مؤشر الإرهاب الدولي 2017: موريتانيا دائما نحو الأفضل ؛ لكن حذار.. حذار ! ⃰

لا شك أن  بلدانا عديدة  تعاني اليوم من ويلات الإرهاب كانت تحسد موريتانيا على ترتيبها الممتاز في تقرير مؤشر الإرهاب الدولي  لسنة 2016: "GTI 2016". ولا شك أنها ما زالت تحسدها لأن هذه هي السنة الثانية على التوالي التي يصنَّف فيها البلد ضمن الدول التي يعتبر الإرهاب فيها "بدون تأثير" حسب تقرير "GTI 2017".

GTI : ما الفائدة منه؟

وقد يتساءل البعض:  ما هو ال  "GTI " ؟ وما هي أهميته ؟

ال"GTI" هو اختصار مؤلف من الحروف الاولى لعبارة  "Global Terrorism Index" الانجليزية التي تعني : "مؤشر الإرهاب الدولي". وهو أداة قياس تقيِّم التهديد الإرهابي في جميع أنحاء العالم، وذلك عبر تصنيف سنوي للدول وفقا للنشاط الإرهابي الملاحظ على أراضيها.

وهذا المؤشر له مصداقية معترف بها دوليا وهو من إنتاج "معهد الاقتصاد والسلام"  (Institue for Economics and Peace (IEP الذي يشكل مؤسسة مستقلة مقرها في سيدني باستراليا. ويستخدم معايير قابلة للقياس بالأرقام يتم تحيينها وإحصاؤها كل سنة لتقييم وترتيب الدول حسب خطورة التهديدات الإرهابية التي عاشتها كل دولة في السنة المعنية.  وتتألف هذه المعايير من المعطيات التالية:

  • عدد الحوادث الإرهابية
  • عدد ضحايا الإرهاب
  • عدد الجرحى الناجمة إصابتهم عن الهجمات الإرهابية
  • تقييم الأضرار المادية الناجمة عن الحوادث الإرهابية

وقد تضمَّن الترتيب لهذا العام 163 دولة - كما هو الحال تقريبا في العام الماضي. ويتم ترتيب الدول حسب خطورة التهديدات التي تعرضت لها فعلا، وبعبارة أخرى: كلما كانت خطورة الحوادث الإرهابية وعواقبها شديدة، كلما احتل البلد مكانة متقدمة في الترتيب. فعلى سبيل المثال تحتل  العراق وأفغانستان ونيجيريا وسوريا وباكستان المراكز التالية على التوالي :  1؛ 2 ؛ 3؛ 4 و5.

... ثمرة لرؤية إستراتيجية وطنية طموحة

لقد عززت موريتانيا مكانتها في « GTI 2017 »  بين الدول التي "لم تتأثر" بالإرهاب من خلال تحسين مرتبتها ب 5 نقاط: فهي تحتل هذا العام الصف 130 في حين كانت في المرتبة 125 على مؤشر السنة الماضية؛ أي:  « GTI 2016 ». وقبل ذلك بسنتين  كانت ضمن الدول التي يعتبر الإرهاب فيها ذا أثر ضعيف أي : " lowest impact of terrorism"، حسب مواصفات التقرير؛ حيث احتلت المرتبة 107 عام 2015 وهي السنة التي بدأ المعهد فيها بإصدار ترتيب دقيق يصنف فيه كل دولة على حدة.

وهذه الوضعية الجيدة لموريتانيا - التي تتحسن باستمرار- إنما هي  ثمرة لرؤية إستراتيجية ثاقبة والتزام قوي بسياسة أمنية حازمة اعتمدتها قيادة البلد منذ نهاية العشرية الماضية فورما تولى ولد عبد العزيز زمام الأمور.وها نحن الآن نجني ثمار خياراته الصائبة من خلال الصورة الحسنة التي يقدمها عن بلادنا معهد "الاقتصاد والسلام" الذي يعتبر من أهم منتجي ومستخدمي المعطيات التي يتغذى عليها الفكر الاستراتيجي.

حجج ساطعة لإعطاء صورة صحيحة عن الأمن في البلاد

من المعروف اليوم أن الأمن عبارة عن مفهوم نسبي يتغذى على معطيات متعددة ومتنوعة، موضوعية وذاتية، قد تكون صحيحة وواقعية وقد تكون خيالية :  تهديدات حقيقية مؤكدة، شائعات بالخطر لا يمكن التحقق منها، تضليل...الخ

وللفصل بين الحقائق والأكاذيب، تشكل تقارير "مؤشر الإرهاب الدولي" أداة يوثق بها.. ومتعددة الاستعمال. فعلى سبيل المثال توفر تقارير مؤشر الإرهاب الدولي الأخيرة وما تعلق منها بموريتانيا حججا قوية يمكن استخدامها من قبل الأجانب ومنظمي الرحلات السياحية ومحبي الصحراء، الذين يرغبون في اكتشاف وعبور موريتانيا وإعادة السواح الغربيين لها.

فسيجد فيها مثلا السيد موريس فريند (Maurice Freund) وزملاؤه من " رؤية للعالم" «Vision du monde»  أو "نقطة- افريقيا- اسفار«Point-Afrique-Voyages»  أو غيرهم... براهين إضافية لإقناع وتشجيع أولئك الذين قد يترددون بسبب خوفهم من الإرهاب في الانضمام إلى مشروعهم المسمَّى"الرحلات الجوية إلى أطار" ( Vols pour Atar). وينطبق نفس الشيء على العاملين الوطنيين في مجال السياحة الذين  ينبغي أن يساهموا في نجاح هذا المشروع لأنه من المتوقع أن يساعد في المستقبل القريب على جذب سياح قادمين من شتى الأماكن ونحو مناطق أخرى من البلاد.

وبشكل عام، يجب على السلطات الموريتانية ، السياسية والإدارية والعسكرية، من جانبها، أن تستخدم هذا النوع من التقارير لمكافحة التصورات الخاطئة لدى الكثير من الناس خارج الوطن، شعوبا وحكومات، بخصوص التهديد الإرهابي في بلدنا. وقد التزم بحزم بعض أعضاء الحكومة، مثل وزير الخارجية الحالي، بذلك من خلال استخدامه المتكرر في خرجاته الإعلامية  لمعطيات "مؤشر الإرهاب الدولي" كلما أتيحت له الفرصة.

... مجهود إعلامي  أفضل..  ودرجة عالية من اليقظة على الدوام...

على الرغم من العمل الفعال والجدير بالثناء الذي يقوم به الوزير إسلكُ ولد أحمد إزيد بيه وكل من يتصرفون مثله بغية "تسويق" جيد لبلادنا ولأمنها، فلا يزال يتعين علينا بذل مجهود أكبر في مجال الاتصال؛ حيث أننا نعاني من عجز هائل في هذا الميدان على الرغم من وجود مواد جيدة جدا بما في ذلك التقارير الأخيرة الصادرة عن "معهد الاقتصاد والسلام". وينبغي أن نعتز بهذه التقارير؛ إذ تشهد على نجاعة رؤيتنا الإستراتيجية الوطنية التي أثبتت جدارتها فيما يتعلق بتوفير الأمن داخل الوطن. أما خارجيا فينبغي لنا أن نقوم بالتعريف بهذه الإستراتيجية وبنتائجها على مستوى العالم، حيثما دعت الحاجة، وخاصة في العالم الغربي.. حيث نشاهد من حين لآخر إطلالات إعلامية مشوِّهة للحقائق يستهدف أصحابها -عن قصد أو غير قصد-  "البلدان الضعيفة". ونعني هنا ب"الضعيفة" الدول المقصِّرة في مجال المعترك الإعلامي.

وينبغي لبلادنا أن لا تقع في هذا الفخ، مما يقتضي منها أن توظف كل الوسائل المتوفرة بغية إعطاء صورة سليمة عن الوضع الأمني في البلد. وبصورة خاصة يجب أن تستغل كما ينبغي التقريرين الآخرين الصادرين عن مركز السلام  والاقتصاد : مؤشري الإرهاب الدولي لسنة 2016 ولسنة 2017.

ومع ذلك، فإن أي اتصال سياسي أو عسكري مهما كان جيدا ومطمئنا، يجب ألا ينسينا بأن ما يعرف بالتهديدات "غير النمطية" حاضرة في كل مكان وأنه من المستحيل التنبؤ بها في أكثر الحالات. الأمر الذي يتطلب منا أن نبقى على درجة عالية من اليقظة وبشكل مستمر ضد الإرهاب بصورة خاصة؛ وأن يبقى شعارنا دائما هنا هو: الحذر.. الحذر.. الحذر!

البخاري محمد مؤمل

رئيس مركز أم التونسي للدراسات الاستراتيجية (COTES)

-----------------------------

مترجم عن الفرنسية من طرف : السيدة فاطمة بوننه

fatimetou.bounenna@gmail.com

للاطلاع على النص الفرنسي اضغط : هنا

تصنيف: 

دخول المستخدم