طرأت على الاتحاد من أجل الجمهورية الأيام الأخيرة نازلة ( النازلة هي الأمر الطارئ الذى لا يعرف الناس له مثيلا) تمثلت فى الاجتماع الاستعجالي للجنة التسيير المؤقتة برئاسة رئيس الجمهورية السابق و -ما هو بعضو باللجنة- و ما تسرب عن الاجتماع و ما تبعه من قرارات و "تسخينات" و استفزازات و إيحاءات و بريد مشفر و غير مشفر،..
و لقد تمايز الرأي العام المنتسب للاتحاد من أجل الجمهورية و أحزاب الأغلبية الرئاسية بخصوص هذه النازلة حيث صدعت الغالبية الغالبة باستغرابها لشكل و مجريات و مضامين و مخرجات الاجتماع فى حين صمتت ثلة قليلة منها من سكت حيرة و منها من خُتِمَ على لسانه لأسباب وجب السكوت عنها،..
و سعيا إلى "إنارة الشارع العام" حول الموقف الأنسب و القراءة السليمة لهذه النازلة التى "أَلَمَّتْ"بالاتحاد من أجل الجمهورية أسجل الهوامش -التوصيات التالية:
أولا-ضرورة التمسك بالاتحاد من أجل الجمهورية و الحفاظ على وحدته و انسجامه:فمن غير الأنيق سياسيا و لا اللائق أخلاقيا بل هو أقرب إلى خوارم المروءة -أن يُبَدلَ "أهل الموالاة"حزبهم كلما خرج رئيس من كرسي الحكم و دخل آخر ما لم تُلًْجِئْ إلى ذلك ظروف قاهرة جدا يستحيل ابتلاعها .
و عليه فإن كافة منتسبى الاتحاد من أجل الجمهورية مطالبون بالعض بالنواجذ على الحزب اتقاء لشبهة "الترحال السياسي"سيئة الذكر و التسلح بما يتطلبه ذلك من التسيير الحكيم لتباين الرؤى و الآراء و الأمزجة،..
و تتأكد الحاجة إلى رص صفوف الحزب و الابتعاد عن مواطن الاختلاف و التجاذب إذا استحضرنا أن الهيآت القيادية للحزب غائبة بفعل تعليق أعمال مؤتمر الحزب منذ مارس 2019 و أن لجنة التسيير المؤقتة مكلفة فقط "بتصريف الشؤون الجارية".
ثانيا-وجاهة حسم علاقة رؤساء الجمهورية الممارسين بالأحزاب الحاكمة :بما أن الدستور الموريتاني يُحَرِّمُ على رئيس الجمهورية عضوية الهيآت القيادية و يُحِلُّ له فى نفس الوقت الانتساب لهيآتها القاعدية فهو "منتسب من عيار كبير"،منتسب تفضيلي و بعبارة أخرى هو "منتسب مرجعي"بمعنى أنه يُرْجَعُ و يُلْجَأُ إليه فى القضايا الكبرى توجيها و القضايا الخلافية توفيقا و تحكيما ذلكم هو محتوى المصطلح ذائع الانتشار هذه الأيام "مرجعية الحزب"؛
و تأسيسا عليه يتضح أن كل رئيس جمهورية ممارس منتسب إلى حزب حاكم هو "منتسب مرجعي"يرجع و يلجأ إليه و من ذلك يستنتج أن الرئيس محمد ولد الغزواني هو المنتسب المرجعي الحصري"بالاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم خلال هذه الخمسية التى انتخبه الشعب الموريتاني طيلتها رئيسا للبلد؛
ثالثا- توضيح علاقة رؤساء الجمهورية السابقين بالأحزاب السياسية: أعتقد أن روح الدستور الموريتاني الذى حدد سقف المأموريات الرئاسية بمأموريتين (عشر سنوات) يفهم منها أن رؤساء الجمهورية الذين أكملوا مأموريتين من الأنسب لهم عدم ممارسة العمل السياسي فى الهيآت القيادية للأحزاب .
و تتأكد مناسبية عدم ممارسة رؤساء الجمهورية السابقين الذين أكملوا المأموريتين للعمل الحزبي القيادي إذا علمنا أن الغرض الرئيس من العمل الحزبي عموما هو الوصول إلى السلطة و هم قد استوْفَوْا السقف المسموح لهم به دستوريا من ممارسة رأس السلطة.
و استخلاصا لدروس النازلة الحالية فقد يكون مناسبا التفكير مستقبلا فى تعديل دستوري من ثلاثة مواد أولها تشددُ تشديدا إضافيا على الاستحالة المطلقة المغلظة للمساس من سقف المأموريتين حتى يسد باب "فضيحة المطالبات بمأموريات ثالثة" و ثانيها تبين الاستحالة الأبدية للترشح الرئاسي- و لو بعد فاصل من المأموريات- لمن استوفى مأموريتين ثالثها تحرم انتماء الرؤساء السابقين للهيآت القيادية للأحزاب السياسية و قد سبقنا الشعب النيجري منذ أسابيع لتعديل من هذا القبيل.
كما يستحسن استحداث منصب استشاري مدى الحياة للرؤساء السابقين المنتخبين انتخابا سليما من قبيل عضوية المجلس الدستوري أو أي منصب آخر يكفل لهم الاستقلالية المالية و يؤمنهم من "الفراغ الذى هو وسواس ".
تلكم هوامش-توصيات أحسب أنها يمكن أن تشكل قاسما مشتركا بين كل المنتسبين للاتحاد من أجل الجمهورية بما يحافظ على وحدته و انسجامه و قدرته على استيعاب كافة الفعاليات الحزبية و غير الحزبية التى التفت حول المشروع المجتمعي و البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الأمر الذى من شأنه أن يمكن الحزب خلال الخمسية الرئاسية من الاضطلاع بدور مشهود فى إعادة تأسيس العمل السياسي الموريتاني وفق قواعد "التنافس الإيجابي" و الاعتراف و الاحترام المتبادلين بين المعارضة و الموالاة و اجتناب التأزيم بلا سبب،
بقلم : المختار ولد داهي
تصنيف: