مساهمة في صياغة خطة اقتصادية وطنية لمواجهة فيروس كورونا المستجد*

تنبيه: إن هذه الورقة مبادرة شخصية من كاتبهاومنه وحده، ولم تكن بأمر أو طلب من أي جهة،وكذلكلم يستند فيها علىمعلوماتسوى المعلومات المتاحة للجميعمن مصادر رسمية (معطيات حكومية،منشورات جامعيةوعلمية،وسائل إعلام دولية ذات مصداقية) وليس فيها أي معلومات ذات طابع سري. لا تعكس الاقتراحات والتوصيات المذكورة فيها موقف الحكومة الموريتانية، وليست إلا أفكارا مقترحة من الكاتب ولا يُقصَد بها استشراف الإجراءات المستقبلية التي قد تعتمدها الحكومة أوقد تعرض عنها.وقد تلقى الكاتب إرشادات قيمةأثناء إعداده للورقة من خلال نقاشات مثمرة مع مواطنين ذوي كفاءات عالية، داخل الوطن وخارجه، من مختلف التخصصات (الاقتصاد والطب والهندسة وعلم الاجتماع والعلوم السياسية...إلخ).

1. الوضع الصحي:

 

العالم

موريتانيا

المغرب

الجزائر

السنغال

 

المصدر : مركز معلومات فيروس كورونا جامعة جوهنسهوبكينس   (Johns Hopkins University)

 

يشهد العالم وباء لم يسبق له مثيل من حيث امتداده الجغرافي وسرعة انتشاره. فقد تم الإعلان عن ظهور حالات إصابات مؤكدة في جميع بلدان العالم تقريبا في غضون بضعة أسابيع. ويشير منحنى انتشاره إلى ارتفاعه بشكل أسي في العالم بشكل عام، كما في ثلاثمن دول الجوار أيضًا (المغرب والجزائر والسنغال).

وبفضل الله، لايزال انتشار الفيروس محدودًا في بلادنا إلى حين كتابة هذه الأسطر، حيثلميتم تأكيدسوى حالتين فقط وهما لمسافرين قادمين من الخارج. وبما أن الهدف من هذه الورقةلا يتعلق بتفاصيل خطة المواجهة على المستوى الصحي فسنقتصر هنا على التنبيهإلى أن التدابير الحازمة التي اتخذتها السلطات من إغلاق للحدود، وإخضاع للوافدين للحجر الصحي وحظر للتجول، قدساهمت بشكل كبير في الحد من انتشار الفيروس حتى الآن. وتجدر الإشارة إلىأن هذه الإجراءات الاحترازية قد اتُّخِذت في وقت مبكر جدًا مقارنة بدول الجوار وحتى مقارنة بالدول المتضررة بشكل كبير والتيسبقتنا في ظهور الوباء.

وقد أصبح معروفا في جميع أنحاء العالم أن هذه التدابير هي الطريقة الأنجعللحد من انتشار الفيروس. حيث أدى تأخير بعض الدول لهذه الإجراءات، غالبا لاعتباراتاقتصادية، إلى خسائر بشريةفاجعةدون تجنب الخسائر الاقتصادية. وبهذا، وفيظلشح المعلومات المتوفرة عن الفيروس وطرق انتشارهونظراًلسرعة تفشيه وخطورته، نلاحظ إجماعاًلا مراء فيهعلىالخلاصة التالية: إن محاولة أي دولة للتوفيق بين الحاجة الإقتصاديةوالواجب الصحي سيكون قدرهاحتما الخسارة على كلتا الجبهتين. ومن هذا المنطلق، سنعتبر، لغرض هذه الورقة،أن خطة قطاع الصحة هي الأساس الذي نرتكز عليه وأن الخطة الاقتصادية ليست إلامجموعة من الإجراءات لدعم القطاع الصحي وتخفيف "الأضرار الجانبية".

ففي هذه الظرفية الحرجة يجب أن تؤخذ جميع التدابير لضمان إنجاح هذه السياسة الضرورية المتمثلة في "البقاء في المنزل" مع مراعات تأثيرها الإقتصادي، خاصة فيما يتعلق بتوفير الإحتياجات الغذائية. فهما أمران متلازمان ويجب أخذهما على محمل الجد لما قد يترتب عليهما من تداعيات، ليس فقط من الناحية الاقتصادية والصحية ولكن أيضا من الناحية الاجتماعية وربماالأمنية.

2. الوضع الاقتصادي والأسواق العالمية:

في ظرف وجيز جدا بعد بداية انشار الفيروس، أصيب إقتصاد جل الدول الأكثر تقدما بحالة شلل شبه كامل. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، لا يستبعد بعض الخبراءأن يتراجعالناتج المحلي الإجمالي بنسبة ربما تصل إلى%30لعام 2020كما قد تتجاوز نسبة البطالة25%. ويتوقع معظم الخبراء الاقتصاديين احتمال حدوث أزمة اقتصادية بحجم الكساد الكبير الذي وقع في ثلاثينيات القرن الماضيوقد يتعداه.

مؤشر إضطراب مشتقات أسهم(VIX) S&P 500

المصدر : Chicago Board Options Exchange

 

إضافة إلى ذلك، فإن الإضطرابات الشديدة السائدة في الأسواق المالية في الوقت الحالي، والتي اقتربت الآن من حدها القياسي التاريخي المسجلعام 2009،تعرقل عملية تحديد الاتجاهات التي يمكن أن تساعد في استشرافالتطورات المستقبلية. ومما زادمن هذه الضبابية إشكالاهوتزامنبعض الظواهر المتناقضة في الأوقات العادية، مثل الانخفاض المستمر في أسعار الذهب على الرغم من التسهيل الكميالذي قامت به معظم البنوك المركزيةوأهمها، والإبقاء على أسعار الحديد كما هي في وقت ينخفض فيه الإنتاج الصناعيبشكل هائل، أو تماسك قيمة صرف الدولار الأمريكي على الرغم من الانخفاض غير المسبوق في نسب فوائد الخزينة الأمريكية. ولا تزال هذه الظواهر سائدة حتى اللحظات التي تم فيها تحرير هذه الورقة، ولكن يمكن أن يتغير الوضع في أي وقت وفي بضع ساعات.كما أن أسواق الأسهم تعطي مثالا آخر على هذه التذبذبات، حيث فقد مؤشر داو جونز (DJIA) أكثر من 30% خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الماضية، مما تسبب في خسارة نحو 40 تريليون دولار، خلال دورات متوالية محدثةعشـوائياًخسائر بنسبة تزيد عن10%أحياناً وأرباحاً بنسب مماثلةأحياناً أخرى.

على الرغم من كلهذه الإضطرابات وعدم الاستقرار، فإن جُلّالمراقبين يتفقون على حقيقة واحدة وهي أنهنالك فعلا حالة ركود يمكن أن تستمر لمدة طويلة مؤدية إلى كساد بحجم ما وقع في فترة ما بين الحربين العالميتين، إن لم يكن أكبر.

أما فيما يتعلق بالمواد الزراعية، فيبدو أنها قد نجت حتى الآن من تقلبات الأسواق المشار إليهاأعلاه، ويُستنتجذلك من تطور المؤشرات الرئيسية وأسعار المنتجات الأكثر سرياناكالأرز والقمح والسكرمثلاً.ويمكن تفسير ذلك بالوضعية الحالية للمخزون العالمي) فائِض (، ولكن أيضًا بطبيعة النشاط الزراعي الذي تتم ممارسته في مساحات مفتوحة، مما يجعله أقل ملائمة لانتشار فيروس COVID-19، على عكس المساحات المغلقة، كمايمكن أيضاً تعليلهبالفارق الزمني بين الزرع والحصاد.

مؤشر الأمم المتحدة لسعر الغذاء

المصدر :منظمة الأغذية والزراعةللأمم المتحدة (FAO)

الإستقلال الغذائي في العالم

المصدر :منظمة الأغذية والزراعةللأمم المتحدة (FAO)

 

ومع ذلك، يظل تحديالأمن الغذائي في غاية الحساسية بالنسبة لموريتانيا، التي تعد من بين الدول الأكثر اعتمادًا على الإستيرادلتغطية احتياجاتها الغذائية، رغم بعض التحسنبهذا الخصوص.

وقد نشرت وكالة بلومبرج (Bloomberg) بتاريخ24 مارس 2020 مقالا بعنوان "تخزين بعض البلدان للمواد الغذائية قديهدد السوق العالمية"، أشارت فيه إلى أن بعض البلدان قد بدأت إما في تقييد صادراتها، أو زيادة احتياطياتها الغذائية.  حيث قامت فيتنام بتعليق جميع العقود الجديدة لتصدير الأرز وأوقفت كازاخستان جميع صادرات القمح ودقيق القمح، الذي يعد مادة أساسيةبالنسبة لهم. ويحتمل أن تقوم روسياحسب تصريحات حكومتها بتقييد صادرات القمح، كما أوقفت صربيا جميع صادرات زيت عباد الشمس والمنتجات الزراعية الأخرى، وفي نفس الإتجاهأعلنت الحكومة الصينية عزمها علىزيادة مشتريات الأرز من المنتجين المحليين، مما سيحد بالفعل من الكميات المتوفرة للتصدير.

سعر السكر

سعر الأرز

سعر القمح

المصدر :صندوق النقد الدولي (FMI)

وفي الجهةالمقابلة، شرعت بعض البلدان المستوردة بتقديم طلبات كبيرةكما هو الحال مثلا في الجزائر وتركيا اللتان تقدمتحكوماتهما بإصدارطلبات جديدة من القمحفي حينأعلنت المملكة المغربية عن قرار إلغاء الرسوم الجمركية على استيراد القمح حتى نهاية يونيو 2020. وفي السنغال، أعلن رئيس الجمهوريةعن خطة طوارئ بقيمة تريليونفرنك أفريقي ولن يتوانى عن اتخاذ إجراءات مماثلة في القريبالعاجل.

إذاً فإنه من الحصافة ألّا نستبعدأن هذاالهدوء النسبي السائد اليوم في الأسواق الزراعية العالميةقد لا يستمر لفترة طويلة، خاصة وأن الأسعار الحالية للمنتجات الرئيسية أقل بكثيرمن مستوياتها القياسية التاريخية، مما يثير القلق حول حدود ارتفاع أسعار هذه المواد.

وفي هذا السياق، يجدر التذكيربأن موريتانيا كانت قد تأخرت نسبيا في دخول السوق خلال أزمة الغذاء العالمية 2008-2007، وواجهت صعوبة كبيرة في الحصول على التموين رغم استعدادها لدفع أي ثمن آنذاكوعلىالرغم من توفرها على الموارد الماليةلذلك.

3. مقترحات لموريتانيا:

من خلال رصد القرارات الإقتصادية والمالية لأغلبية دول العالمفي هذه الآونة، يتبين غياب الإلتزامبالضوابط المتعارف عليها عادةكمستوى المديونية أو نسبة عجز الميزانية مثلاً. فالعالم الآن في حالة طوارئ، مما يجعل تحدي البقاء على قيد الحياة يفوق جميع الاعتبارات الأخرى. ولا أدل على ذلك من قرار مجلس الشيوخ الأمريكي (بالرغم من أن الأغلبية فيه للحزب اليميني) بالتصويت على خطة بقيمة 2 تريليون دولار مع تخصيص جزء منها لدعم المواطنين بتحويلات نقدية مباشرة إلى حساباتهم، وهو أمر كان، إلى الآن، يصعب حتى تصوره. كما أن بعض الدول ذات الدخل المحدود قامت بالأمر نفسه، حيث خصصت السنغال لخطة الطوارئ مبلغا قدر مبدئيا بنحو 1.000 مليار فرنك أفريقي.

من كل هذا نرى إذاً أن الظرفية الحالية تستدعي ترتيبات في غاية الجرأة فالخطر المحدق لا يدع مجالا لأنصاف الحلول؛ لذلك نقترح هذه الخطة الإستعجالية بمبلغ إجمالي يصل مليار دولار أمريكي مع احتمال زيادته إن دعت الظروف إلى ذلك، لاقدر الله.

يجب أن تأخذ هذه الخطة بعين الاعتبار ضرورة تثبيت التضخمفي حدودمقبولة (من خلال التحكم في سعر المواد الأساسيةوالتركيز على توزيع المواد الغذائية بدل التحويلات النقدية) وتفاديتدهور سعر صرفالعملة الوطنية(بزيادة الإنتاج من الذهب السطحي، واللجوء إلى التمويل الخارجي لشراء المواد الغذائية، والحد منالإستيراد غير الضروري وتقليصتحويلات أرباح شركات الصيد والاتصالات).

ونقترح أن يتم إعداد هذه الخطة على مرحلتين:

  • مرحلة البقاء: وهي الموضوعالرئيسيلهذه الورقةوسنقترح فيها بعض الإجراءات ذات الأولوية ونتعرضلمقترحات لبعضطرق تمويلها.
  • مرحلة التنشيط: ستكون بإذن اللهموضوع ورقة أخرى تحرر في وقت لاحق،ونقتصر هنا على ذكر مبادئها التوجيهية وخطوطها العريضة.

المرحلة الأولى: البقاء (خلال فترة الحجر الصحي، يجب توقع مدة 60 إلى 90 يومًا).

الإجراءات المقترحة هنا تأخذ بعين الإعتبار القرارات المالية والنقدية التي اعتمدها مجلس السياسة النقدية للبنك المركزي الموريتاني خلال جلستهالمنعقدةهذا اليوم) 25 مارس 2020 (، مع محاولة تكميلها.

وتتعلق هذه الإجراءات أساسا بالجوانب الميزانوية والتنظيمية، وهي كالتالي:

  • شراء الدولة، على الفور، لمخزون المواد الأساسية المتوفر محليًا بأكمله (سيتم الدفع بالأوقية وبهذا لن يكون لذلك تأثير مباشر على سعرصرفالأوقية مقابل العملات الصعبة(.
  • استيراد ما يكفي لمدة 9 إلى 12 شهرًا من المواد الأساسية (قمح، أرز،سكر،زيت،...إلخ.) على أن توزع مجانا على جميع الأسر، بغض النظر عن مستوىدخلها، من أجل التأكد من بقاء المواطنين في منازلهم، مع ضمان عدم تعرضهمللنقص الغذائي.
  • عقد اتفاقيات (أو الاستيلاء المؤقت إذا لزم الأمر) مع مصانع المنتوجات السمكية وسفن الصيد لضمان الحصول على التموين والمحافظة على مخزون السمك في المرافق الشاطئية (يكون المخزون ملكا للدولة ويوجه للتوزيع المجاني المستمر).
  • تعبئة قوات الأمن والدفاع وموظفي القطاع المدني المتفرغين (المدرسين وموظفي القطاع العام باستثناء الفرق الطبية والعاملين في الخدمات الأساسية) للإشراف والمشاركة في عمليات التوزيع.
  • تحديد الكميات الموزعة (الكمية الأسبوعية أو الشهرية)ووضعمعايير واضحة وشفافة لكل أسرة أو لكل فرد في عمر محدد بناءً على قاعدة بيانات الحالة المدنية البيوميترية (من الضروري تطوير تطبيق إلكتروني واقتناء بعض الأجهزة وهذا لا يتطلب وقتا طويلا وتكلفته بسيطة).
  • تتولى الدولة حصريا استيراد المواد الأساسية، عن طريق مؤسسة شبه عمومية تفسح المجال للخواص للمساهمة في رأس مالها إن أرادوا ذلك (على نموذجSONIMEX قبل أن يُلغى حكرها على استيراد المواد الأساسية).
  • حظر مؤقت لاستيراد المواد الصناعية غير الإنتاجية أو الضرورية: مثلالسيارات (باستثناء وسائل النقل الخاصة بالأمن والصحة)، والأجهزة المنزلية، وما إلى ذلك (إعدادلائحة شاملة للمواد التي سيتم مؤقتا توقيفاستيرادها).
  • استيراد أعلاف الماشيةلدعم المنمينوالحفاظ على الثروة الحيوانية التي بدأت تعاني من تأثير نقص الأمطار في بعض مناطق الوطن إن لم يكن في معظمها.
  • شراء المستلزمات الصحية من أجهزة وأدوية مع إصلاح المرافق الموجودةوتقديم علاوات استثنائية للطواقم الصحية.
  • توفير الماء والكهرباء مجانا للأسر ذات الدخل المتدني (يتم تحديد المستفيدين بناء على مستوى الاستهلاك الشهري للماء والكهرباء وليس حسب الموقع الجغرافي).
  • تعبئة شركات البناء والأشغال العامة الوطنية لإطلاق عملية استصلاح الأراضي الزراعية (المساحات المروية) وإنشاء نظام دعم وتحفيز لتوجيه أكبر عدد من الناسنحوالعملالزراعي.
  • دعم وتمويل أشغال التنقيب واستخراج الذهبالسطحي، مع تطوير تقنياتالاستخلاص من أجل الرفع من الاحتياطيات الوطنية من الذهب و / أو العملات الأجنبية.

تجدر الإشارة هنا إلىأن الإجراءات المذكورة أعلاه ليست مرتبة حسب الأولوية، فهي ليست إلا توجيهات غير شاملة والهدف منها إثراء النقاش حول الموضوعوقد يكون بعضها أو جلها قد تم اعتماده فعلا.

التمويل:

 

 

المصدر :معطيات الإدارة العامة للجمارك و ميناء نواكشوط المستقل

يقدر المبلغ المخصص مبدئيا لهذه الخطة بمليار دولار أمريكي توجهمنه400 - 300 مليون دولار لاقتناءالمنتجات الغذائية (للمقارنةراجع جدول الاستيرادللفترة 2016-2018) ويتم توزيع الباقي على الجوانب الأخرى، حسب توفر الموارد والإحتياج والأولوية.

ينبغي أن نأخذ في الاعتبار أن العائدات الجمركية والضريبية خلال هذه الفترة ستكونحتما أقل بكثير من توقعات قانون المالية الأولي لسنة2020. ولهذا يجب التركيز على البحث عن آليات تمويل بديلة مثل:

  •  خطوط تمويل الاستيراد (على المدى المتوسط) المتوفرة لدى البنوك والمؤسسات التنموية (300إلى400 مليون دولار) أو مصادر أخرى بما في ذلك القروض التجارية (حتى غير الميسرة).
  • إعادة تخصيص جزئي لنفقات تسيير الوزارات غير الأساسية أو الوزارات المتوقفة عن العمل خلال فترة الحجر الصحي (وزارة التعليم، على سبيل المثال).
  • إعادة تخصيص لما بين 400 إلى 500 مليون دولار من التمويلات الخارجية ذات الإتفاقيات السارية المفعول والتي لم تصرف بعد والمبرمجة أصلاً لمشاريع البنى التحتية (باستثناء ما يخص قطاع الصحة والمياه الصالحة للشرب والزراعة). ولتحقيق ذلك يجب الاستعجال في التواصل مع مختلف الشركاء الذين يُتوقع أن يتقبلوا الفكرة في ظل الأوضاع الإستثنائية الحالية.
  • اقتراضات من شركات الاتصالات التي تتوفر عادة علىفائض منالسيولة، ومن شركات النفط والمعادن الأجنبية (Tasiast،MCM،Kosmos،BP، إلخ) بقيمة 200 مليون دولار حيث أنها تستطيع الحصول على تمويلات ميسرة في إطار المحفزات التي تقدمها الآنبلدانها الأصلية.
  • تعبئة تمويلات خارجية إضافية من صناديقمكافحةCOVID-19 على مستوى مؤسسات التمويل المتعددة الأطراف، ومن الدول الشقيقة والصديقة كذلك.

المرحلة الثانية: التنشيط (بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، من 6 إلى 9 أشهر).

كما هو موضح أعلاه، فإن هذه المرحلة ليست هيالموضوع الرئيسيلهذه الورقة ولكن يمكن أن تكون موضوع ورقة لاحقة يتم تحريرها مستقبلاً بشكل مفصل. ولهذا سنقتصر هنا على ذكر بعض الاعتبارات العامة المتعلقة بمرحلةالتنشيط هذه.                                              سيتم تخصيص المبلغ المتبقي من المرحلة الأولى لدعم الموارد "الاعتيادية" في القطاعات ذات الأولوية، بما في ذلك قطاع الصحة والزراعة والمياه الصالحة للشرب والتعليم، -وبقدر محدود- البنى التحتية.

غالبا سيكون الوضع العالمي قد استقر خلال هذه الفترة، وستكون مؤشرات واضحة لاتجاهات الاقتصاد العالميقد بدأت تتجلى. ستكون الدول المتقدمة قد بدأت تنفيذ خطط إنعاشاقتصاداتها، مما سيسهل خلق وضع يتوفر فيه التمويل. كما سيكون قد أتيح للمؤسسات المتعددة الأطراف الوقت الكافي لوضع خطط إنعاش لدول العالم الثالث والتي يمكننا الاستفادة منها. معكل ذلك، يجب ألا نستبعد أن تستغرق عودة الأمور إلى وضع مستقر نسبياسنتين أو أزيد.

ينبغي إذاً وضع خطة مسهبةمتوسطة المدى لاقتصاد البلد قبل بداية هذه المرحلة، حيث يتم التركيز فيها على الاستقلال الغذائي، وخلق القيمة المضافة (من خلال دفع عجلة التصنيع) والإستثمار في الإنسانعن طريق اعتمادات مالية كبيرة لصالح الصحة والتعليموالبيئة مع الاستفادة من التقنياتالحديثة المتاحة حاليا.

في الأخير،تبين جميعالتحاليلوالمؤشراتأن العالم بعد هذه الأزمة سيكون مختلفًا عن العالم الذي عرفناه إلىالآن. لذلك ينبغي علينا الاستعداد للاستفادة التامة من الفرص الناشئة، لأن التاريخ أثبت أن مع الأزمات تأتي الفرص وهو ما يؤكده دينناالحنيف أيضاإذ تم ذكر تلازم اليسر مع العسر أكثر من مرة في القرآن الكريموالسنة النبوية.

بقلم : محيي الدين ولد سيدي بابا

* ترجمة للنسخة الأصلية المحررة باللغة الفرنسية ( انظر : Contribution à l’élaboration d'un Plan Economique National de riposte au COVID-19)

تصنيف: 

دخول المستخدم