ضد ولد بوعماتو.. أم ضد السرطان؟

يكثر الحديث في هذه الفترة عن رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو وعن علاقاته السيئة مع الدولة. وكل ما يصدر عن أحد الطرفين له علاقة من بعيد أو قريب بإي منهما يتم إدراجه في إطار هذا الصراع الذي يتخذ مظاهر مختلفة ومتنوعة: قضائية، إعلامية، سياسية.. حتى وإن كان الموضوع المطروح- أو القضية- قد يكتسي طابعا مغايرا.

فعلى سبيل المثال : من  المعروف اليوم أن من بين النشاطات التي سمحت لولد بوعماتو ببناء ثروته الهائلة – فتبارك الله أحسن الخالقين على  أموال المسلمين  - تأتي المتاجرة ببضاعة تشكل أحد الأسباب الرئيسية لسرطان  الرئة ولسرطان الحنجرة في العالم : حاز ولد بوعماتو  منذ عهد الرئيس السابق معاوية ولد الطايع على التمثيل لسجائر مارلبورو في موريتانيا ليصبح موزعها الوحيد في الوطن ومُصدِّرها من البلد إلى مناطق أخرى، حيث تباع عندنا علبة مارلبورو بثمن رخيص جدا مقارنة بمناطق أخرى بما فيها الدول المجاورة.. ناهيك عن الدول الغربية حيث الرسوم الجمركية والضرائب الجبائية على السجارة مرتفعة جدا مما أدى بصناعة السجائر إلى التوجه إلى بلدان أخرى  لنشر سمومها التجارية ونيل ارباح كبيرة.

 وهكذا وقع محمد ولد بوعماتو ووطنه معه في مصيدة السيد فيليب موريس صاحب مالبورو. ولم يثر الأمر حينها ولا بعد ذلك استياء السياسيين الموريتانيين: لا في المولاة ولا في المعارضة سواء المعارضة المحاورة أو المعارضة المقاطعة للنظام.  

بل يبدو أن الجميع متآمرون بصمتهم.. وهذا ما ترك السوق مفتوحا على مصراعيه أمام مارلبورو دون أدنى حرج.. رغم محاولات خجولة قيم بها في السابق بغية سن قوانين كان يراد من ورائها الحد من انتشار التدخين في البلد. إلا أن لوبيات السجائر وحلفاءهم عطلوا المشروع بسرعة وبفعالية وهو في مراحله الأولى. ولا يُستغرب أن تكون عمليات رشوة وراء تعطيله السريع ورميه بسهولة منقطعة النظير ليس فقط في سلة المهملات فحسب - بل في سجل المنسيات أيضا.

ومن دواعي الاستغراب أيضا أن السياسيين جميعهم تمادوا مع مستوردي عوامل سرطان الرئة وسرطان الحنجرة في محاولة هؤلاء إخفاء عمليتهم وتحويل الأنظار عنها إلى جهة أخرى يظهرون من ورائها وكأنهم صانعو خير. وهذا هو سر المناورة الماكرة التي حاكها ونفذها بنجاح فيليب موريس لما قام بتمويل مستشفى أمراض العيون في نواكشوط الذي يعمل تحت غطاء " هيئة بعماتو الخيرية".

 لقد كان أجدر بالرجلين - إن هما فعلا يريدان خيرا لهذا البد ولصحة مواطنيه - أن يتوقفا فورا عن نشر سرطان الرئة وسرطان الحنجرة وأن يستثمرا أولا وقبل كل في علاج الأمراض التي تؤديها سجائر مالبورو التي يوزعان بكثرة وعلى نطاق واسع في موريتانيا وفي غيرها من بلدان الساحل.

ويتردد خبر منذ أيام قليلة مفاده أن بعض محلات مارلبورو التابعة لهما في نواكشوط تم إغلاقها. وقد رأى بعض الناس في هذا الأمر إجراء يراد منه الإضرار برجل الأعمال ولد بوعماتو ومضايقته..  حيث ربطوه بملف الخلاف العميق بينه مع الدولة. وقد يكون لتعليلهم نسبة من الصواب - الله تعالى أدرى بمقدارها من الصحة...

أما نحن، فإننا نرى أن كل ما من شأنه أن يحد من نشر السجائر في البلد يشكل خطوة ميمونة على سبيل محاربة سرطان الرئة وسرطان الحنجرة ومحاربة الأمراض المتعلقة بالتدخين بشكل عام. وعليه فإننا نحيي إغلاق محلات بيع مارلبورو وندعمه تماما بغض النظر عن مالك تلك المحلات وعن علاقته بالنظام الحاكم. ونرجو أن يكون هذا الخبر بادرة لعهد جديد يأذن برسم وإتباع إستراتيجية  شاملة لمحاربة التدخين وتناول التبغ.

البخاري محمد مؤمل         

   

تصنيف: 

دخول المستخدم