نواكشوط، أيتها اللقيطة العظيمة...

وانسكب نور القمر حليبا دفاقا.. على شواطي نواكشوط.. واختلط بريح البحر فاصبح المشي بغتة في عاصمة التيه من المسكرات المحرمة شرعا...وكيف لا ونسيم حريري يدخل بين كتفيك خلسة ويناغيك..وينقلك للذائذ المساء الثمل دوما بهجنة الريح والرمل والليل المقمر؟
وكأنك تعود طفلا يدغدغه طيف ساحرة..! 
ساحرة لا ترى لكنها هنا .. ويغمرنا حنو ريح حملت عبر الموج أفانين شعر ضائع.. وقليلا من مباهج الصبابات الخوالد الآتيات من ارخبيل الجزر السعيدة.
فلا مدينة إلا أنت...ولا شعر إلا لك.
لقد شدت عروقك اقاصيص البداة.. حين بارحوا قراع التيوس.. وسقطوا صرعى لحظ عيون المها بين كثبان المحيط الاقصى..!
وتدلت فوقك ذؤابة من امجاد افريقيا..افريقيا التي احتفظت ببراءة الطفل-الانسان كاملة غير منقوصة..فلا ارض اختلط فيها لحن الحداء بطبول الزنج سواك. ولا بقعة اختزلت سعادات الوجد الاعظم الا انت ايتها اللقيطة العظيمة التي صرخت في وجه الدنيا وانقذفت من رحم الفاجعة وبولادة طبيعية... دون صك زواج ودون سلطان تضرب باسمه النقود والرقاب..!
مدينة بدون آثار..فلا سور من طين يطوق خصرها ..ولا ثغور حراس على مآذنها ولا سوق خيول ...ولا تكايا سلاطين.. ولا مزارات صالحين ..ولا بخور ..ولا عنبر ولا مواويل.
لله منك يا مدينة كفرت بالتاريخ ..وتحدت الجغرافيا.

الأستاذ محمد ولد امين

تصنيف: 

دخول المستخدم