موريتاني يسال : عن أي امة نتكلم ؟ احمد مطر يجيب بالنفي ... والقرضاوي يؤكد ...

أمة إسلامية أم أمة عربية؟وهل لأي من المفهومين وجود في الحقيقة؟أم أنها شعوب متفرقة وأن الأمر يقتصر على أحلام تراود مثقفين وسياسيين بحاجة إلى معالم لغوية رنانة يلونون بها خطاباتهم حسب منابع إيديولوجية مثيرة للجدل ولم يكتب لها أن ترى النور على أرض الواقع؟

السفير والكاتب الموريتاني عبد القادر ولد محمد تجرأ على طرح السؤال: عن أي امة نتكلم ؟ ثم أبدى رأيه بشجاعة وبكل وضوح، بلا لف ولا دوران، مجيبا بالنفي:

" لا وجود اليوم لأمة إسلامية و إنما يوجد عالم إسلامي يتكون من أمم و شعوب مختلفة في ما كان بعرف جغرافيا ببلاد المسلمين و كذلك من مجموعات هاجرت و استوطنت بكثافة ملحوظة ببلدان كانت في عهد مضي تعتبر بمثابة دار الكفر.
كما لا وجود لأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة من المحيط إلى الخليج و إنما هنالك دول لا تكاد اثنتان منهما تتقاعد علي النار".

  وعلى نفس الوتيرة، بل بأسلوب أشد راديكالية بكثير، سار الشاعر العراقي احمد مطر من خلال انتقاداته اللاذعة للواقع العربي ومن خلال الصور الكاريكاتورية التي يرسم الحكام العرب وتسلطهم من خلالها. الغضب الشديد وانسداد الافق لا يتركان- أثرا في شعره المتألم للأمة العربية التي يتفوه بها  الحالمون والمنادون بالوحدة العربية.  

وخلافا له، فإن السيد القرضاوي، الزعيم الروحي لحركة الإخوان المسلمين، يؤكد أن "الأمة الإسلامية.. حقيقة لا وهم"[i] ".  ويلتقي معه بشكل عام في حمل هذا الشعار كثير من المسلمين والناشطين، خاصة كل من يصنفون ضمن الإسلام السياسي. جميعهم يتشبثون بشعار "الأمة الإسلامية".

وقد يتفادون الحديث عن العروبة وقد يحملونها معه. إلا أن خطاباتهم تبقى في حاجة ماسة لأدلة ملموسة ومقنعة تنبئ بامكانية تجسيدها على ارض الواقع. ورغم ذلك، فإن لها أصداء واسعة في العالم الإسلامي.  ويساعد القائلين بشعار "الأمة الإسلامية" توظيفهم الواسع  لكلمة "الأمة" كما وردت في القرآن الكريم، مقرونة بصفة الأفضلية، ولو أن الوصف ورد في صيغة الماضي، وأن المعنيين به حسب جل المفسرين هم المهاجرون الذين هاجروا مع النبي صلى الله وعليه وسلم من مكة إلى المدينة: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...". 

كما وردت العبارة ايضا في صيغة الماضي  في التنزيل الحكيم، مقرونة بالأداة الظرفية  -تلك- الدالة على البعد، أي: على فارق زماني أو مكاني كبيرين. ويقول بعض المفسرين ان المقصود ب"الامة" هنا ليس المسلمون وإنما اليهود والنصارى: "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ"، لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

فالأمة بهذا المعنى لا تحمل شحنة إيجابية؛ بل على العكس: ينبغي تكييفها مع ظروف العصر أو البحث عن لغة بديلة أكثر ملاءمة منهاوقد لا يكون الامر عويصا علينا كعرب،علما أننا نسمى "أمة الكلام"، رغم أن هذه التسمية بحاجة إلى عملية صقل جيدة تنظفها من الشوائب الضارة اللاصقة بها.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي) 

  

 

[i] عنوان كتاب ألفه المعني وهو منشور على الأنترنيت في شكل PDF.

تصنيف: 

دخول المستخدم