في أول عملية صيد بري، خطيرة، أقوم بها، قتلتُ أسدا بضربة خنجر قاضية؛ ففزعتْ قطعان الوحوش الضارية التي كانت تتجمهر حوله: تناجيه، تتسابق في خدمته واجلاله... فرَّتْ كلها بعيدا عن ساحة المعركة، هاربةً ذليلةً.
ثم سرعان ما تغير الموقف. رجع قوم المهزوم وبدأوا يلعقون دم الأسد الميت، ويتنافسون على التقرب مني، واصواتهم تعلو، تصدح بمدحي، وجميعهم يصرخون بقوة حناجرهم، ذمًا وشتما للضحية:
" أنت قائدنا العظيم المُفدَّى، ندعمك ونفديك بدمنا ومالنا... نحن مدينون لك لأنك خلصتنا من هذا الطاغية المجرم. أهاننا واهلك الحرث والنسل."
تظاهرتُ بالاستماع الجدي لهم والاستجابة لما يقولون وتقديره. بينما كنتُ استمتع بالمشهد واخجل منه في نفس الوقت، وأنا اكرر ما يدور في خاطري دون أن أبوح به علانيةً:
" أنا لستُ بطلا... وهذه الوحوش لن تخذلني، فهم منافقون، لا يعول عليهم".
ثم تداركتُ وتضرعتُ، خفية، إلى ربي، قائلا:
"سوف استخدمهم مع علمي ويقيني أنهم يحاولون خديعتي، وسيكيدون لي كيدا، كما خدعوا هذا الأسد المسكين من قبلي وغيره من قادة القطيع. وكما سيفعلون مع من سيأتي من بعدي. فعسى ربي أن يجيرني مكرهم ".
(يتواصل).
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: