غير مسبوق : وثيقة عسكرية صادرة من قائد ميداني أممي حول الكتيبة الموريتانية في وسط إفريقيا ǃ

حصلت موريتانيا المعلومة منذ يومين على وثيقة عسكرية في غاية الأهمية صادرة عن ضابط برتبة عقيد في قوة حفظ السلام الأممية بجمهورية وسط إفريقيا.. وكان هذا القائد على اتصال وظيفي، وثيق ومباشر، بالكتيبة الموريتانية المشاركة في تلك القوة.

ويتعلق الأمر بالعقيد سمى آنكوك بيير (SEME ANONG  Pierre) قائد القطاع العسكري في بامباري (وسط إفريقيا) الذي تتبع له الكتيبة الموريتانية ضمن قوات  من دول أخرى.

 وخطاب العقيد سمى آنكوك بيير موجه إلى الجنرال  الذي يقود القوة الدولية وهو حول "تقييم القدرات العملياتية للوحدات المشاركة من مختلف الدول"، حسب تعبير العقيد.

وهذا التقرير محرر باللغة الفرنسية وقد سبق لنا ان نشرنا امس في موريتانيا المعلومة الناطقة بالفرنسية جزءه الخاص بالكتيبة الموريتانية مسبوقا بهدف التقرير الرئيسي كما كتبه صاحبه. والآن فإننا ننشر تلك المقاطع بالعربية  فيما يلي :

"احتراماتي، سيادة الجنرال

(...) إدراكا مني للتحديات الاستراتيجية التي تواجه مستقبل مدينة بمباري، والتي أصبحت منذ بضعة أشهر النقطة المركزية للمسار التجريبي الهادف إلى تهدئة الوضع في جمهورية وسط إفريقيا من خلال التنمية، فكان من واجبي بعد المكتسبات الكبيرة التي حققتها البعثة الأممية في هذه المنطقة على المستوى الأمني إعداد تقييم لقدرات القوات الصديقة المتواجدة بها لتمكينكم من مواصلة الاستفادة القصوى منها.

وهنا اسمحوا لي لأعرض بوضوح ودون تردد الإمكانات المتاحة والنواقص المسجلة على الوحدات التي رافقتني خلال جميع مراحل العمل المنجز الذي جعل من بمباري "مدينة بدون جماعات مسلحة " وهذا التقييم الموجز جدا ولذي لا يلزم أحدا غيري سيعرض للقيمة العسكرية لكل وحدة من الوحدات على حدة وذلك على أساس معاير تقييم شخصية وبصرف النظر عن آراء السكان المحليين التي تفتقر للكثير من الموضوعية بحكم مواقف مختلف العشائر ودوافعها (...).

-1 الكتيبة الموريتانية

هي الوحدة الأم التي تحتضن اليوم أكثر من أي وقت مضى غالبية القوى العاملة في قطاع مسؤوليتنا.. و بذلك فلها الفضل في استقطاب جل اهتمام القوة الأممية من خلال سعيها لمراقبة المحيط الأمني على امتداد المنطقة الشاسعة التي تشكل قطاع مسؤولية هذه الوحدة والتي أصبحت تغطي قطاع مراقبة القوة نظرا لسعة انتشار قواعدها العملياتية (مراكز دائمة ومراكز مؤقتة).

وهذه الوحدة منضبطة ومسيطر عليها جيدا.. ويرى عدد كبير من المراقبين ومتتبعي الشأن من مدنيين موضوعيين أنه منذ وصول الكتيبة الموريتانية الثانية لحفظ النظام شهد الوضع تحسنا لافتا.

 ويستند هذا الحكم على حيثيات ووقائع مؤصلة يقر بها الجميع نظرا للسلوك المثالي لهذه القوات التي تبقى داخل ثكناتها عند ما لا تكون في الخدمة، مما يجنبها كل ممارسة أو تجاوز مشين يستدعي محاسبة أو عقوبة. أما على المستوى العملياتي، فإن كفاءة الوحدة الموريتانية على الصمود في بمباري وكل التجمعات والأماكن الأخرى التي تتواجد فيها قواعدها معروفة لدى الجميع.

وقد كان لتصدي هذه الوحدة ببسالة - بمختلف تشكيلاتها التي رافقت قوافلنا بين شهري مايو وسبتمبر  2017 - لجميع الهجمات الدور الكبير في تعزيز جسارة هؤلاء المقاتلين حتى أصبحوا يشكلون مصدر خوف للجماعات المسلحة التي تنشط في المنطقة.

وقد مكنت صلابة هؤلاء الرجال مرات عديدة من تنفيذ مهام حيوية في ظروف صعبة تكاد تكون مستحيلة.. مما يستدعي التنويه والإشادة بهذه الأعمال البطولية خصوصا في محيط لم يكن ليعترف بمزايا هؤلاء الجنود الذين ظلوا دوما أوفياء لأداء واجبهم في الخدمة فحسب.

وعلاوة على كل ذلك فبإمكان السلطات العليا في البعثة تقدير ظروف الاستقبال والضيافة الكريمة التي توفرها هذه الوحدة للوفود الأممية وحتى الحكومية المتعددة التي حلت ببامباري وحظيت بخدماتها الممتازة.

ولتمتعها بقدرات لوجستيكية هامة ومتنوعة، تعتبر الكتيبة الموريتانية واحدة من الوحدات القليلة المشكلة للمسرح القادرة على التدخل الفوري ليلا ونهارا وبكفاءة عالية.

ورغم هشاشة منشآت التحصين وانعدام أي جدار حماية حول الثكنة، فقد تمكنت الكتيبة الموريتانية من سد هذا الخلل الخطير من خلال نشر منظومة دفاعية تعمل دون انقطاع على امتداد الردم الواقي وعززتها مؤخرا بكواشف ضوئية ذات طاقة عالية.

ودائما في إطار حديثي عن مواطن الضعف، وكما تم التعرض له آنفا، فلا يكن بعض السكان المدنيين المحليين وخاصة سكان الحي المسيحي (كيدجيرا) الكثير من الود للتشكيل الموريتاني مع أن هذا التوجه أصبح في تراجع ملحوظ.

وليست حالة الرفض هذه موجهة ضد الكتيبة الموريتانية لذاتها بل تعاني منها القوات ذات الديانة المسيحية في مناطق السكان المسلمين الذين يتهمونها بكل سوء تبريرا لحقدهم ورفضهم لها.

ومع ذلك فعلينا أن نعترف اليوم أن الكتيبة الموريتانية باتباعها مقاربة جديدة بدأت تحدث تغيرا إيجابيا عميقا في هذه النظرة بفضل حيادها وتقديمها للخدمات والمساعدات بكل تجرد لكافة مكونات المجتمع دون تمييز.

وقد بدأت هذه الاستراتيجية تؤتي أكلها حيث ظهر تقارب واتصال جديد بين قائد الكتيبة الموريتانية مع بعض القادة المسيحين المتطرفين الذين كانوا يتهمون القوات الموريتانية بالميل للسكان المسلمين."

وتعليقا علي هذا التقرير.. وخلاصة لما ورد فيه.. فإننا نؤكد على أنه : 

 لما يكون الجنود الموريتانيون سفراء جيدون لبلادهم... قول لهم "برافو عليكم" قليل في حقهم، حسب قائدهم الميداني من قوات الامم المتحدة العقيد SEME ANONG Pierre الذي نختتم هذه الورقة مذكرين بأهم ما كتبه في هذا الشأن : 

" وقد مكنت صلابة هؤلاء الرجال مرات عديدة من تنفيذ مهام حيوية في ظروف صعبة تكاد تكون مستحيلة.. مما يستدعي التنويه والإشادة بهذه الأعمال البطولية خصوصا في محيط لم يكن ليعترف بمزايا هؤلاء الجنود الذين ظلوا دوما أوفياء لأداء واجبهم في الخدمة فحسب."

البخاري محمد مؤمل

تصنيف: 

دخول المستخدم