كورونا يحاصرنا من جميع الجهات: التفعيل الفعال والكلي للمواد الدستورية (39)، (71) و(34).

أعلن في مالي منذ ساعات عن حالتين من الإصابة بمرض كوفيد-19. والمعنيان هما امرأة ورجل قدما من فرنسا يومي 12 و 16 مارس 2020، يعتقد أنهما جلبا المرض معهما من أوروبا.

إلا أن وزير الصحة المالي قد صرح قبل الكشف عن الحالتين بيومين أو ثلاثة، أنه متأكد من وجود الفيروس داخل مالي لكن "حامليه لا تظهر عليهم أعراض المرض" حسب قوله. وجاء حديثه على اثر زيارة تفتيشية قام بها للمعابر الحدودية لبلاده تأكد من خلالها أن عملية اغلاق الحدود لا تتم بالشكل المرضي، قائلا "أن المعابر عبارة عن مصاف يمر منها الكثير من الناس، وخاصة من جهة بوركينا فاسو".. التي أعلن فيها عن أكثر من مائة إصابة بفيروس كورونا.. وذكرت انباء أن الرئيس روش مارك كريستيان كابوري ضمن المصابين؛ خبر تضاربت المصادرحول صحته بين قائل به وناف له.  

وهذه التطورات الأخيرة، التي تؤكد دخول المرض في مالي، تزيد من الخطر بالنسبة لموريتانيا: الوباء  طال جميع الدول المجاورة لنا.. كما أنه متنشر بدرجة مأساوية ومرعبة في الدول الواقعة على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي الذي يحد بلادنا من الغرب.

 وكمسايرة لهذا الوضع المخيف، فإن تفعيل المواد الدستورية (39)[i]، (34)[ii] و(71)[iii]  يفرض نفسه. الأمر الذي بدأ العمل به فعليا منذ فترة.

(انظر: "كورونافيروس في السنغال: موريتانيا مهددة كثيرا.. وترقب لقرارات قوية جديدة يتخذها الرئيس غزواني..").

 والآن، وكما أشرنا إلى ذلك سابقا، فالتصدي للتحدي لا يستدعي السير قدما في نفس التوجه فحسب، بل أنه يتطلب أيضا إجراءات جذرية إضافية يظل التركيز فيها يتمحور حول التشديد على عوامل الوقاية وعلى التأهب من الناحية الطبية لمواجهة الوباء عبر توفير أكبر قدر ممكن من وسائل الكشف ووسائل العلاج.  كما أنه يقتضي الإعلان عن إجراءات اقتصادية قوية تضمن تموين السوق بالمواد الأساسية وتقديم العون والدعم لذوي الدخل الضعيف، خاصة المتضررين من عملية حظر التجول.

ومن الضروري أيضا معالجة الآثار السلبية للمحنة على نظامنا التعليمي وعلى سير السنة الدراسة الجارية الذي بدأ يتضرر بدرجة مقلقة. وعلى نفس المنوال يجب التفكير فورا في حلول تستهدف المؤسسات والفاعلين الاقتصاديين عبر إعلان سياسة ضريبة مؤاتية وكذلك دعم مالي حسب الظروف والإمكانيات.

وإضافة لكل هذا، وبالنسبة لجميع السكان والقاطنين في البلد، فمن اللازم ضمان توفير الخدمات الأساسية المتعلقة ب: الماء - الكهرباء – الاتصالات الهاتفية- الأنترنيت، بما في ذلك التعليق المؤقت لدفع فواتيرها. كما يجب إلزام البنوك التجارية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير السيولة عن طريق الخدمات المصرفية الآلية بشكل دائم وصحي يحول دون اختلاط الناس : مضاعفة الصرافات الآلية ووضع عمال عند ابوابها يسهرون على المسافات الواقية بين الزبناء خلال انتظارهم داخل الصفوف أمام الصراف الآلي ويقومون بتعقيم وتطهير لوحة المفاتيح بعد مرور كل زبون.

ومن جهة أخرى فإن الموريتانيين معتزون بالأنباء التي ترد من وقت لآخر حول التبرعات المالية والمادية التي يقال أن رجال أعمال ومؤسسات خصوصية ومواطنين قدموها للدولة كمساهمة منهم  في المجهودات المبذولة لرفع تحدي كورونا فيروس. ونلاحظ تداول الناس على نطاق واسع لتلك الانباء عبر شبكات التواصل الاجتماعي مرفوقة بملاحظات كثيرة يطبعها الرضا والإعجاب بشكل عام، ولو كانت لا تخلو أحيانا من تساولات وتشكيك وحتى استياء في حالات نادرة.

وفعلا، مواجهة المحنة تتطلب منا جميعا، كل فاعل من موقعه، أن نقدم ما استطعنا من عون في هذا السبيل. ونرى أنه من اللازم في هذا الصدد القيام بحملات تعبوية وتحسيسية تدعو إلى التطوع والتبرع والتضحية. وحتى يكون هذا الجهد مثمرا حقا، فينبغى أن يرافق القفزة الوطنية المطلوبة إنشاء هيئات وأطر تنظيمية تعزز وتواكب وتؤطر الاستجابات الإيجابية الواسعة المنتظرة.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

 

[i]  "كورونافيروس في السنغال: موريتانيا مهددة كثيرا.. وترقب لقرارات قوية جديدة يتخذها الرئيس غزواني.."

[ii]  المرجع السابق.

[iii] المادة 71: الأحكام العرفية وحالة الطوارئ يقرها رئيس الجمهورية لمدة أقصاها ثلاثون (30) يوما. للبرلمان أن يمدد هذه الفترة. وفي هذه الحالة يجتمع البرلمان وجوبا إذا لم يكن في دورة. يحدد القانون السلطات الاستثنائية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية بمقتضي الأحكام العرفية وحالة الطوارئ.

 

 

تصنيف: 

دخول المستخدم