لحسن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ تحية طيبة مشاهدينا الأعزاء، مشاهدي قناة "الوطنية" هذه هي الحلقة الخامسة من سلسلة الحلقات التي نستضيف فيها الأديب والسياسي والمحامي الأستاذ محمدٌ ولد إشدو، والتي نفتح فيها الباب على مصراعيه للحديث عن مختلف مراحل التاريخ السياسي الموريتاني؛ خاصة أننا في شهر تاريخي بامتياز، باعتبار المناسبة العظيمة التي يتوج بها هذا الشهر؛ وهي ذكرى الاستقلال الوطني في الثامن والعشرين بحول الله تبارك وتعالى.
الحديث إذن مستمر مع ضيفنا العزيز، الأستاذ محمدٌ ولد إشدو حول مختلف مراحل التاريخ السياسي الموريتاني التي مررنا بالعديد من محطاتها في الحلقات الماضية؛ حيث فتحنا ملفات تاريخية مهمة واكبت عدة مراحل سياسية مختلفة، وأنظمة تعاقبت على حكم البلاد.
تناولنا في الحلقة الماضية محطة بارزة ومهمة من التاريخ السياسي الموريتاني، تتعلق أساسا بانقلاب العاشر من يوليو عام 1978 وما اكتنف تلك المرحلة من مختلف الأحداث والمشاهد والتطورات السياسية حينها.
وتوقفنا عند محطة بارزة ربما كانت من أهم محطات تلك الفترة، هي ما يتعلق بحادث الطائرة التي سقطت، أو "أسقطت" على حد تعبير ضيفنا العزيز، والتي كانت تقل رئيس الوزراء الموريتاني حينها أحمد ولد بسيف. وسنحاول في هذه الحلقة - بإذن الله- أن نقف مع الأستاذ محمدٌ ولد إشدو على رؤيته لحقيقة تلك الحادثة التي جاءت مغايرة لما هو مكتوب ومعلوم لدى الغالبية الكبرى من الشعب الموريتاني من أن الطائرة سقطت نتيجة حادث عابر حيث برزت رؤية تاريخية أخرى للحدث مع الباحث الضيف الكريم الأستاذ محمدٌ ولد إشدو الذي يرى أن الحادث لم يكن عرضيا وإنما كان بفعل فاعل.
في هذه الحلقة أيضا ستكون لنا وقفات مع محطات أخرى من التاريخ السياسي الموريتاني تتعلق بما بعد انقلاب العاشر من يوليو من أحداث سياسية مهمة.
نرحب بداية بك أستاذ محمدٌ ولد إشدو معنا.
ذ. إشدو: أهلا وسهلا بك. أرحب بك وبالمشاهدين الكرام، وسنبدأ ببعض الملاحظات، فقد اتصل بعض المتصلين، وألحوا في اتجاهين اثنين أساسيين:
الاتجاه الأول هو كما ذكرتم من هم قادة انقلاب العاشر من يوليو بالأسماء، ولماذا أصر على أنه انقلاب مدني وليس انقلابا عسكريا؟
والأمر الثاني الذي وجدت فيه بعض الإلحاح هو ضرورة إنصاف العاشر من يوليو وأهل العاشر من يوليو.
وأنا سأنصف الجميع فعلا، لأنني أعمل بقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} فلن أقول – إن شاء الله- إلا قولا سديدا مؤسسا.
لحسن: لكن أيضا أريد أن أشير إلى نقطة مهمة؛ وهي أننا لا نريد أن تؤثر هذه الاتصالات وهذا التواصل الذي يحدث عقب البرنامج، في السرد التاريخي للحقائق التاريخية التي يجب أن يعلمها كل موريتاني على حدة.
ذ. إشدو: اطمئن يا أستاذ. الأمر يتعلق بأحداث مضت عليها أربعون سنة، ومن عادة الدول أن تفرج عما مرت عليه فترة زمنية (30 مثلا) حتى لو كان من أسرارها الأساسية.
كما قلنا في حلقة سابقة فمن الضروري أن يعرف بعض الحقائق، ومن الضروري أن تكون لدى الأجيال الصاعدة تجربة الأجيال السابقة لكي لا يبدأ هؤلاء من حيث بدأ أولئك، ولكي تنير هذه التجارب درب الشعب الموريتاني في مسيرته إلى الأمام إن شاء الله.
أضف إلى ذلك أنني معروف بقدر من الحزم والصرامة في مواقفي. وما مررنا به أثناء الحديث عن فترة المختار ولد داداه رحمه الله لم يمنعني من الإعراب عن وجهة نظري، وكذلك فترة جماعة العسكريين باختلاف طبعاتهم. إذن لن أقول إلا ما أراه، ولكن بأسلوب غير جارح بإذن الله.
أولا أنا لا بد أن أنصف العاشر من يوليو وأهل العاشر من يوليو ، وإذا لم أنصفهم فثمة أمر ينصفهم هو أن حديثي عن العاشر من يوليو هو مجرد شهادة، وليس حكما.
أمانة لا تحامُل
وفعلا فإني أتهم عليه، لكني تعهدت في البداية – وسأبقى متعهدا- بما أستطيعه من الموضوعية. لماذا أتهم عليه؟ لأن العاشر من يوليو - حسب ما قلت لكم- وجدنا في مرحلة معينة من التطور فنسف مجهوداتنا التي حققناها خلال 20 سنة، ومع ذلك سأذكر ما فيه مما – أو في شخصياته- مما هو إيجابي، وما هو سلبي أيضا أعتقد أنه ينبغي أن يقال.
فيما يتعلق بالقيادة فقد حاولت البحث عن كنه شعار أو مشكلة لدى الساسة الموريتانيين الحاليين هي تشبث الجيش بالسلطة، وتناولته من زاوية: ما هي عوائق الحرية في موريتانيا؟ وقلت في كتابي "أزمة الحكم في موريتانيا" إن ثمة ثلاثة عوائق تقف في طريق الشعب الموريتاني نحو التقدم.
العائق الأول رأيت أنه الفساد، وقدمت الأدلة القاطعة على ذلك. ومن ثم فالعدو رقم "1" لموريتانيا هو الفساد. ودعوت الموريتانيين إلى محاربة الفساد، وكل سياسي أو مسؤول موريتاني يعلن الحرب على الفساد ويحاربه فأنا معه لأني أرى الفساد عدو شعبنا الأول.
العائق الثاني رأيت أنه معضلة جزء مهمش من الشعب الموريتاني، ولم أهمشه أنا ولا أنت، وإنما كان التاريخ يهمشه؛ ألا وهو شريحة الحراطين. وتحدثت عن هذا التهميش وأسبابه واقترحت الحلول وقلت إن العبودية غير موجودة في موريتانيا الآن (وسنصل إلى ذلك عند الحديث عن الحاضر) وإنما هي كلمة باطل أريد بها باطل! هنالك تهميش، هنالك آثار الرق.. إلخ، وعند ما قلت هذا كنت بدعا وأعلنت علي حرب لا هوادة فيها، على عدة جبهات: نفسية وإرهاب فكري.. لكن عاد الجميع إلى ما قلته ولله الحمد.
العائق الثالث عنونته بتشبث الجيش بالسلطة، وحين بحثت أين يقع هذا التشبث وفتشت عن مظاهره اكتشفته فغيرت العنوان وجعلته "الانقلاب الدائم على المجتمع" وجدت أن الانقلاب الذي وقع في موريتانيا يوم العاشر من يوليو ليس انقلابا للجيش وإنما هو انقلاب مدني، ولم يكن هذا قد نشر بعد بأية وسيلة؛ وها قد نشر كتاب "من القصر إلى الأسر" للرئيس محمد خونا ولد هيداله، وهو مفيد تماما؛ فجزاه الله خيرا على ما كتب لنا عن تجربته.
تصنيف: