة الهيئة في كلمتها الترحيبية التي شكرت فيها الصندوق على التمويل وعلى دعمه السخي للثقاافة والفن الموريتانيين. لكن أكثرية المستمعين ـ وأنا على رأسهم ـ كانت لنا رغبة قوية في سماع صوت المعلومه، ليس كخطيبة فحسب، وإنما أيضا كان بودنا لو أنها غنت لنا " جبيبي حبيته" أو "اكنو". غير أن ذلك لم يكن في برنامجها لهذه السهرة التي آثرت فيها أن تترك المجال لغيرها من المواهب الموسيقية للتعبير عن ذاتها.
وهذا كرم منها يضفي قيمة أخلاقية مضافة إلى الأمسية الفنية الجميلة التي أشرفت على تنظيمها. أمسية امتزج فيها ما هو ممتع بما هو ضروري. وهذا التزاوج، وهذا التناسق، بين الاثنين يفصح عن بعض من المقدرات الكبيرة لهذه الفنانة الفذة ذات المواهب المتنوعة ومتعددة الأشكال. فهي لا تقتصر على كونها فنانة ومطربة تجاوز تألقها حدود البلد بكثير ولا على كونها سياسية محنكة فحسب، بل إنها كذلك امرأة فكر غزير في مجال السياسات الثقافية، وبصورة خاصة فإنها لامعة فيما يتعلق بالحفاظ على التراث الموسيقي والتعريف به.
طوبى لك أيتها المعلومه.
البخاري م. مؤمل
تصنيف: