صوفي: أو المتصوف الذي كان يرعب أعداءه للكاتب أبراهيم ولد بكار ولد أصنيبه

سيرة حياة ولي صوفي  فى هيئة أغية ملحمية

فى الثامن من شهر مايو 2016 بقاعة الاجتماعات بمطعم Délices تم حفل توقيع كتاب بعنوان: صوفي؛ أو المتصوف الذي كان يرعب أعداءه للكاتب أبراهيم ولد بكار ولد أصنيبه، من إصدار دار ثالة بالجزائر. تم تنظيم التظاهرة من طرف رابطة الكتاب الموريتانيين باللغة الفرنسية (AEMEF)  وقد كانت مناسبة للعديد من الأساتذة والنقاد للكلام حول قراءتهم للكتاب مثمنين مقدرة كاتبه.

أول المتحدثين كان الدكتور أمبو ستا جاغانا أستاذ الأدب الموريتاني باللغة الفرنسية فى جامعة أنواكشوط الذي قال أن إصدار رواية صوفي؛ أو المتصوف الذي كان يرعب أعداءه بالتوامن مع الجائزة التي حازها مؤخرا الكاتب أمبارك ولد بيروك وكذلك نشر كتاب مختارات (أنتولوجيا) من الأدب الموريتاني الفرانكفوني، يؤكد على ديناميكية الأدب الموريتاني الناطق باللغة الفرنسية.

كما أن رواية ابراهيم ولد بكار هي أيضا وثيقة تتداخل فيها فنون واختصاصات متعددة تطل بنا على التاريخ والعلوم السياسية وعلم الاجتماع، خاصة فى الفترة التى كانت فيها إفريقيا تئن تحت وطأة الاستعمار وحيث كان الترهيب منهجا فى الحكم. ومع ذلك فقد وقف بطل هذه الرواية فى وجه المحتل دون الخروج على سلطة الحاكم كما يأمره الشرع بذلك مؤكدا بذلك استعداده للحلول المشرفة ورفضه للاستكانة والتواطئي المذل.

وخلُص الأستاذ جاغانا إلى أن كتاب: صوفي؛ أو المتصوف الذي كان يرعب أعداءه تشكل وثيقة سياسية دينية وأدبية تتيح لنا قراءة لوحات ومشاهد متعددة لحياتنا. وفى نفس السياق فإن الرواية تمثل كتابا ينبض بحالية الواقع المعيش لأن التصوف الذي يقدمه لنا الكتاب هو أيضا طوق نجاة ضد التطرف الديني وعدم التسامح والتشدد والإقصاء.

ثم تحدث من بعده الأستاذ إدوم ولد محمد الأمين قائلا بأن كتاب ولد بكار هو رواية مذهلة حقا من حيث الموضوع ومن حيث الأسلوب. ففي الوقت الذي يروى فيه القصة الحقيقية لمتصوف إفريقي يواجه الإدارة الاستعمارية الفرنسية في بداية القرن الماضي بأسلوب روائي، وهذا موضوع جديد في حد ذاته في الأدب الموريتاني، فإنه يحكيها بأسلوب ونفس مشحون بمعاني الصولات القتالية التي نلمسها فى السرد الحربي. وقد جعل الكاتب من هذا المزج الطريف إبداعا فريدا عندما رسم بدقة متناهية مجموعة  portraits  الرسومات لشخصيات تنتمي إلى عالمي المسجد والثكنة العسكرية فجاءت المحصلة ضربا من "حياة الأولياء والصالحين" فى القرن العشرين أقرب ما تكون " للأنشودة الملحمية" . تحمل الرواية وتأسر قارئها منذ الصفحات الأولى في شيء من التشويق الأخَّاذ الذي يزيد القارئ أسرا كلما أخذه الكاتب فى جولة يكشف من خلالها الستار عن بعض من فصول تاريخ بلاد البيظان ويصف خلالها أخلاق سكانها أو يحكي بعض الطرائف التي يزخر بها موروثها الشفهي الغني والمتنوع.

إنها قصة جميلة يقول الأستاذ إدوم جمعت بين البعدين التصوفي والقتالي. قصة لا تخلو للأسف من بعض الهنات العديدة في النص غير أنها مع ذلك هنات لا تنقِّص من متعة القراءة ولا من القيمة الأدبية للكتاب.

ثم تناول الكلام من بعدهما الأستاذ با خالدو قائلا إن رواية إبراهيم ولد بكار ولد أصنيبه تدعو إلى التأمل في التصوف وفى المواقف المتباينة حوله في إفريقيا الغربية الفرنسية كما يمكن فهمها أيضا، أي الرواية، على أنها مناصرة حقيقية لتنوع واحترام الخصوصيات الدينية، يبدو أن الكاتب أراد ــ وهو يتجنب الحديث عن واقعنا الحالي والحداثي من خلال اختياره لحماه الرحمان بطلا لروايته وهو الشخصية التي ترمز للبراءة الآسرة ــ أن يهمس في آذاننا بأن الفوارق حتى وإن كانت دينية لا ينبغي أن تكون مبررا لجور الإنسان على أخيه الإنسان، ومثلما تكبر الأمواج وتأخذ مداها كلما اقتربت من الشاطئ فإن شخصية حماه الرحمان تعظم وتأخذ مداها عبر الصفحات قبل أن تفرض نفسها على الجميع "قطبا للأزمان".  

تصنيف: 

دخول المستخدم